السبت 4 مايو 2024

حديث النفس.. الغباء.. المثالية !!

مقالات12-10-2021 | 12:32

أحيانا تكون المثالية غباء.. وأحيانا يكون الغباء نموذجا لتوريد نماذج مقبولة ضمن شروط الاختيار فيكون ميزة!! ولكن سيظل الغباء نقيصة ومطالبة الآخرين بالمثالية أمر غير مثالي.. فلتكن مثاليا كما شئت.. لكن بحثك عنها قمة الوهم والغباء!! نحن علي الأرض خليط من الخير والشر هذا هو النموذج المثالي!! .

كم هو صعب أن تصبح مثاليا وتحتفظ بذكائك وتضطر أن تلجأ للغباء كقناع كي تقنع من حولك بأنك لا تفهم الكثير مما يفعلون لتكن مثاليا في نظرهم.. فيأمنون لك ويمنحونك فرصة التعايش معهم بعدما أعاقك ذكائك في الوصول لما تريد.. لأنهم دائما ما يشعرون أمامك بعقد من النقص تجعلهم يحاربونك ويفقدونك العديد من المكاسب واعتبروك خصما وعبئا.. فكان لزاما عليهم أن يكفوا عن حربك أولا ثم يمنحونك الفرصة ليشعروا أمامك بكل التفوق.. هنا استطعت أن تحيا معهم لتحصل علي بعض حقوقك لأنه حتي ولو كنت الأذكي فإن المكر سينتصر عليك حتما او علي الأقل ستجد نفسك منهك القوى في معارك أنت في غنى عنها فمن الذكاء أن تتكيف وتتعايش مع من حولك وفي نفس الوقت لن تفقد  ذكائك أبدا اذا ما أظهرت الاستغباء الذي قد يكون سلاحك الذكي لتحصل علي ما تريد في جولة من الجولات في وقت استفز ذكائك جهل من حولك فأصبح لزاما عليهم التفرغ لتحطيم خطواتك.

لا نختار طريقنا في الغالب وإنما يفرض علينا فنختار الطرق التي نعبر بها هذا الطريق فيصبح العبور بسلام وأمان أحد أهم أهدافنا، ومتي حدث قد تنطلق بعده ..المهم إلا تسقط من علي الصراط ..هنا قد تقسم خطواتك علي مراحل.. لا عيب في ذلك .

وتكمن خطورة الأغبياء حولنا انهم يؤذون أنفسهم وغيرهم وقد يلتحم الغباء بالجهل الذي لابد وأن يلتصق العناد به.. فهو لايري ولا يدرك ما حوله أبدا ،فتأثيره كارثي علي من حوله.

وإذا ما اقترن الذكاء بالعناد فمن المؤكد أنه سينتقص من رصيد هذا الذكاء، وفي الغالب يكون ادراك ووعي الشخص الذكي لمصلحته ومصلحة من حوله حاضر لديه، ففي الغالب تجد الذكي يسير بنظام نفع واستنفع.. ولا ضرر ولا ضرار.. أما اذا ما تحول هذا لشيء من الأنانية ليحصل وحده علي المكسب سيظل يحتفظ بالذكاء أما اذا ألحق أذي بالآخرين فلن يكون غبيا ولكنه سيتحول لشخص أناني يمتلك مقومات الذكاء.. واذا ما امتدت ثمرات الذكاء لمن حوله ففي هذه الحالة سيكون الذكاء المثالي وهنا يتبني فكرة عامة للصالح العام مثل تلك التي لدي العلماء والمفكرين و الإصلاحيين الذين يؤمنون بشيء سليم يودون تحقيقه.

في رحلة الشخص العقلانية إذا ما توافرت القدرات العقلانية السليمة واستطاع أن يحدد هدفا قد يرتفع لأن يكون هدفا ساميا لصالح العموم الذي قد يرقي لصالح البشرية من الصعب أن تواجهه بغير ما يعتقد إلا أنه يسمح بتبادل وجهات النظر وقد يتعاطي معها ولكن بطرق المنطق والحسابات الدقيقة لأنه تجرد من المصلحة الشخصية وأصبح همه الصالح العام، فالقانون الحاكم له في هذه الحال هو التطوير من نفسه لتحقيق هدفه حتي وإن فشل في احدي الخطوات أو المراحل لا يعتبره فشلا وإنما يتجه لتصحيح المسار.. هنا نحن أمام افضل درجات السلام النفسي والفكري.

