السبت 27 ابريل 2024

الصفحات الدينية الرسمية على السوشيال ميديا وكورونا (4)

مقالات3-10-2021 | 21:08

من خلال تحليل خطاب الصفحة الرسمية للكنيسة الأرثوذكسية المصرية تجاه فيروس كورونا، أمكن رصد أهم الأطروحات الأساسية التى برزت خلال فترة الدراسة، وذلك على النحو التالي:

1- أطروحة الكنيسة المصرية ودورها فى التوعية الصحية لأبنائها

حيث ركزت تلك الأطروحة على دور الكنيسة فى التوعية الصحية لأبناء الكنيسة بعرضها مجموعة من الحقائق والمعلومات من شأنها رفع الوعى الصحى للمواطنين، وظهر ذلك فى عدة مسارات كمسار مبادرة الكنيسة بعنوان "وجودك فى بيتك حماية ليك ولغيرك" لبقاء المواطنين فى منازلهم والحرص على الالتزام بكافة الإجراءات لأنها خط الوقاية الأول أمام هذا الفيروس اللعين، سواء بارتداء الكمامة وغسل اليدين، والامتناع عن السلامات والتقبيل، وتجنب الأماكن المزدحمة والمغلقة، أما المسار الثانى فتمثل فى تشجيع الكنيسة لأبنائها على أهمية تلقى اللقاحات التى توفرها الدولة للوقاية من الإصابة بالفيروس، وذلك فى إطار حرص الكنيسة على رفع الوعى الصحى لدى أبناء الكنيسة، أما المسار الثالث فتمثل فى قيام الكنيسة بتوزيع شنط على الأهالى تحتوى على كمامات وكحول للحد من انتشار الفيروس.

 

2- أطروحة فيروس كورونا جرس إنذار من الله

 حيث ركزت تلك الأطروحة على أن فيروس كورونا جرس إيقاظ وإنذار من الله، وذلك بالتركيز على رسائل البابا تواضروس فى عظته والذى أكد فيها على أن الله أرسل جائحة كورونا لكى تكون جرس إنذار حتى ينتبه الإنسان لنفسه، لأن الإنسان تقدم فى التكنولوجيا والاكتشافات الجديدة وبدأ يشعر أنه هو السيد، ونسى أن الله هو سيد التاريخ وهو الذى يقود حياة البشر، ووقع فى خطايا كثيرة، لذا فعلى الإنسان أن يتوب عن خطاياه، وأن يتصالح مع الآخرين، فنحن فى زمن التوبة كما جاء فى الكتاب المقدس "توبوا لأنه قد اقترب منكم ملكوت السماوات".

 

3- أطروحة الخطاب الروحانى للكنيسة لمواجهة جائحة كورونا

  تطرقت تلك الأطروحة إلى الجانب الروحانى ودعوة الكنيسة لأبنائها بالصلاة المستمرة من أجل هذا الوباء ومن أجل الأسر المتألمة ومن أجل المصابين لكى يمن الله عليهم بالشفاء، كذلك دعوتهم لتغيير قلوبهم نحو الأمور السماوية وجعل إيمانهم قويا، وذلك بالاستشهاد بمجموعة من آيات الكتاب المقدس منها "اطلبوا الرب ما دام يوجد أدعوه وهو قريب"، كذلك "ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده" لذا فنحن "فرحين فى الرجاء صابرين فى الضيق مواظبين على الصلاة".

