الخميس 25 ابريل 2024

حديث النفس.. دائما.. هكذا!!


سحر رشيد

مقالات19-9-2021 | 02:11

بقلم: سحر رشيد

دائما تسير أمورنا اوتعايشنا مع الحياة بقوانين وقواعد اخترناها لأنفسنا أو هكذا فرضت علينا وكأنها قوالب جامدة ونماذج تحمل علامة مسجلة للنجاح ودونها يكون الفشل.. قد نتوه في تفاصيل  التجربة التي تحمل الخطأ والنجاح.. ولكننا أحيانًا نحتاج لنظرة من بعيد لنحدد ان ما نفعله سيستمر هكذا.. أم يجب أن يتغير لهكذا وهكذا.
أحيانًا نحتاج أن نتوقف عن خوض بعض المعارك في الحياة وترغب أنفسنا في رفض خيارات المقاومة فتنسحب إلى الاستسلام، ونصبح في هدنة مع الحياة إما لتحقيق فرصة حقيقية للاحتفاظ ببعض المكاسب التي حصلنا عليها، أو لإعادة شحن بطارية قوتنا والعودة في صورة أقوى وأفضل، وتكون هذه الهدنة بمثابة نظرة للأمور من بعيد تجعلك ترى الكل المتكامل من كافة الجوانب التي تعد فرصة أيضا لالتقاط الأنفاس لمعاودة الركض وقد تطول هذه الهدنة وتطول معها فترة الغياب الذي قد يكون تكتيكيًا او اضطراريًا وقد يؤدي الي إعادة الحسابات وتصحيح المسار، وإذا كان هذا الأمر متاحا لك في تفاعلك مع الأيام التي منحتك فرصة التأمل فهي فرصة نادرًا ما يحصل عليها أحد فجميع أمورنا تحتاج للتواجد بشكل مستمر وقوي في المشهد فما ان خرجت من المشهد  فغالبا لن تعود اليه لان البدلاء المنافسين دائما حاضرون فنحن كثر والفرص قليلة ونادرة.
اما اذا استطعت العودة مرة أخرى فمن المؤكد انك ستكون الافضل ولكن يتوقف الأمر علي قدرتك علي اختزال مدة بعادك التي قدتنسي الآخرين وجودك فنحن دائما أصحاب ذاكرة ضعيفة لا نتذكر سوي ماهو امامنًا ببضع سنتيمترات ،ولا نتذكر مافات مهما كان مؤثرًا ويعزز ذلك حركة الايام السريعة المتلاحقة، فكم من أناس خرجوا من المشهد ولا يستطيعون العودة مرة اخري فقواعد اللعبة تغيرت وازاحوهم آخرون..فنحن دائمًا هكذا!!
يحمل فيلم حياتك دائما اسمك حتي وإن لم تلعب فيه الدور الرئيسي  ولعب من حولك دورًا أكبر ولكنه يرتبط بك، سواء كان هابطًا أو حتي كرتونيًا أو وثائقيًا يستحق التأريخ، فيلمك قد يكون هذا او ذاك وكلما كانت قصته مأساوية رشح لجائزة قد تصل للاوسكار ،فالناس تعتز بتوثيق المأسي حتي وإن لم ينتصر فيها الخير علي الشر.. فالبؤس أقرب الطرق لقلوب العديدين الذي تحركه مآسيهم  وتضعها أمامهم في قوالب عديدة فتخلق التعاطف الذي يرشحها لجوائز تعكس معاناتهم لتعبر عن اوجاعهم وجوهر احاسيسهم فحاجات الناس الأساسية متشابهة والامهم مهما اختلفت علاقاتهم التي قد تخلق أحاسيس سامية من التوحد والتأثر نتيجة التعاطف أو تتوقف عند التحسر علي أوضاعهم التي جسدتها سيناريوهات حيواتهم حتي ولو كانت كوميديا سوداء.
فكلنا نجيد الشكوي بشرط الشكوي من غيرنا فلا نشكو من أنفسنا.. فدائما الأسباب مجهولة أو هكذا نتنكر لها والاثر معلوم، فإذا ما حصلنا على مكاسب نعتقد انها جزء من حقنا لاعتبارات ذكائنا ومهاراتنا التي تستحق الأكثر والأكثر دائما الذي لم يأت بعد!!
