الأربعاء 22 مايو 2024

اللواء معتز الشرقاوي: سلاح الصاعقة تحمل مهامًا شبه مستحيلة فى حرب أكتوبر (حوار)

اللواء معتز الشرقاوي

تحقيقات6-10-2021 | 23:40

إسراء خالد

تركت حرب أكتوبر المجيدة ذكريات خالدة سُطرت بدماء شهداء ضحوا بحياتهم فداء للوطن، ولتحرير الأراضي العربية من الإحتلال الإسرائيلي، فاجتمع الجيش المصري وجميع الشعب على قلب رجل واحد وهدف واحد وهو القضاء على العدو الأوحد إسرائيل.

وذكر اللواء معتز الشرقاوي، أحد أبطال الصاعقة في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر، في حواره مع بوابة "دار الهلال"، أن سلاح الصاعقة تحمل العديد من المهام الصعبة والتي وصل بعضها إلى درجة الاستحالة، إلا أنها قوات الصاعقة تمكنت من تنفيذها بالإرادة والتصميم، كما روى عددًا من المواقف التي مازالت عالقة في ذهنه، والتي من بينها حصول قوات الصاعقة المصرية أثناء اقتحامها النقطة القوية بلسان بور توفيق عام 1973، على 37 أسير إسرائيلي، والذين استسلموا من خلال إنزال العلم الإسرائيلي على الأرض، ورفع العلم المصري مؤديين التحية بأيديهم مرددين: "تحيا جمهورية مصر العربية" 3 مرات؛ فكان المشهد يعكس مدى الذل الواقع عليهم أنذاك.

وإلى نص الحوار:

 

ما طبيعة المهام التي قام بها سلاح الصاعقة في حرب أكتوبر وحرب الاستنزاف؟

إن قوات الصاعقة لها طابع خاص واستخدام خاص، فهى تتسلح بالأسلحة الخفيفة نظرًا لطبيعة عملها التي تجعلها لا تتمسك بالأرض، ويتم استخدامها في مهام محددة، إما تستخدم في تدشين الكمائن ضد وحدات العدو المتحركة على الطرق، أو صنع الألغام، أو الإغارة على مراكز القيادة ونقاط العدو القوية والمواقع المنفصلة، معتمدة على الظروف الليلية والرؤية الصعبة؛ في تنفيذ تلك المهام، بما فيها المهام الاستطلاعية لما ستقوم به من مهام.

وحديثًا بعد حرب أكتوبر أصبح لسلاح الصاعقة دورًا خاصًة في مقاومة الإرهاب الدولي، وكيفية التعامل في حالات خطف الطائرات أو المراكب، مثل الدور الذي تقوم به المجموعة 777 والمجموعة 999.

وسلاح الصاعقة لا يتمسك في عمله بالأرض فهى تتميز بأسلحتها الخفيفة، والتمسك بالأرض في العمل يلزمه أسلحة ثقيلة تمكن القوات من الدفاع وضرب العدو على مسافات بعيدة، نظرًا لكبر وثقل الأسلحة التي في حوزتها، ولكن قوات الصاعقة تعتمد في عملها على مبدأ "أصب وأهرب" وليس كما كان يقال من قبل "أضرب وأهرب"، مما يوحي بأنه تم إصابة الهدف ثم بعد ذلك النجاة بالحياة، فجهاز الصاعقة يتحمل المهام الصعبة حتى وإن وصلت إلى مرحلة الاستحالة إلا أنه يتمكن من تنفيذها بالإرادة والتصميم.

كيف استطاعت قوات الصاعقة حماية النقطة القوية في لسان بور توفيق؟

تم اقتحام قناة السويس بواسطة قوات الصاعقة المصرية من خلال النقطة القوية في لسان بور توفيق، والتي كانت نقطة منفصلة وبعيدة عن النقاط الـ 30 الآخرى القوية؛ مما جعل هذه النقطة تتميز بالاكتفاء الذاتي من الذخيرة سواء الأسلحة، أو الدبابات، أو المدافع، أو الغذاء والمياه، بالإضافة إلى توافر الملاجأ التي تحمي من ضربات المدفعية.

وتعرضت تلك النقطة القوية في لسان بور توفيق للإغارة مرتين من قبل قوات الصاعقة المصرية، كانت الأولى عام 1969، والثانية في حرب 1973، وكانت الإغارة الأولى 10 يوليو عام 69 في ضوء النهار تمامًا في الخامسة بعد العصر، وصاحبتها عملية خداع وإطلاق النيران وعدم توقع العدو أن تأتي الصاعقة في ضوء النهار، فالمعروف عن سلاح الصاعقة أنه يعمل في الليل مستغلًا ظروف الرؤية غير الواضحة، وتمكنا من تحقيق نصرًا كبيرًا.

وذهبت قوات الصاعقة إلى الإغارة وعددها 140، وعادت بعدد 141، إذ تمكنت من الحصول على أول أسير إسرائيلي لمصر، حكمدار طقم دبابة، إلى جانب تدمير 5 دبابات للعدو، وقتل نحو 56.

وجاءت الإغارة الثانية على النقطة عام 1973، وكانت تضم الملاجأ التي تقي قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل محكم يصل إلى حمايتهم من الضربات الذرية، وحمايتهم من القنابل بقوة تصل إلى 25 ألف طن، إلا أن كتيبة الصاعقة بعددها الـ140 تمكنت من حصار النقطة عام 1973، لمدة 6 أيام محققين خسائر فادحة في أرواح العدو والدبابات، حتى طالبوا الاستسلام عن طريق الصليب الأحمر الدولي.      