 

4- أطروحة دعم السياسات الصحية وقرارات الدولة

حيث ركزت تلك الأطروحة على دعم الإجراءات الاحترازية والوقائية التى اتخذتها الدولة بدعوة المواطنين إلى الالتزام بسياسات التباعد الاجتماعي، والبعد عن التجمعات، ومن يخالف ذلك فيكون قد ارتكب خطيئة أمام الرب، لأنه سبب أذى لمن حوله إعمالا بكلمات الرسول يعقوب "من هو حكيم وعالم بينكم فلير أعماله بالتصرف الحسن فى وداعة الحكمة"، كما أظهر خطاب الكنيسة دعوة المواطنين بتجنب المصافحة والملامسة والمعانقة بناء على تعليمات وزارة الصحة لتجنب نقل العدوي، ودينيا بإيمان الكنيسة بأن النفس الواحدة لها قيمة غالية عند الله محب البشر، لذا فتعليق جميع الصلوات بالكنائس أو الالتزام بالإجراءات الوقائية عند الصلاة بعد الفتح التدريجى للكنائس ليست ضد الإيمان.

 

استراتيجيات اتصالات الأزمة التى اعتمد عليها الخطاب الدينى لصفحة الكنيسة الأرثوذكسية

تبين من خلال الرصد والتحليل الاستراتيجيات التى اعتمدت عليها الصفحة الرسمية للكنيسة فى تناولها لجائحة كورونا وذلك على النحو التالي:

  1. استراتيجية الصالح العام: ظهرت هذه الاستراتيجية بإطلاق الكنيسة عدة حملات توعوية كحملة "الزم بيتك حتى لا تؤذى نفسك وغيرك" لتوعية المواطنين بكيفية الوقاية والخطوات المطلوب اتخاذها لضمان عدم انتقال العدوي، كذلك حرص الكنيسة فى خطابها على التأكيد على ضرورية غلق الكنائس لسلامة جميع أبناء الكنيسة ومصر، وألا تزيد نسبة المشاركين فى القداسات فى كافة الكنائس عن 25% من سعة الكنيسة وذلك مع عودة الفتح التدريجى للكنائس للمحافظة عليهم من خطر انتقال العدوي.
  2. استراتيجية التريث وعدم التورط: ظهرت هذه الاستراتيجية من خلال مجموعة من الآليات منها نشر المعلومات الإيجابية فى خطابها بالتأكيد على أن مصر فى مرحلة آمنة بسبب سرعة اتخاذ القرارات والإجراءات مبكرا لمنع انتشار الفيروس مقارنة بدول العالم الأخرى التى تأثرت بسبب الإهمال، أيضا نشر الطمأنينة بين المواطنين بعد ظهور اللقاحات وأهميتها فى الوقاية من خطر الإصابة بالفيروس.
  3. استراتيجية المشاركة والمسئولية: برزت هذه الاستراتيجية فى خطاب الكنيسة بحرصها الدائم على عقد لقاءات مع الشباب لتغطية احتياجاتهم الروحية والنفسية خلال الجائحة والحد من التأثيرات السلبية التى سببتها جراء الجائحة، أيضا قيام الكنيسة بمسئوليتها الاجتماعية بتقديم كافة الاحتياجات الطبية سواء أدوية أو أنابيب أوكسجين أو أى أجهزة يحتاجها مريض كورونا.
  4. استراتيجية الاستجابة: حيث ظهرت هذه الاستراتيجية فى خطاب الصفحة الرسمية للكنيسة من خلال الاعتماد على آلية الاستعانة بالمتحدثين الرسميين للجهات المختصة سواء ممثل منظمة الصحة العالمية فى مصر أو وزارة الصحة المصرية من خلال بياناتها اليومية عن أرقام الإصابات والوفيات، كذلك مستشار الرئيس السيسى لشئون الصحة والاعتماد عليهم كمصادر رسمية لنقل المعلومات الدقيقة وللتعرف على جوانب الأزمة وموعد ذروة الجائحة خلال الموجات الثلاثة وسبل الوقاية من الفيروس.
  5. استراتيجية التخويف: حيث ركز الخطاب الكنسى مع بداية الموجة الثالثة للجائحة على أنها الأصعب بسبب زيادة أعداد الإصابات والوفيات، مع ضرورة أخذ الحيطة والحذر بسبب هذا الفيروس اللعين الذى أصاب عشرات الملايين.