أما الأغبياء فهم قدرنا في هذه الحياة فهم يسعون إلينا ليفسدوا علينا حياتنا وفي نفس الوقت يفرض علينا التعامل معهم ومن الخطأ إلا نلتفت لوجودهم علي الرغم أن وجودهم يخلقه التفاعل حسب الظروف.. لكن يجب علينا ألا نهملهم ولا نخرجهم من حسابات المشهد لانهم دائما ما يرتكبون الأخطاء التي تفسد علينا النتائج، وعلي فكرة الغبي صاحب صوت عالي وحماقة دائما ما يعلن عن وجوده وقد يغتر بنفسه أكثر ويدافع عن وجهة نظره الخاطئة وتجده لا يستشير ولا يسمح بالتعقيب.

وقد يتعاطي الأشخاص الغباء بصورة تصل للإدمان بأن يكرروا أخطائهم باستمرار ولا يصححونها فيرون الخطأ في الآخرين وفي الظروف ويهملون طريقة تفكيرهم التي أوقعتهم في نفس المصير.

وقد يتحول الغباء الي دراما او كوميديا.. فلكل حالة قصة وحكاية قد تكون درامية علي حسب الخسائر التي تؤدي إليها.. لكنها في النهاية حكايات هزلية لا يتقبلها  صاحب العقل السليم.

وقد تتساءل هل من الأفضل أن تتعامل مع أشخاص أغبياء في محيطك وتكون انت الأعلي ذكاء ؟! الإجابة ليس من الأفضل هذا الوضع علي الأطلاق لأنك إذا تصورت أن ذكائك سيسمح لك بقيادة المجموعة فهذا في حد ذاته شيئا هزليا لأنه من المستحيل أن تقوم بكل الأدوار في منظومة العمل ...صحيح لابد وأن يكون قائد المجموعة هو الأفضل عقليا ومهاريا، ولكن لا تستطيع باي حال من الأحوال أن تختزل المجموعة حتي ولو تحولوا الي عمالة زائدة وقمت بمعظم الأدوار، لكنك لا تستطيع أن تنكر أن غبائهم قد يفسد ويشوه نتيجة عملك ويضيع ثمار تعبك ناهيك عن أن رد فعل الأغبياء غير معروف أو محدود وبالتالي لا تستطيع أن تتوقع حجم الخسائر الحادثة من ناحيتهم.

وعلي الرغم أن معظم الدراسات لم تستطع أن تحدد مفاهيم خالصة للذكاء والغباء ولكن هناك اتجاه انه اذا توافر لدي الشخص قدرات تجعله يتكيف ويقوم بمهامه بشكل جيد او حتي مقبول دون الالتزام بمستوى تعليمي او اجتماعي معين يكون صاحب هذه المهارات لديه صفات من الذكاء.

فمن الممكن أن تجد أناس دون مستوي تعليمي جيد يجيدون أعمالا بمهارة والمتعلمين لا يجيدونها وفي ظني أن المهارات العقلية صحيح تنمي بالتعليم ولكن بالتعليم الصحيح الذي يكتشف خواص وقدرات المتعلم.. فقد يكون عاملا ناجحا ولا يجيد التلقين والحفظ والعكس قد يكون الموظف الذي يقوم بالأعمال الكتابية افضل في هذا الأمر.. وسيظل النموذجان مطلوبين دون التقليل من أحدهما.

