الجمعة 19 ابريل 2024

الصفحات الدينية الرسمية على السوشيال ميديا وكورونا (5)

مقالات10-10-2021 | 12:33

تمثل مجتمع الدراسة الميدانية في جمهور الشباب مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي عينة الدراسة (الفيس بوك)، وهو الجمهور الذي لم يجد الباحث معالم محددة له تمكنه من الوصول إليهم بسلاسة لسحب عينة تمثل ذلك المجتمع، وهو ما دفع إلي اللجوء إلى أسلوب العينات غير الاحتمالية (الحالية-كرة الثلج)، والاعتماد علي جمهور الشباب من 18-35 سنة من مستخدمي الفيس بوك. وقد مثلت نسبة الإناث من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي 55% في حين كانت نسبة الذكور45%.

أما من حيث العمر، تبين أن أعمار عينة المبحوثين في الفئة العمرية من  24 إلى أقل من 30 سنة بلغت نسبتهم  45.5% من إجمالي حجم العينة، ومثلت الفئة العمرية ما بين 18 إلي أقل من 24 سنة  27.5% من العينة، وجاءت نسبة الشباب ما فوق سن الثلاثين ونسبتهم 27%.

وعلى صعيد المستوى التعليمي، تبين أن النسبة الأكبر من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من حملة المؤهل الجامعي 55% من حجم العينة، تليها حملة الدراسات العليا بنسبة 40%، وربما يعكس ذلك أن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي على مستوى عالٍ من التعليم، أما حملة التعليم المتوسط فكانت نسبتهم 5%.

وبالنسبة لمحل الإقامة بلغت نسبة المقيمين في الحضر من عينة الدراسة 69% أما المقيمين في الريف فقد بلغت نسبتهم 31%، وهنا يتضح تنوع خصائص العينة سواء من حيث النوع أو السن أو الحالة التعليمية ومكان الإقامة، ويعد هذا مؤشرا على أن شبكات التواصل الاجتماعي تستقطب أعدادا كبيرة من المستخدمين على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم التعليمية والاجتماعية.

وقد توصلت الدراسة الميدانية إلى عددٍ من النتائج نذكر منها:

أولًا: دوافع التعرض لجائحة فيروس كورونا عبر الصفحات الدينية الرسمية

تبين أن أسباب اعتماد الشباب عينة الدراسة علي الصفحات الدينية الرسمية عند التعرض للجائحة، فجاءت في المقدمة عبارة "تساعدني هذه الصفحات في القضاء علي التوتر والقلق بنسبة 55%، تليها عبارة "المصداقية العالية التي تتمتع بها الصفحات الدينية" بنسبة 50.5%، ثم عبارة "التوجيه والإرشاد حول الفيروس" بنسبة 42%، أما عبارة "لتوثيق معلوماتها واستشهادها بالبراهين النبوية" فجاءت في المرتبة الرابعة بنسبة 33.5%.

 

ثانيًا: درجة رضا المبحوثين عن الخطاب الديني الرسمي عبر مواقع التواصل الاجتماعي

انتهت الدراسة إلى ارتفاع درجة رضا المبحوثين عن الخطاب الديني الرسمي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فيري الشباب عينة الدراسة بأن الخطاب الديني مرن وغير جامد بنسبة 72.5%، كذلك ارتباطه بقضايا المجتمع المصري بنسبة 60.5%، ورفضهم عبارة "عدم توافق الخطاب الديني مع قضايا العصر" بنسبة 53.5%، ورفضهم أيضا لعبارة "سطحية المواضيع المطروحة" بنسبة 71%، كذلك التأكيد علي معالجته للقضايا والأزمات بموضوعية وحيادية بنسبة 48.5%، وهو ما يظهر أهمية الخطاب الديني لتعرضه لجميع النواحي والقضايا المجتمعية المختلفة وعلي الأخص القضايا التي تمس فئة الشباب، ومحاولة وضع بعض الحلول للمشاكل التي يعاني منها.