 

الأساليب الإقناعية المستخدمة فى الخطاب

بالنسبة للأساليب الإقناعية التى ارتكزت عليها بنية الخطاب الدينى للكنيسة المصرية فاعتمدت على الأساليب المنطقية "العقلانية" فى معالجتها لجائحة كورونا، من خلال الاستناد إلى التقارير الصادرة عن مجلس الوزراء بعدد المستشفيات المخصصة لتشخيص وعلاج حالات فيروس كورونا على مستوى الجمهورية، وأيضا الأرقام والإحصائيات الخاصة بحالات الإصابة والوفيات الصادرة عن وزارة الصحة المصرية، والصادرة عن منظمة الصحة العالمية والتى تشير إلى أن 85% من نسبب الإصابات بسيطة عدا 5% منهم حالات حرجة، كذلك الاعتماد على الانفوجراف ومقاطع الفيديو والصور سواء الصادرة عن منظمة الصحة العالمية أو وزارة الصحة المصرية، لتعريف المواطن بجوانب الأزمة وطرق الوقاية من الفيروس، أيضا تم الاعتماد على آيات من الكتاب المقدس لمخاطبة أبناء الكنيسة بأهمية الحفاظ على النفس البشرية بحسب وصية السيد المسيح.

  أما بالنسبة للاستمالات العاطفية فركز الخطاب على بث رسائل الطمأنينة والراحة والأمان للمواطنين، من خلال دعوة أبناء الكنيسة للتوبة وطلب الرحمة من الرب والصبر على ما أصابنا، وعدم الرهبة لأن الرب معك حيثما تذهب، كذلك تم الاستناد إلى استمالات التخويف من خلال التأكيد على خطورة وباء كورونا خصوصا مع الموجة الثالثة وزيادة أعداد المصابين والوفيات.

 

القوى الفاعلة فى خطاب الصفحة محل الدراسة:

  تمثلت القوى الفاعلة التى برزت فى خطاب الكنيسة المصرية فى البابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ومخاطبته لأبنائه فى عظاته بالصبر والتحلى بالإيمان والصلاة المستمرة لرفع الوباء عن مصر، ومن ضمن القوى الفاعلة التى ظهرت فى الخطاب رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى ووصفه بالحكيم لنجاحه فى تعزيز الحالة الصحية وحماية شعبه من أخطار جائحة كورونا، وأخيرا المسئولين من وزارة الصحة وأطباء مصر ووصفهم بخط المواجهة الأول نظرًا لما يقومون به من تضحيات فى مواجهة الفيروس دون كلل أو خوف.

 

الأطر المرجعية التى استند إليها خطاب الصفحة محل الدراسة:

  تنوعت الأطر المرجعية لخطاب صفحة الكنيسة فى تناولها لجائحة كورونا، حيث اعتمد الخطاب على مجموعة من الأطر المرجعية منها المرجعية الدينية متمثلة فى آيات من الكتاب المقدس وذلك عند دعوة أبنائها لحفظ النفس والتوبة والصلاة المستمرة، كما اعتمد الخطاب على المرجعية السياسية كإطار مرجعى فى تناول جائحة كورونا، وذلك من خلال توضيح طرق تعامل الدولة المصرية والجهات المختصة فى مواجهة تفشى فيروس كورونا، وإبراز نجاح القيادة السياسية سواء فى الإجراءات الصحية وتطبيق الحظر وغيره، أو فى حل المشاكل الاقتصادية كالعمالة اليومية المتضررة من الأزمة، وتوفير المخزون الاستراتيجى الغذائى للمواطنين، وأخيرا تم الاعتماد على المرجعية الإنسانية بتوضيح حالات الإصابة والوفيات المرتفعة فى عدد من دول العالم، وكذلك فى مصر وما سببه هذا الفيروس من إصابة عشرات الملايين من المواطنين وارتفاع نسبة الوفيات خصوصًا مع بداية الموجة الثالثة.

Dr.Randa
Dr.Radwa