السبت 27 ابريل 2024

المشير طنطاوي -رحمه الله- أنقذني من القتل

مقالات23-9-2021 | 09:30

في شهر يوليو عام 2001 تم استدعائي في ديوان عام وزارة الأوقاف، بأمر مباشر من المرحوم الدكتور محمود حمدي زقزوق، وزير الأوقاف الأسبق، وتكليفي  بمهمة "إمام وخطيب ومدرس مسجد النور بالعباسية"، وكنت حديث التعيين وقتها، (عام ونصف فقط بين تعييني بوزارة الأوقاف وبين هذا التكليف)، وفي هذا التوقيت كان من النادر عمل شباب الأئمة بالمساجد الكبرى! فعلها الدكتور زقزوق وكلّف الشباب في وزارته بالعمل في المساجد الكبرى ودعمهم ودربهم وكلفهم بمهام كثيرة في مصر وخارجها ونجح شباب الأئمة في كل مهامهم.

وبحماس الشباب وتدريب الدكتور زقزوق لى ورغبتى فى النجاح والتميّز، وحسى الوطنى والدينى الذى تشربتهما من والدى رحمه الله، وصياغة خطاب دينى دافع للخير وداعم للولاء الوطنى، عملت أنا وفريق عمل لمدة عشر ساعات  يوميًا بمسجد النور، ولم تكن مهمة المسجد إقامة الشعائر فقط، بل كان لمسجد النور دور كبير تثقيفى وتدريبى وتربوى الخ. وخاصةً أنّ موقعه فى ميدان العباسية يُخدم على كل هذه الأنشطة، حيث كان الموسم الثقافى الذى يشرف عليه المرحوم الدكتور زقزوق ويحضر فعالياته كل يوم أحد أسبوعيًا، ويدعوا فيه كل النخبة المصرية فى الثقافة والفكر  للقاء شباب الجامعات بالقاعة الكبرى بالمسجد، وحلقات تحفيظ القرآن، والمركز الثقافى وتعليم الكمبيوتر، وبرامج الشباب والأطفال، ومركز تدريب الأئمة، الخ.

فضلاً عن الزيارات الرسمية لضيوف مصر من الخارج، وصلاة الجمعة فى آخر شهر رمضان التى كان يحضرها رئيس الجمهورية أو من ينوب عنه وكل أعضاء الحكومة.

وقبل أن أتحدث عن مواقف المرحوم المشير طنطاوى العظيمة التى تعكس إنسانية الرجل ووطنيته، دعونى أذكر موقفاً يُظهر دافع حقد الجماعة الإرهابية فى هذه الفترة على مسجد النور تحديدًا، وكان لهم نواب وقتها فى البرلمان المصرى.

فى شتاء عام 2006 قام معمم أزهرى من نواب مجلس الشعب عن جماعة الإخوان يدعى الشيخ سيد عسكر، بطلب إحاطة فى مجلس الشعب يدّعى فيه أن مساجد مصر طاردة للمسلمين ولا توجد بها دعوة حقيقية... إلخ، وكان واضحًا جدًا من هذه الحملة الإخوانية فتح المجال أمام شُعب الإخوان فى المحافظات بالسيطرة على الخطاب الدينى كبديل لوزارة الأوقاف!!

وتم تكليفى وقتها بمناظرة الشيخ عسكر فى ندوة مقامة حول هذا الموضوع، ورددت عليه بكل قوة ومنطق وحجة وأحرجته أمام الرأى العام.

وبداية من عام 2008، أصبح مسجد النور مقصداً للمظاهرات أمامه من قِبل الاخوان والسلفيين والقوى الثورية وقتها، نظرًا لموقعه القريب من وسط البلد والكاتدرائية (حيث التهديد المبطن للدولة المصرية)، وقربه كذلك من وزارة الدفاع والأمن العام وكثير من المؤسسات!

وفى شهر فبراير عام 2011، حيث تسلّم المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد برئاسة المرحوم المشير طنطاوى، قام السلفى الشيخ محمد حسان صاحب قناة الرحمة بحشد أتباعه السلفيين والإخوان بالتجمّع بمسجد النور يوم الجمعة 27 فبراير 2011، حيث سيلقى حسان الخطبة، وبعد هذا الحشد والتهييج، قام حسان بالاتصال بوزير الأوقاف وقتها، المرحوم عبدالله الحسينى ليُظهِر أنه استأذن ليخطب الجمعة لأول مرة فى تاريخه بمسجد النور!!!

وهاتفنى وزير الأوقاف الدكتور الحسينى ودعانى لحضور لقائه بمحمد حسان بالوزارة!!

قابلت الوزير على انفراد ورفضت الفكرة!! وحذّرته وقلت له: معالى الوزير أرجوك لا تقبل، لأنهم سيحتلون المسجد وسيهددون الكنيسة ووزارة الدفاع، هذا عمل سياسى بغيض فى صورة خطبة جمعة!! وبالنسبة للتجمع السلفى، أنا سأتعامل معه بحكمة، وإذا خطب الشيخ حسان بالقوة سأتخذ الإجراءات القانونية ضدّه، أرجوك لا تعطه هذه الفرصة

إلّا أن المرحوم الدكتور الحسينى شعر بضغوط شديدة، وبعضها كان من قيادات بالوزارة استمالتهم الجماعة فى هذه الفترة، جعلته يقبل أن يخطب محمد حسان، بحذر وكلفنى بالحضور وتنظيم الحدث وموافاته!!

