الجمعة 26 ابريل 2024

لماذا نتأثر بأحداث «الاختيار 2» أكثر من الجزء الأول ؟

مقالات22-4-2021 | 14:41

لم يكد المُشاهد لمسلسل "الاختيار 2" يفيقُ من صدمة أحداث اعتصام رابعة المُسلح التي انتهت بالفض ونسف بكائية جماعة الإخوان المسلمين الزائفة، إلا وكان من نصيبه صدمة أخرى أشد، هي حالة خيانة من نوع مثير للاشمئزاز، أنهت حياة المقدم محمد مبروك، الضابط في الأمن الوطني، الذي توخى الحذر من كل جبهة تستهدفه مع حساسية قضية التخابر التي كان شاهداً رئيسياً فيها، دون أن يدور بخلده يوماً أن رصاصة الغدر ستأتي من زميله ودفعته الخائن الضابط محمد عويس.


رغم قسوة الأحداث التي يكشفها مسلسل "الاختيار 2" إلا أنه يظلُ نافذة على الماضي، نتبصر من خلالها لحجم التحديات التي واجهت الوطن خلال سنوات ما بعد يونيو 2013، ونعرف أن ما واجهناه كانت خططاً مسبقة الإعداد والتجهيز من جانب تيارات الإسلام السياسي، التي وضعت سيناريوهات دموية حال تعرض حلمهم بالتمكين للتهديد ، والتي لا تراعي أي حسابات تتعلق بأمن الوطن وسلامة أبناءه أو مبادئ الإنسانية، على النحو الذي ينزع عنهم صفة الإنتماء إلى هذه الأرض والشعب، فهم نبتٌ شيطاني دون جذور أو مبادئ أو قيم تحكم معتقادتهم وتحركاتهم المناهضة.


يذكر أن مسلسل " الاختيار 2" شديد الجرأة في تصوير الحقائق، إلى حد الاعتماد على مواد فيلمية واقعية وأفلام توثق ماحدث، وإننا وإن لم نتعجب مما فضحه العمل الدرامي الواقعي من دموية جماعة الإخوان وتطرف أفكارها، باعتباره أمراً مسلماً به كشفه تعطشهم للسلطة وانتقامهم بعد زوال الحلم، إلا أن المثير للدهشة هي التفاصيل الجديدة التي لم يخجل صناع المسلسل من طرحها، مثل تواجد عناصر تعتنق الفكر التكفيري في مواقع أمنية حساسة، وكذا حدوث خيانة من عدد من العناصر المحسوبة على الأجهزة الأمنية، الخارجة عن قواعد الإلتزام المهني والحياد وحق الوطن.


هذه الجرأة في طرح هذا الجانب الخبيث، جعلتنا على وعي في هذه اللحظة الفارقة بأن العدو الذي تحاربه مصر في صدامها مع عناصر العنف والإرهاب، لم يكن عدواً تقليدياً، يُمسك السلاح بيده، ويكشفُ مشاعر الكراهية التي يكنها لك، بل كان هذا العدو في بعض الأحيان إلى جانبك حيث تقف، يرتدي زيك العسكري، ويرسم فوق فمه الإبتسامة، بينما سلاحه خنجرٌ يطعنك في الظهر، من حيث لا تحتسب، ومن هذا الجانب تأتي الطعنة الغادرة، لتكون جراحها أقسى من سهام الأعداء في الخندق المواجه.   


سيتركُ مسلسل "الاختيار 2" أثراً في نفوس المصريين، أكثر مما فعل مسلسل "الاختيار 1"، فأحداث الجزء الثاني تجري في عمق المدن المصرية، في مناطق وأحياء نسكنها، والكثير منها عاصرناه وشعرنا بالوجع عند وقوعه، وجاء "الاختيار 2" ليكشف لنا الكواليس التي تجعل من الصورة أوضح، والفهم أعمق، والوعي أشد، ولكنها تزيد في الوقت ذاته من حدة الوجع.. رحم الله الشهيد محمد مبروك وكل ضحايا معاركنا مع الإرهاب الأسود.. وحفظ الله مصر من كل سوء.

Dr.Randa
Dr.Radwa