وكشفت الدراسة عن مدي رضا المبحوثين في المعلومات المثارة بالصفحات الدينية الرسمية عن جائحة كورونا ، حيث جاءت درجة الرضا إلي حدٍ ما بنسبة 37.5%، وبدرجة عالية بنسبة 27%، أما درجة عدم الرضا فجاءت بنسبة 35.5%، وهو ما يبين وجود اتجاه من معظم عينة الدراسة نحو الثقة والرضا عن أداء الصفحات الدينية الرسمية، وهو ما يعطي مؤشر بأن هناك محتوي جيد يتاح علي هذه الصفحات عند تناولها لجائحة فيروس كورونا.

 

ثالثًا: مدي قيام الصفحات الدينية بدورها في المسئولية الاجتماعية من وجه نظر المبحوثين

أشارت الدراسة إلى موافقة غالبية المبحوثين علي قيام الصفحات الدينية الرسمية بدور إيجابي في مواجهة جائحة كورونا، من خلال التأكيد علي جهود الدولة المصرية في إدارة الأزمة بنجاح بنسبة 82.5%، كذلك رفض 78% من المبحوثين علي عبارة "اعتماد الصفحات الدينية علي التهويل والتخويف في تغطيتها للجائحة"، ثم موافقة 67.5% من العينة علي عبارة" قدمت معلومات كافية عن الجائحة وطرق الوقاية منها" يليها موافقة 62% علي عبارة" رصدت السلوكيات السلبية لاستغلال البعض للأزمة"، وأخيرًا موافقة 50% من عينة الدراسة علي التزام الصفحات الدينية بالقيم المهنية خلال تغطيتها للازمة، بينما رأي 55% من المبحوثين بأن الصفحات الدينية عمدت علي تعتيم بعض الحقائق والنسب الخاصة بالفيروس، ويمكن تفسير تلك النتيجة إلي تأثير الشائعات علي الجمهور وكثرة الأخبار المغلوطة التي تداولتها أكثر من جهة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص أعداد المصابين بفيروس كورونا.

 

رابعًا: اتجاه المبحوثين إزاء الطروحات الخاصة بجائحة كورونا عبر الصفحات الدينية الرسمية

أوضحت الدراسة اتجاهات الشباب عينة الدراسة نحو الطروحات التي تناولتها الصفحات الدينية، فتبني الشباب بعض العبارات يعكس في وجهه الآخر اتجاها نحو الموضوع بالتأييد أو الرفض، وهنا نجد أن العبارات التي تعبر عن اتجاهات إيجابية تجاه الجائحة حازت علي النسبة الأعلى، فجاءت في المقدمة عبارة "أطباء مصر خط المواجهة الأول ضد فيروس كورونا" بنسبة 93%، وهو ما يعكس تقدير ودعم الشباب عينة الدراسة لأطباء مصر وجهودهم المتفانية في مواجهة جائحة كورونا، تليها عبارة "الالتزام بالإجراءات الاحترازية والوقائية واجبا دينيا ووطنيا" بنسبة 90%، وهو ما يعكس ارتفاع وعي الشباب عينة الدراسة بضرورة الالتزام بالضوابط والإجراءات الوقائية والتباعد الاجتماعي خلال هذه المرحلة والتي تعتبر واجبا وطنيا ومسؤولية أخلاقية والتزاما دينيا، ثم التأكيد علي أن جماعة الإخوان الإرهابية تاجرت بالدين والوطن خلال الجائحة وذلك بنسبة 72% ويمكن تفسير ذلك بسعي الجماعة دائما لنشر الشائعات والأكاذيب من أجل إثارة الرأي العام، وإحداث حالة من البلبلة والجدل بين صفوف الشعب، وأخيرا عبارة "نجحت الدولة  المصرية في مواجهة تفشي فيروس كورونا" بنسبة 53%، وهو ما يبين رضا الشباب عينة الدراسة عن كافة الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الحكومة المصرية لمواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا، في حين جاءت عبارة "أرقام الإصابات والوفيات في مصر قليلة مقارنة بدول العالم بالرفض" وذلك بنسبة 82.5%، مما يظهر عدم اقتناع الشباب بالبيانات الرسمية اليومية التي تصدرها وزارة الصحة المصرية عن حالات الإصابة والوفيات.