نعيش ننتظر الفرحة الكبري ونتذكر الاحزان أكثر من الافراح، فكل حزن نمر به نعتبره كبير حتي يأتي إلينا غيره فيحل محله.
وعلى الرغم من أن أفراحنا كثيرة لكننا طماعون نرجو المزيد والمزيد فلا نتذكر سوى الأحزان.. فشعور الفرحة يزوال أثره سريعا ولايشعله سوى فرحة جديدة، أما الأحزان تحتفر في نفوسنا فتترك علامات غائرة نستعذب تذكرها وإقامة الذكري السنوية لها  فنحن دائما هكذا.!!
دائما ما نخدع أنفسنا بقدرتنا على النسيان فقد تقل حدة الذاكرة في كل شئ إلا في الثأر ممن ظلمنا.. صحيح تنخفض حدة هذا الشعور بمرور الأيام وانعدام قدرتنا علي الصراع ومكابدة خصومنا.. ولكنه التهذيب والإصلاح الذي فعله الزمن فينا فقلت معه مكنونات الشر والشماتة داخلنا فأصبحنا ننتظر حقنا من الأيام.. فمنا من يسامح ولا يعفو فالتسامح عنده لا يسقط العقوبة ويعيش أيامه ينتظر حقه فنحن نعيش هذه الحياة بعيوبنا ومحاسننا.. وقد تزداد عيوبنا وقلما تزداد محاسننا فتخرج قسوة الظلم الرغبة في الانتقام من داخل نفوسنا التي تستمر حتي مع التسامح ليعيش دائما.. هكذا.
دائما ما يحلو لنا أن نفرض علي الآخرين طريقا واحدا للنجاح وما عاداه  هو طريق الفشل.. نفرض النمطية والقوالب الجامدة حتي ولو كنا غير مرتاحين ولانشعر بالسعادة داخلها ..لكنه القالب المعتاد في أمور عديدة في حياتنا ،وكأننا خلقنا أوصياء علي بعضنا البعض ،ونتطوع بالتناصح فيما بيننا، وحينما نفعل ذلك نتحدث دائما عن الجانب المشرق لهذا الأمر ونغفل الجوانب السلبية وكأن لزاما علينا أن يشرب الكل من نفس الكأس وانحصرت الحياة داخل هذا الإطار وحده حتي وان أصاب العطب ما بداخله او حتي اننا  ندافع عن موروثات خاطئة طالما مستفيدين منها علي حساب حقوق آخرين او طالما لم يلحق بنا اذي منها، فتجدنا ننتقد من يعزف عن الزواج و نهمل حريته الشخصية ونتدخل في حياة غيرنا لأبعد الأمور ليس في الزواج فقط بل في الإنجاب وعدد الاولاد واحيانًا في النوع وفي الدراسة والتخصص والملبس وغيرها.. ونصبح كلنا خبراء حتي ولو كنا فاشلين، ولكن التمسك فقط بالقوالب المجتمعية والخروج عنها يعتبر عيبا ولا يصح لأحد أن يغرد خارجه علي الرغم  أنه لايتعارض مع حكم الشرائع السماوية او حتي قانون الأخلاق.
واذا ما حدث وأراد ان يسير أحد عكس الاتجاه نعتبره منبوذا وقد نصفه بالجنون واما يصبح في حالة دفاع عن النفس اويلجأ لحياة سريه قد تدفعه لارتكاب مخالفات في الخفاء.. لمجرد أننا رفضنا أن نطور موروثات قد يكون بعضها غير مناسب   للعصر الذي يعيشه شخوص مختلفة ونتمسك بعباءة الماضي الذي يحلو لنا أن نصفه دائما بالزمن الجميل.. قد كان جميلا لأهله وأصحابه والآن لدينا شخوص ومفردات جديدة من حقها ان تتحلي بالثوب الجديد الذي يناسبها طالما لايخالف الشرائع السماوية والا فمتي نتطور ونضئ مصباح التميز والتنوير ونصبح  جميعا في النور ليري بعضنا بعضا ..فلا يجب أن نكون دائما وهكذا.. بل يجب أن نكون كنا دائما وأصبحنا هكذا.