فوجئت بحشد وصل إلى أربعين ألفاً كلهم من السلفيين والإخوان والجماعات تم تجييشهم عبر الفضائيات وقدموا من جميع المحافظات، وقبل خطبة الجمعة بدقائق فى مكتبى تواجد المرحوم الشيخ حافظ سلامة بأتباعه والذى كان يدعى ملكيته لمسجد النور!، وقال لى نصاً: بص شوف الناس أد إيه الناس داخل وخارج المسجد؟! أنا معى حكم قضائى بملحقات مسجد النور، هنفذه النهاردة!! وأنت وكل الموظفين تتوكلوا على الله!!

قلت له: يعنى ايه؟. قال: يعنى من النهاردة تبعية المسجد لى!!

قلت له أمام الشيخ حسان: أنا من الآن لست موظفاً!! بل جندى مصرى يدافع عن مكانه. وابن عمى استشهد فى 67، وأنا سأستشهد هنا، أنا ومن معى، وإذا كان لك حق تفضل، اذهب إلى المؤسسات الرسمية تسلمك ووقتها سأنسحب، لأن مصر لم تقع، ومصر ما زالت قائمة، وبالنسبة للناس اللى حضرتك بتستقوى بهم علىّ، هؤلاء غثاء كغثاء السيل!!

قال لى؛ لكن أنا هدمرك!! فرددت عليه بما يستحقه بكل شجاعة وثبات

خطب محمد حسان. وفوجئت به  يقول؛ "أنا مستعد أنا والشيخ حافظ سلامة نكون وسطاء والجلوس مع شباب الجماعات فى سيناء !! ( يقصد الجهاديين الذين نفذوا مذبحة رفح ضد جنودنا ).  ( الخطبة موجودة على اليوتيوب )  حيث كانت متلفزة، أدركت يقيناً صحة ما تخوفت منه !!

وبعد الخطبة أعلن حافظ سلامة أنه طردنى أنا والموظفين وأصبح المسجد تابعا له   وصيحات الله اكبر من عناصر الجماعات تهز المكان..  وكأنهم حرروا القدس !!!

هاتفت المرحوم الدكتور الحسينى وزير الاوقاف وذكرت له  صحة ما توقعته ،،،

قال لى : سأكلم رئيس الوزراء فوراً.  وخليك فى مكانك وتابع معى التطورات

جلست فى المسجد أمارس عملى بصورة طبيعية وكل يوم جمعة تأتى عناصر الجماعة فى مشهد درامى لمحاصرة المنبر ومنعى من الخطبة وتمكين أحد عناصرها !! 

قررت وقتها عمل عدة إجراءات :

1- الاستغاثة بالسيد المشير طنطاوى

2- حث جمهور المسجد بارسال استغاثات للسيد المشير ومؤسسات الدولة وعمل محاضر فى الشرطة

3- طرح المشكلة إعلاميا لجذب تعاطف الرأى العام وفضح وسائل وأساليب الجماعات ! كقوة ناعمة

فى هذه الفترة تلقيت عشرات التهديدات المباشرة بالقتل! وكانت الجماعة تحرض ضدى وتسبنى فى ست فضائيات فى وقت واحد فضلاً عن إدعاءات باطلة ضدى  بمنشورات توزع كل جمعة على المصلين تنال منى ومن سمعتى  الخ الخ .

فى هذه الفترة خطب الإخوانى حازم أبو إسماعيل  بعد منعى من المنبر واتهمنى من فوق المنبر أنا وكل علماء الأزهر  بأننا عملاء لأمريكا وإسرائيل !!  وشاء الله العلى  القدير باكتشاف جنسية والدته الأمريكية بعد هذا الموقف ! .

كما اتهمنى عمر عبدالعزيز أحد عناصر الجماعة من فوق المنبر بأن المسجد كان مرقصا فى عهدى وتحول إلى بيت الله على أيديهم !! .

فقمت بعمل بلاغ للنائب العام وتم استخراج أمر ضبط وإحضار لتلك العناصر من النيابة ولكن للأسف  عجزوا عن التطبيق للظروف التى كانت وقتها والتى من أبرزها غياب جهاز الشرطة المصرية.

وقامت المباحث بعمل تقرير للنيابة يثبت صدق ما ذكرته فى البلاغ ويشير إلى معلومات حول محاولات قتلى على يد تلك العناصر !!  ومعى صورة مختومة منه.

وفى يوم جمعة من شهر مارس من نفس العام،  تجمع العشرات من العناصر  للاشتباك معى، وأدخلنى الأحبة من جمهور المسجد فى مكتبى ووقفوا. أمام المكتب كدرع حماية،  وفوجئت بعد دقائق بوصول سيادة اللواء حمدى بدين  قائد الشرطة العسكرية وقتها ومعه قواته دخل مكتبى وبعد السلام والترحيب  قال لى: "يالا يا شيخ أحمد !    قلت له: على فين يا فندم، قال لى : أنا مكلف أوصلك بيتك هنا فيه خطورة عليك الآن".

