الجمعة 26 ابريل 2024

صناعة النجاح وصناعة الفشل

مقالات5-7-2021 | 22:33

دائما ما يراودني تساؤل كلما ظهر نجم مصري جديد في سماء العالمية وأري توهجه وارتفاع أسهمه سواء في المجال العلمي أو الرياضي أو أي مجال آخر، هل كان سيحقق كل هذا النجاح والتفوق والتميز إذا لم يسافر أو يهاجر إلي الخارج؟ مثلا لو أن الدكتور العظيم مجدي يعقوب قرر عدم الهجرة والاستمرار في بحثه العلمي في الداخل.. هل كان سيصل إلى ما وصل إليه؟ وهل كانت جامعته التي تخرج فيها ستوفر له الدعم المادي والأدبي والمعنوي الذي يمكنه من الوصول بطموحاته ونجاحاته إلي كل بقاع الدنيا؟ وهل كانوا سيعملون ويتعاونون معه كفريق واحد حتي يصل للعالمية؟ هل كان فخر العرب محمد صلاح سيحقق جزءًا مما حققه مع الأندية الأوروبية إذا استمر لاعبا في الدوري المصري؟

أعتقد أن الإجابة ستكون بالنفي، فالطبيب العالمي السير مجدي يعقوب كان غالبا سيصطدم بعميد حاقد، سيعمل ليل نهار على التشهير به، وبث الشائعات عن فشله وخيبته، وكان سيجد من زملاءه من يؤيد ذلك طمعا في علاوة أو ترقية أو أجازة، ونجمنا العالمي صاحب الأخلاق العالية محمد صلاح كان سيوقعه حظه في مدرب يغار من موهبته أو رئيس ناد معقد نفسيا يري أنه السبب عقب كل هزيمة وسيتم طرده مع توجيه سيل من الشتائم والسباب له والادعاء بأنه السبب في الهزيمة لعدم التزامه الأخلاقي وضعف مستواه وقلة موهبته.

للأسف عوامل النجاح في مصر ضعيفة، معظمنا لا يمتلك ثقافة مساندة الناجحين والنابغين حتي يصلوا إلى منتهاهم، البعض لا يستطيع تشجيع الناجح حتى يصل إلي النبوغ، بل نحبط النابغ ونظل خلفه بكل قوة وشراسة حتي يصبح فاشلا، البعض يمتلك ثقافة وسياسة وأدوات إفشال الناجح والقضاء على حلم المجتهد، لأنه ببساطة يرى فيهم خطر يهدد فشله، هناك أشخاص مهمتهم إفساد وإسقاط أي شخص لديه حلم أو طموح يسعي إليه بضمير وشرف، الكثيرون نجحوا بسبب عدم وجود منافسة حقيقية ولو وجدت هذه المنافسة ما أدركوا أي نصيب من النجاح، لدينا ناجحون بالفهلوة والشطارة والواسطة،.

 

النجاح له مقومات يعرفها العالم أجمع أولها العلم والعمل والإتقان ومحاولة الابتكار والاستناد إلى كل جديد، وهي معظمها أدوات استبدلت بأشياء أخري في مجتمعنا، مفهوم العمل الجماعي معدوم حتي في المجالات العلمية، أغلب الناجحين يبتغون الثروة والشهرة بينما في الغرب رفعة أوطانهم هي المنتهى، نحن مهرة في صناعة التافهين وهم مهرة في صناعة المتميزين،  لدى البعض خطط لوأد أي طموح أو حلم وهم يقدمون كل الدعم لكل من لديه فكرة بسيطة ويستمرون خلفه حتى تصبح واقعا يحقق الخير للجميع.

بعض المديرين لدينا يحتاجون إلى مجموعة من الفشلة والمنافقين حتي يشعر بنجاحه المزعوم ويستبعد المجتهدين المتميزين لأنهم سيكشفون تواضع إمكانياته، بل سيحاول القضاء عليهم بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، أما المدير لديهم فهو أب يعي جيدًا أن نجاح مرؤوسيه من نجاحه وفشلهم من فشله، لذا يعمل جاهدًا لتقديم كل الدعم المادي والمعنوي لهم  

نحتاج إلي مديرين في كافة المجالات يخشون الله ويحبون وطنهم، قبل أن يحبوا أنفسهم، ولكن للأسف لن يحدث ذلك إلا بإعداد كوادر جديدة بفكر مختلف وتحت رقابة صارمة لأي انحراف في الفكر أو الهدف أو الآليات.

أنا لا أقصد انعدام الناجحين الحقيقيين في المجتمع، ولكن أقصد أنهم صاروا قلة وهم الاستثناء، والاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره، أريد أن تكون كل مؤسسات الدولة كالجيش والقضاء وبعض الجهات الأخرى التي تعد على أصابع اليد الواحدة، فهذه الجهات تحترم النابغين ويبسطون لهم كل الدعم والمساندة لتحقيق حلمهم، بل إنهم يجعلون من حلمهم حلما عاما يسعى الجميع لتحقيقه سواء فرادى أو مجتمعين، العلم والاجتهاد والعمل في هذه الجهات تضيف إلى صاحبها قيمة، أريد أن تكون هذه هي سياسة الجميع مع الناجحين والحالمين، لا تحبطوا أحدا، ولا تنهوا حلما، ولا تضيعوا جهدا.

مصر الآن تتغير وتتقدم بخطى ثابتة تحت قيادة حكيمة واعية فلا تكونوا أنتم حائلًا لهذا التقدم .

Dr.Randa
Dr.Radwa

الاكثر قراءة