وإن كنا نبحث عن الإبداع فالحق يقال انه نادر الوجود لكنه موجود، ولكن الذكي الموهوب هو من يكتشف نفسه في الغالب ولا أحد يكتشفه لأننا غالبا نهتم بالنتائج ولا نتعب أنفسنا ابدأ في البحث، وقد يكون مختلف وغير نمطي ولكن اختلافه وإيمانه بنفسه يجعله يجاهد ويحاول وبالتأكيد سيصل في النهاية لكن بمجهود فردي.. نحن لا نساعد الأذكياء ولا نأخذ بيد الأغبياء.. نحن فقط نستعين بالأذكياء ونستبعد الأغبياء لانهم في نظرنا يعوقون العمل ونحن نريد افضل النتائج بأقل تكلفة واقل وقت.. بل أكثر من ذلك فإننا حينما نتعامل مع مطالبنا وطموحاتنا نتعامل معها بغباء المثالية.. فتجد نفسك غير مثالي علي الأطلاق وتطلب المثالية المطلقة والكاملة في كل شيء علي الرغم من أنها غير موجودة عندك فتجد الزوج يتطلع لزوجة بمواصفات قياسية غير موجودة علي الأرض ويشترط الجمال والحسن والطاعة والمستوى الاجتماعي الجيد ونادرا ما يرتبط بالزوجة الذكية فقد يعجب بها لأنه يري في الذكاء والطاعة تعارض ..وقد يشترط أن تكون اقل من ذكاءه وقد يفضلها غبية حتي لا تكتشف نقاط ضعفه او ترفض الطاعة العمياء او تكتشف ألاعيبه ومكره ويري في هذه الحالة أن هذا لصالح الاستقرار الأسري، وعلي فكرة مهما كان الرجل متحضرا إلا انه لا يريد زوجة منافسة له علي الإطلاق، فقد يسمح لها بالعمل ويسعد بنجاحها ولكن لا يكون علي حساب الأعمال المنزلية التي في الغالب تحتل المرتبة الاولي لدي معظم الرجال.. علي الرغم ان الزوجة القوية مكسب للأسرة.. للزوج.. وللأولاد، فلا تكون عبئا علي زوجها في ترتيب أحوالها وأحوال المنزل لكنه الرجل الشرقي ونادرا ما نجد من يتحيز لهذا النموذج لذلك تجد نموذج الزوجة المدرسة هو الأفضل والأكثر إغراء لدي العديد من الرجال فينتفع الأولاد بالتعليم من غير دروس خصوصية وأجازة ثلاثة أشهر سنويا ودخل ثابت وواجهة لزوجة عاملة مثالية ،ولا انكر ان هناك من الرجال الأذكياء من يساندون زوجاتهم ويدفعون بهن لتحقيق مكانة جيدة ولكنهم قلة تخلو عن عقدة الدونية امام المرأة الناجحة لكنه نموذج موجود، وفي حالات أخرى قد يضطر الزوج  للرضوخ والاستسلام  لنجاح المرأة في ظل حالة  تتميز بقوة شخصية المرأة وسيطرتها.. فيستسلم وينأى بنفسه عن خوض معارك لا قدرة له عليها.. أيضا نموذج موجود .

نأتي للمرأة فكلما كانت المرأة ذكية لا تصطدم بالرجل علي الأطلاق وقد تتحلي بالقناع المثالي وهو الاستغباء والتغابي عن عيوب الرجل حتي لا تصطدم به وتستطيع أن تحقق مكاسب تري انه الأفضل لها ان تظهر انها لا تفهم حرصا علي علاقة المودة والمحبة ،وفي العادة هذا الأمر يتطلب صبرا وقدرة علي التحمل لا يعلم احد اذا كان تكتيكيا لمدي معين أو تستمر العلاقة هكذا.. وفي هذه الحالة لاشك أن المرأة هي الطرف الذكي الذي تعايش مع نموذج اقل منه الذكاء وقد يكون نموذج غبي ويشكل عبئا ليس فقط للقيام بكل الأدوار ولكن لإصلاح ما يفسده.

أتصور أن افضل النعم التي منحنا الله إياها هي نعمة العقل فيكفي أن تفهم ما يحاط بك فحينما مدح الله سبحانه وتعالي سيدنا سليمان في قوله "ففهمناها سليمان" فكانت نعمة الفهم التي من الله بها علي نبيه .. وحتي لا تشقيك نعمة العقل حينما تفهم من أمامك ومن حولك فتعلم الكاذب والصادق ومن يمكر بك فيجب أن يساعدك ذكائك علي كسب معركتك.. والا فمازال ذكائك منقوصا خالي من الأنعام عليك بالتكيف والسعادة.. وسيبقي الأمر دائما في يد العاقل الذي يستفيد ويتعلم من دروس الحياة ..ولا يحاول أن يثبت لمن حوله انه عند حسن ظنهم فيفرط في إثبات مثاليته.. فيجب عليه أن يكون عند حسن ظن نفسه أولا ويعلم أننا خلقنا منقوصين فالكمال لله وحده .

Dr.Randa
Dr.Radwa