الأحد 2 يونيو 2024

ترابها من المسك الأبيض وفرشها من السرر.. ما هو وصف الجنة؟

وصف الجنة

دين ودنيا18-9-2021 | 11:35

سالي طه
وصَف الله -تعالى- الجنَّة وما فيها في كثيرٍ من الآيات، وفي هذا السياق، تقدم بوابة "دار الهلال"، وصف الجنة بالتفصيل كالآتي:

ـ قال -تعالى-: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ)، فماؤها غير آسن؛ أي غير مُتغيّر أو مُنتِن، كما أنَّ فيها خمرٌ لذيذٌ لم يُدنّس، وكذلك الأنهار من العسل المُصفّى، ومن جميع الثمرات، وفيها من ما لا عينٌ رأت، ولا أُذنٌ سمعت، ولا خَطَرَ على قلب بشر، كما أخبر بذلك النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (قالَ اللَّهُ: أعْدَدْتُ لِعِبادِي الصَّالِحِينَ ما لا عَيْنٌ رَأَتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ)، وفيها ما يشتهيهِ الإنسان ويتمنّاه، لِقولهِ -تعالى-: (وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).

ـ وصفُها من حيث الإجمال، فهي جنَّةٌ عاليةٌ فوق السماء السابعة، لِقولهِ -تعالى-: (عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى* عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى).

ـ وأما أبوابها فهي ثمانية، وبناؤها لَبِنَةٌ من ذهب، وأُخرى من فضّة كما ورد في الأحاديث، وفيها جنّتان من ذهب، وكُلّ ما فيهما من ذهبٍ، وجنّتان كُلُّ ما فيهما من فضَّة.

ـ عرضُها فهي كعرض السماء والأرض، وطولها لا يعلمهُ إلا الله -تعالى-، وأوَّلُ من يدخُلها أُمّة النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، وتُرابُها من المسك الأبيض الخالص، والزعفران، وحَصباؤها؛ أي الحصى من اللؤلؤ الكبير، ووجوهُ من فيها بيضاء، ضاحكةٌ، ومُستبشرة، كالقمر ليلة البدر، وتكون الجنَّة درجات، أعلاها الوسيلة، و الدُخول إلى الجنَّة يكون جماعاتٍ تلو جماعات.

ـ وَصَفَ الله -تعالى- غُرفَ الجنَّة ومساكنِها بقوله: (لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ الله لا يُخْلِفُ الله الْمِيعَادَ)؛ فقال ابنُ كثير في تفسيره: إنَّ هذه الغُرف تكون قُصوراً شاهقة، وتكونُ طبقاتٍ بعضها فوق بعض، مبنيّةٌ بإحْكام، وهي عالية ومُزخرفةٌ، ووصفها النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بقوله: (إنَّ في الجنَّةِ غرفًا يُرى ظاهرُها من باطنِها وباطنُها من ظاهرِها)، ففي الجنَّة غُرفٌ، وبيوتٌ، وقُصورٌ، وخيام، لِقولهِ -تعالى- على لسان امرأة فرعون: (رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ).

ـ بالنسبة للخيام، فجاء ذِكرُها في قولهِ -تعالى-: (حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ)، ويُمكن لأهلِ الجنَّة الذهاب فيها حيثُ يشاؤون.

ـ في الجنَّة قُصوراً من زبرجد، ومن ذهب، ومن فضَّة، وفيها أنواعاً من الأحجار الكريمة والجواهر، ووصف النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بعضاً من خيامها بقوله: (إنَّ لِلْمُؤْمِنِ في الجَنَّةِ لَخَيْمَةً مِن لُؤْلُؤَةٍ واحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ، طُولُها سِتُّونَ مِيلًا، لِلْمُؤْمِنِ فيها أهْلُونَ، يَطُوفُ عليهمِ المُؤْمِنُ فلا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا)، وتكون جميعُ مساكنها مُجهّزةً ومفروشة، وجاء عن بعضِ أهل العلم كالطبريّ والقُرطُبيّ أنَّها تُبنى بالذِّكر والتسبيح.

ـ بِناءُ الجنَّة مِن الذهب والفضَّة، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (الجنّةُ بناؤها لَبِنَةٌ من فضةٍ، ولَبِنَةٌ من ذهبٍ، ومِلاطُها المسكُ الأذفرُ، وحصباؤها اللؤلؤُ والياقوتُ، وتربتُها الزَّعفرانُ)، وأمّا المادة التي تُوضع بين اللّبِنَتين فهي المسْك، وتُرابُها من المِسك.

ـ رائحتُها فتُشمُّ من مسيرةِ خمسِمئة عام، وقيل مئة عام، وقيل أقلّ من ذلك، وهي أطيبُ رائحة، ويَشمُّها الإنسان بحسب عمله.

ـ شجرِ الجنّة، كقولهِ -تعالى-: (وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ)، وكذلك قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إنَّ في الجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ في ظِلِّهَا مِئَةَ عَامٍ لا يَقْطَعُهَا)، ومما يُميِّزها أنَّ ظِلُّها دائمٌ، وساقُها من الذهب والفضّة، وجاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنَّ جِذعها من الزُمُرّد الأخضر، كما أنَّ في الجنَّة شجرة يُقال لها سدرة المُنتهى عند جنّة المأوى.