(علمت بعدها بوجود ترصد من قبل العناصر الإرهابية ونيتهم إغتيالى )!!.

فقد وصلت معلومة  إلى سيادة المشير  طنطاوى رحمه الله ، بأن عناصر من الجماعات ستقتل إمام مسجد النور !!

وبرفقة خَيْرٌ أجناد الأرض من الشرطة العسكرية توجهت إلى النيابة العسكرية لعمل محضر..  ثم رافقونى إلى أن وصلت سالماً والحمد لله إلى بيتى.

وفى الجمعة التى بعدها قام سيادة المشير طنطاوى بتكليف خَيْرٌ أجناد الأرض "استعادة مسجد النور وحضرت القوات وحضر وزير الأوقاف والمسئولين وخطب الجمعة الشيخ ذكى الدين ابراهيم رحمه الله بتكليف من شيخ الأزهر".

وأثناء أحداث ما سُميت وقتها "بالزحف إلى وزارة الدفاع والاشتباك مع الجيش".    قامت قوات خَيْرٌ أجناد الأرض بقطع الطريق عليهم من عند مطلع كوبرى العباسية وموقف سيارات المسجد  فى شارع امتداد رمسيس، وكان هناك سيلاً جارفاً من المتظاهرين الذين جاءوا من ميدان التحرير، والمتحفزين  للاشتباك مع القوات، وكان يمكن أن تحدث مجزرة وقتها، لولا حكمة سيادة المشير طنطاوى حيث أعطى الأوامر  بضبط النفس وفض المظاهرات دون خسائر..!

وبالفعل تم فض المظاهرة

وأذكر وقتها كانت أبواب مسجد النور مغلقة وعندما أراد الكثير من المتظاهرين الرجوع إلى ميدان التحرير، كانت توجد عناصر فى خلف المظاهرة يعتدون على من يحاول الرجوع  بمحاولة قتله أو جرحه حتى يتم اتهام الجيش بعمل جرائم والمتاجرة بذلك فى الإعلام العالمى !

وقتها أمرت عمال المسجد بفتح الباب المطل على شارع امتداد رمسيس (الموجود به المظاهرة والمؤدي الى العباسية) وفتح الباب الآخر المطل على شارع لطفى السيد  المؤدى إلى رمسيس، كممر آمن، وتم دعوة المتظاهرين فى الميكروفون للمرور والرجوع مرة أخرى وعدم الاشتباك مع قوات الجيش  وبالفعل عبر الآلاف والحمد لله بأمان ورجعوا من حيث جاءوا

وتسلل إلى  مآذن المسجد ( 120 مترا ) عناصر مسلحة من الجماعات بقصد ضرب الجنود والضباط، وقامت قوات الصاعقة الأبطال بالتعامل معهم والقبض عليهم .

هذا جزء بسيط مما تحمله البطل الراحل سيادة المشير طنطاوى فى هذه الفترة من تاريخ مصر، فقد تعامل بكل حكمة وقوة وتجاوب مع كل الأحداث فى وقت واحد .

وبفضل الله تعالى لولا هذا الرجل ومعه جنوده وأبناؤه الأبطال خَيْرٌ أجناد الأرض لسقطت مصر فى دياجير الضياع، حيث كانت الجماعة الإرهابية تخطط لإسقاط مصر بالفعل ! وظهرت نيتها فى كثير من الفعاليات المقامة وقتها ،،،

ففى ندوة للجمعية الشرعية بالجلاء فى 25 فبراير 2011 وكان الكثير يجامل  الجماعة وقتها، تمت مناقشة الإصلاح من وجهة نظر الجماعة وتم شرعنة الانتحار وتحريض الشباب عليه للإثارة كما فعل الشاب التونسى بوعزيزى، وتم إهانة الجيش ومؤسسات الدولة، والإشادة بسقوط مصر !!

والندوة مسجلة ومرفوعة على اليوتيوب

هذا يعكس التهيئة التى كانت تصنعها الجماعات  لحكم مصر وإسقاط مؤسساتها ،،،

هناك بطل من تراب هذا الوطن أفشل المخطط وتحمل حِمل الجبال كى يحافظ عليها  من براثن هؤلاء المجرمين ، إنه المرحوم سيادة القائد المشير محمد حسين طنطاوى

ثم جاء بعده تلميذه سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى ليكمل المسيرة ويرسل الجماعة الإرهابية إلى مصيرها التى تستحقه فكانوا كبنى إسرائيل حيث قال الله فيهم: "فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ (29)..  سورة الدخان

رحم الله المشير طنطاوى وجزاه خيرا على ما قدم لمصر والمصريين

حفظ الله مصر من كل مكروه وسوء .

وحفظ الله ابن مصر البار عبدالفتاح السيسى وألهمه الرشد والقوة ليجعل مصر فى مكانتها التى تسحقها ..

Dr.Randa
Dr.Radwa