دائما الاحترام هو العنوان العريض لكل العلاقات الإنسانية وهو الباعث علي خلق الحب والمودة بين الناس حتي وإن غابت العاطفة ووصلت لدرجة الكره فوجود الاحترام المتبادل كفيل باستمرار العلاقات المنضبطة. 
فعندما يغيب الاحترام عن بعض العلاقات تصبح هذه العلاقة هشة عرضة للانهيار  في اي وقت وخاصة في العلاقات العاطفية لانه يخطئ من يتصور أن هذه العلاقات تعتمد فقط علي الغريزة التي تحركها ويتعري كل طرف امام الآخر فيصبح لا وجود لقواعد الاحترام بينهما ،فالعلاقة الحميمية وان كانت جزء من العلاقة العاطفية ولكنها ليست كل العلاقة بدليل استمرار العلاقات الإنسانية الرائعه بين الزوجين في الكبر ، كما أنها ليست اهم ما في العلاقة بدليل ان كثيرا من العلاقات غير المشروعة ما تعتمد علي هذا الجزء فقط بل أحيانا يذهب بعض المرضي النفسيين الي هذه العلاقات لتدمير قدر الاحترام الذي تفرضه عليهم العلاقات المشروعة في إطار الزواج فيذهب لها لإخراج المكنون غير المحترم بل والشاذ وبالتالي فهي علاقات قصيرة  الاجل تمتلئ بها صفحات الحوادث وبنهاياتها المأساوية..انما العلاقات الطيبة دائما ما تقوم علي احترام كل طرف للآخر.. فالحدود الفاصلة جميعها هي التي تخلق القدرة علي استمرارها عزيزة ابية، فيجب أن يحترم كل طرف مشاعر الآخر ولا يعتدي علي خصوصيتة وذات كل طرف  مقدرة عند الآخر فهي ليست علاقات امتلاك بل يحب ان يترجم الاحترام الي أفعال ومواقف تعبر عن مدي الحب والتقديرالذي يشعر به الشريك اتجاه شريكه وحبيبه مما يقوي الثقة ويخلق القدرة علي تحمل الصعاب والتسامح عند حدوث اخطاء غير مقصودة والقدرة علي تقديم الاعتذار وتقبل الاعتذار أيضا. 
وسيظل مخزون الاحترام هو الوقود الحقيقي لاستمرارالعلاقات الإنسانية وتري البعض يسئ مفهوم الاحترام فيظل محتفظا بقدر من الاحترام او عدم التعدي  علي الآخر طالما لا يوجد خلافات ومتي تواجدت هذه الخلافات تفتقد العلاقة احترامها..هذه حالة من الاحترام المزيف لانه لم يكن لها القدرة علي الاستمرار.
وفي تصوري ان الاحترام هو الباعث علي الحب فكثير من الأصدقاء ماتتحول علاقاتهم الي حالات من الحب عبر بوابة الاحترام واذا ما فشل الحب المغلف بالاحترام سيظل التقدير دائما هكذا موجود.
أحيانا تكون وحيدا.. مهزوما او فرحا سعيدا.. فأنت دائما كل هذا وذاك.. لا تخلو الحياة من اي منهما.. اختياراتك محدودة في الحياة هكذا.. لكن دائما انا وانت ونحن ومن سبقونا تتقلب احوالنا  ما بين هذا وذاك.. وقد تغفل فرصا لك في الحياة وتشكو من ضياعها وتتحسر علي ما اسميته الزمن الجميل واردت ان تفرض فيلمك علي غيرك رغم انك تركته لغيرك ليخرجه لك.. عيب أن تكون دائما هكذا بل يجب أن نصبح غير هكذا لتسير حياتنا للأفضل هكذا وهكذا.

Dr.Randa
Dr.Radwa