الجمعة 26 ابريل 2024

الاغتصاب الزوجي.. "عركة فى خمارة"

مقالات20-6-2021 | 11:48

  عادة ما تطلق عبارة "عركة فى خمارة" على أى نزاع يقع بين مجموعة من فاقدى العقل والمنطق على مسألة وصفها كل فريق وفق هواه وأغراضه.. هكذا بالضبط يمكن وصف تلك المعركة بين فريقين يجمعهما شيء واحد وهو "التطرف" والرغبة فى إنتاج متطرفين يسومون أسمى علاقة فى طابور العلاقات الإنسانية وهى "الزواج" - ذلك الميثاق الغليظ كما وصف اللطيف الخبير- سوء العذاب.

 

لكن رويدا ما القصة..لماذا بات اليوم من السهل فى حياتنا خلط المفاهيم وتشويه الطرق المستوية الموصلة إلى هدف بأخرى ملتوية تعصف بثوابت وحلول ارتضاه البشر وخالق البشر لنا منذ قرون طويلة.

وهنا ودائما يكون الخلط مبنيا على اللعب بالعواطف وسرد بعض النماذج الشاذة المستنكرة من تصرف البعض لتأسيس ظاهرة يوهموننا بأنها باتت عرفاً مؤذياً يجب أن نتصدى له جميعا كمجتمع فى إطار من الفزع الجماعي. ثم يفتح الباب لكل صاحب مذهب وكل مبالغ ليدلى بدلوه والعجيب هنا أن الجميع يدرك أنها ليست معركة حقيقية وأن الجميع يدرك أيضاً أن علاقة كالزواج لا يمكن أن تستمر صحية عفية تحت سيف القانون فالمودة والقرب محلهما القلب الذى إن تعكر صفوه فمن الصعب أن يصفو مجددا.

 

إن استجابة المجتمع الحكيمة لامرأة تشكو من زوجها سوء معاملة أو استحقار أو ظلم هو ذات طريق الرجل إذا شكا ذات الشكوى هو إرشادهما إلى خارطة طريق صنعها الله عز وجل حين رسم لنا طريق واضحا لاقتران رجل بامرأة والعكس متحقق أيضاً فقد رسم المولى لنا أيضاً طريقا للفكاك والخروج بسلام وبأقل الخسائر حتى تستمر الحياة وساعتها يغنى الله كلا من سعته..فأين المعركة ولماذا الضجيج.

إن الاغتصاب الفكرى الذى يمارسه الفريقان اللذان يحاولان أن يرتفع صوتهما على مجتمع مستقر آمن منذ قرون فى هذه المسألة هو الأحق بالتجريم والسؤال عن دوافع تلك الرغبة فى ترسيخ مبدأ مفاده أن ما كان قديماً صالحاً لم يعد يصلح، فلنستورد حلولا أخرى وهذا هو أول طريق صنع لمتطرفين جدد من قبل أشخاص سيذهب بهم الفكر السيئ يمينا ويسارا.

إن كره زوجة لزوجها واستحالة العشرة بينهما ليس مبررا لتوصيف العلاقة الحميمية بينهما على أنها "اغتصاب" كما أن امتناع رجل عن معاشرة زوجته مجرم أيضاً شرعا وقانونا.

 

ومن المفهوم أنه من الطبيعى أن نعلى قيم الود والمحبة فى إطار هذه العلاقة لكن إن ضاع الحب وتلاشت المودة ووصلنا إلى طريق مسدود فالفكاك الوحيد الآمن هو اللجوء إلى ذات الطريق الأول الذى سلكه الطرفان وهى الآية الكريمة "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" وفقط..أما أن نبنى تحركنا كمجتمع على تصرف مغلول أو تصرف مغلولة فنحن حينئذ نطلق العنان لتوصيفات تبتعد بنا عن منطقة الرسو على شاطئ الأمان ولا ينسى الجميع سواء المغتصب أو المغتصبة أنهما اختارا الطريق بحر إرادتهما ولا داعى لأن يدفع المجتمع ثمن فشلهما ليطلق الرجل من لا يحبها بدلا من أن تتهمه بعدم معاشرتها ولترحل الزوجة الكارهة حتى لا تتهم زوجها بالاغتصاب وإلى هنا تنتهى القصة وتنسدل الستار فى الرواية...أليس بينكم رجل رشيد؟!

وهنا يصمت مثيرى النعرات أصحاب الأجندات الخفية فأحدهما يحمل أجندة كارهة للدين والثانية تتوهم أنها فى عراك مقدس دفاعا عن الدين ووسط هؤلاء وهؤلاء يقف المجتمع السوى المتزن فى موقف المندهش المتبسم من تهافت منطق الفريقين الذى ينظر إليهم المجتمع ككائنات فضائية لا تسترعى الوقوف عند ما يصدر منها طويلا.

 

إن قضيتنا الأهم هى العمل بجد على تربية رجالا ونساء يدركون قيمة الاختلاف وإن اختلفوا يحفظون الجميل ولنعمل بقول النبى صلى الله عليه وسلم "لا يفرك - أى لا يكره كرها شديدا- مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضى منها آخر".. إن تذكر الجميع أن يوما ما سيجمع الله الكل ليجيب كيف تصرف كل فى أمانته سيهدئ النفوس ويخمد نار المظلوم ويشفى الصدور المحتقنة ليحفنا يقين بأن عدل الله آت آت إن لم يكن فى الدنيا ففى الآخرة.  

Dr.Randa
Dr.Radwa