خامسًا: التأثيرات المعرفية والوجدانية والسلوكية الناتجة عند تعرض المبحوثين للصفحات الدينية الرسمية أثناء جائحة كورونا

تبين من الدراسة التأثيرات المعرفية والوجدانية والسلوكية عند متابعة المبحوثين لأزمة فيروس كورونا بالصفحات الدينية الرسمية، وجاءت التأثيرات مرتفعة جدًا علي المبحوثين بداية من التأثيرات المعرفية، إذ جاءت عبارة "ساعدتني علي معرفة تفاصيل أكثر عن جائحة كورونا" في المقدمة بنسبة 64%، يليها" ساعدتني علي معرفة طرق الوقاية من الفيروس "بنسبة 59%، ثم عبارة" شكلت رأي واتجاه مستنير وواع عن الفيروس" بنسبة 61%، وهذا مؤشر علي أن شبكات التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل قوى في تشكيل معارف الشباب عينة الدراسة بفيروس كورونا المستجد، سواء المعارف المتعلقة بأعراض الفيروس، أو كيفية تجنب الإصابة بالفيروس، وهو ما يظهر وعي الشباب عينة الدراسة بحاجتهم للمعرفة والمعلومات الصحيحة عبر الصفحات الدينية حول جائحة كورونا.

كما تبين أيضا ارتفاع التأثيرات الوجدانية لدي المبحوثين، فجاءت عبارة" جعلتني أتعاطف مع أسر ضحايا الفيروس" في المقدمة بنسبة 74.5% ثم" رفعت الروح المعنوية لدي في مواجهة الفيروس" بنسبة 53%، وهو ما يظهر أن للصفحات الدينية الرسمية دورا واضحا في تشكيل الجوانب الوجدانية لدي الشباب عينة الدراسة خلال جائحة فيروس كورونا، وأخيرا عبارة "جعلتني أشعر بالقلق والخوف الناتج عن الأزمة" بنسبة 48%، ويمكن تفسير ظهور بعض التأثيرات السلبية لدي الشباب كالشعور بالقلق والخوف والكآبة، نتيجة انتشار المرض وارتفاع حالات الإصابة والوفيات، كذلك لتعطل بعضهم عن الدراسة أو العمل وممارسة حياتهم بشكل طبيعي.

أما بالنسبة للتأثيرات السلوكية لدي المبحوثين فجاءت أيضا مرتفعة، بداية من عبارة " ساعدتني علي تقوية الوازع الديني لدي" بنسبة 76%، يليها عبارة" جعلتني اقدم مساعدات مادية ومعنوية لصالح مصابي الفيروس" بنسبة 69.5%، وأخيرا عبارة " تعلمت الإجراءات الوقائية حول حماية نفسي من الفيروس" بنسبة 62.5%، وهو ما يظهر حرص الشباب عينة الدراسة علي تعزيز سلوكهم الإيجابي بمشاركتهم الفعالة لخدمة المجتمع المحيط، كذلك قيامهم بسلوكيات تساعدهم علي التعايش الآمن مع الجائحة من خلال حرصهم علي حفظ النفس البشرية، وعدم تعرضهم شخصيا أو الآخرين لخطر الإصابة بالفيروس، من خلال التزامهم بالإجراءات الاحترازية.

وانتهت الدراسة إلى رصد مقترحات المبحوثين لتجديد الخطاب الديني، والتي أظهرت رغبتهم في ضرورة مواكبة الخطاب لمستجدات العصر وتقنياته بنسبة 68%، كذلك مواكبته لحاجة المجتمع وتحدياته بنسبة 63.5%، تليها مواكبته لخطط وبرامج التنمية المستدامة بنسبة 47%، وأخيرًا عالمية الخطاب بمخاطبة الآخر مع مراعاة اختلاف الزمان والمكان، وهو ما يُظهر اقتناع الشباب عينة الدراسة بأهمية تجديد الخطاب الديني سواء بالنظر إلي قضايا الناس واحتياجاتهم، أو التعايش مع الآخر في ظل العولمة والنظام العالمي الجديد، مع ضرورة أن يواكب الخطاب التكنولوجيا والثورة والمعلوماتية والمعرفية والرقمية.