ـ وصف النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- ثمرها بأنّه مثل قِلال هجر*، وورقها مثلُ آذان الفيلة، والورقةُ الواحدة منها تكاد تُغطّي الأُمّة، ويزرعُ الإنسانُ شجرَ الجنّةِ بالتّسبيح، والتّحميد، والتّهليل، والتّكبير، كما أنَّ الرياح تجعلها تُصفّق، وتُصدِر أصواتاً يَطربُ السامعُ لها.

ـ أنهار الجنة يُعدُّ ماءُ الأنهار في الجنَّة أعذب من المياه، وأخبر النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- عن بعض هذه الأنهار بقوله: (سَيْحانُ وجَيْحانُ، والْفُراتُ والنِّيلُ كُلٌّ مِن أنْهارِ الجَنَّةِ)، وتجري هذه الأنهار من غير أخاديد، وحوافّها من اللؤلؤ والياقوت، وطِينتهُ من المِسك، كما أنَّ من أنهارها الكوثر؛ الذي قِبابهُ من اللؤلؤ، وكذلك حَصاه، ومن أنهار الجنَّة أيضاً ما ورد في قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إنَّ في الجنَّةِ بَحرَ الماءِ، وبَحرَ العَسلِ، وبَحرَ اللَّبنِ، وبَحرَ الخمرِ، ثمَّ تُشَقَّقُ الأنهارُ بعدُ).

ـ فرش الجنة تُعدُّ فُرش الجنَّة من السُرر -جمع سرير- المرفوعة، وتتكوّن من الياقوت الأحمر، ولها جناحان من الزُمُرّد الأخضر، وعليها سبعون فِراشاً محشوةً بالنور، وظاهرها السُندس، ومن داخلها الاستبرق، وطولها مسيرة أربعين عاماً، وأرائكها من اللؤلؤ، قال الله -تعالى-: (هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ)، كما أنَّ من فُرشها العبقري؛ وهو الفِراش المُطرَّز، وكذلك الزرابيّ، والرفرف، وهي المفارش التي تكون فوق السُّرر، لِقولهِ -تعالى-: (فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ* وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ* وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ* وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ)، وتصعد هذه السُّرر بصاحبها حيثُ يُريد.

ـ نور الجنة وجوها أجواء الجنَّة من نور، حيث لا يوجد شمسٌ أو قمرٌ، أو ليلٌ أو نهارٌ، أو صيفٌ أو شِتاءٌ، وجاء عن بعض السلف قوله: إنَّ جَوَّها كالنور الذي يكون عند الفجر وقبل طُلوع الشمس، كما أنَّه لا يوجد بها نوم، وفيها سوقٌ يدخله الإنسانُ كُلُّ جُمعةٍ، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إنَّ في الجَنَّةِ لَسُوقًا، يَأْتُونَها كُلَّ جُمُعَةٍ، فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمالِ فَتَحْثُو في وُجُوهِهِمْ وثِيابِهِمْ، فَيَزْدادُونَ حُسْنًا وجَمالًا، فَيَرْجِعُونَ إلى أهْلِيهِمْ وقَدِ ازْدادُوا حُسْنًا وجَمالًا، فيَقولُ لهمْ أهْلُوهُمْ: واللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنا حُسْنًا وجَمالًا، فيَقولونَ: وأَنْتُمْ، واللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنا حُسْنًا وجَمالًا).

ـ درجات الجنة تُوجد في الجنَّة درجاتٍ كثيرة، ويتفاوت أهلُها في النعيم، لِقولهِ -تعالى-: (وَلَلآخِرَةُ أَكبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكبَرُ تَفضيلًا)، فالأولياء الصالحون في أعلى درجات الجنَّة، وأدنى أهل الجنَّة هم أقوامٌ يدخلون النار ويُعذَّبون فيها بقدر ذُنوبهم، ثُمّ يُخرجون منها ويَدخُلون الجنَّة، ويُسمَّون الجهنّميين، ثُمّ تُمحى عنهم بعد دُعائهم، وممن يسكنون في الدرجات العُليا من الجنَّة كما ذكرهم الله -تعالى- في القُرآن؛ عباد الله، والمُتقون، والمُقربون، والسابقون، والسابق بالخيرات، وأعلى درجاتُها هي الوسيلة التي لا تكون إلا لِشخصٍ واحدٍ، وهو النبيّ محمّد -عليه الصلاةُ والسلام- وسُمّيت درجة الوسيلة بهذا الاسم؛ لأنَّها أقرب الدرجات إلى عرش الرحمن، وهي أقرب الدرجات إلى الله -تعالى-، لقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الوَسِيلَةَ، فإنَّها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ، لا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِن عِبادِ اللهِ، وأَرْجُو أنْ أكُونَ أنا هُوَ)، فمن سألها للنبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- نال شفاعتهُ يوم القيامة.