وتمكنت قوات الصاعقة من الحصول على 37 أسير إسرائيلي، بينهم 7 ضباط، وكانت كتيبة الصاعقة عام 1969 بقيادة الرائد أحمد شوقي، وفي عام 1973 بقيادة الرائد زغلول فتحي، ورئيس العمليات شفيق أبو هيبه، إلى جانب عدد من الضباط بينهم جمال عزام، ومحمد أمين.

وكانت العمليتان مرتبطين ببعضها، وتضمنت بعض الأفراد المشتركة في العمليتين، بينهم الشهيد رؤوف أبو سعدة، وكنت واحدًا من المشتركين في العمليتين.

 

ماذا كان مصير الـ37 أسيرا إسرائيليا؟

من المواقف التي لا تنسى، أن الـ37 أسير إسرائيلي استسلموا من خلال إنزال العلم الإسرائيلي على الأرض، ورفع العلم المصري مؤديين التحية بأيديهم مرددين: "تحيا جمهورية مصر العربية" 3 مرات؛ فكان المشهد يعكس مدى الذل الواقع عليهم أنذاك.

 

ما أبرز المواقف خلال فترة الحرب والتي تركت أثرًا بك؟

هناك بعض المواقف التي مازالت عالقة في ذهني، ولكنها قد تكون غير متعلقة ببعضها، وبينها:

- كثرة العبور خلال حرب الاستنزاف طوال الست سنوات، والتي كشفت مدى هشاشة العدو أنه لا يمتلك القدرة والشجاعة على مواجهة القوات المصرية، واتضح ذلك في أكثر من موقف، إذ أنه بمجرد أن يشعر أنه تم السيطرة عليه يصرخ مستسلمًا ولا يقدر على المواجهة.

وتكاد تكون الخسائر خلال حرب الاستنزاف لم تتجاوز الـ1%، ولكنها زادت خلال حرب أكتوبر 1973، فعندما تم الهجوم على النقطة القوية في لسان بور توفيق عام 1973 لم تحقق قوات الصاعقة عنصر المفاجأة للعدو، وذلك نتيجة تواجد تعليمات تنص على البدء في الهجوم والاقتحام بعد انطلاق الحرب الشاملة بأربع ساعات؛ أي أن العدو كان على علم بتواجد الحرب ويترقب وصول قوات الصاعقة، ولكن بتوفيق من الله وعزيمة القوات تمكنا من احتلال جنوب وشمال النقطة القوية بلسان بور توفيق ومحاصرتها بشكل كامل، واستسلام العدو في النهائية.

 وكان النسيج الاجتماعي من أهم المواقف التي لا تنسى خلال الحرب، فكان هناك ترابط وانسجام تام بين المسلمين والمسيحيين، وخير مثال على ذلك، الشاويش القبطي شكري حبيب مجلع من أسيوط، الذي كان يصلي مع المسلمين خلال حرب الاستنزاف، وفى أحد المرات اكتشفت أن شكرى يقف خلفى ويصلى معي، وبعد أن انتهيت من الصلاة سألته ماذا تفعل يا شكري، فأجاب: "يافندم كمل كمل متقلقش".

وأثناء حرب 73 تعرضت قوات الصاعقة لهجوم كبير، فأخد شكري الرشاش وخزائن وذخيرة كثيرة، وتوجه إلى أقصى نقطة ليطلق النيران على العدو مما أجبرهم على الاختباء، وعندما ذهبنا للبحث عن شكري لتقديم الشكر له على ما فعله وجدناه استشهد، فقد تلقى رصاصة فى رأسه.

 

ما تعليقك على الجهود التنموية التي تبذلها الدولة المصرية في سيناء؟

شهدت سيناء في ظل القيادة السياسية الأمينة التي تضع مصلحة الشعوب ضمن أولوياتها، نصيبًا كبيرًا من التنمية يمكن من توافر إمكانية الاستوطان بسيناء والتمتع بخيراتها التي لا حصر لها، والتي تجعلها مطمعًا للكثير.

وتنمية سيناء توفر الأمن السياسي والاقتصادي والعسكري، فالمناطق المتقدمة والتي تحظى بالتنمية يصعب أن تنال منها الحروب، إذ يتم الوضع في الاعتبار أن ذلك سينتج عنه خسائر فادحة.

 

رسالتك للشباب في ظل تواجد العديد من المهددات الخارجية؟

توجهت أكثر من مرة بصحبة بعض الزملاء إلى عدد من الجامعات للتحدث مع الشباب الجامعي، فتوجهنا إلى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة لثلاث مرات، وكلية التجارة والحقوق بالجامعة ذاتها مرتين، إلى جانب التوجه إلى جامعة عين شمس، والأكاديمية البحرية، فالشباب الجامعي هو بداية النضج، والوعي بما يدور في المجتمع، والذي يتعرض لحروب الجيل الرابع وما تعتمد عليه من قتل الأمل والذي هو أخطر من قتل النفس.

والشباب يحتاج إلى قدوة قريبة منهم، لذا كنا كثيرًا ما نجتمع مع الشباب الجامعي ونعرض لهم ما غنمناه من الحروب، لنبرهن لهم أن من سبقوهم كانوا مثلهم تمامًا وحققوا نجاحات وهم مازالوا في العشرينات من أعمارهم، فلا فارق بين الأجيال سوى في التوقيت فقط.

وقد تعاظم دور زيادة الوعي في تلك الآونة، والذي كان له دورًا كبيرًا في نشر الوعي بين المواطنين خلال حرب الاستنزاف، فطوال الست سنوات للحرب، كان يوجد برنامج يعرف بـ"السينما والحرب" وتقدمه الدكتورة درية شرف الدين، وتعرض كل يوم فيلمًا عن الحرب، مما أمد المشاهدين بالوعي الكامل عما يدور في الحروب.