الجمعة 19 ابريل 2024

كل يوم فنان| "محمود سعيد" رسام ارستقراطي جسد حياة البسطاء

محمود سعيد رسام أرستقراطي جسد حياة البسطاء

ثقافة4-7-2021 | 13:40

مريانا سامي

"محمود سعيد" فنان تشكيلي من أهم فناني مصر ومن رواد المدرسة المصرية الحديثة في الفنون التشكيلية، وقد برع في تقديم لوحات تجسد الواقع المصري الصميم بعيون مصرية خالصة وبعيدة عن التغريب أو السطحية.

ولد محمود سعيد في الثامن من أبريل لعام 1897 في الإسكندرية في رحاب مسجد" سيدي أبي العباس المرسي؛ لعائلة ثرية أرستقراطية من الطراز الأول، فقذ كان والده محمد سعيد باشا رئيس الوزراء أنذاك وبالتالي عاش محمود سعيد في مستوى اجتماعي وفكري وتعليمي عال بشكل كاف.

عام 1919 أنهى محمود سعيد دراسة الحقوق، فكافأة والده بقرار سفرة إلى باريس لاستكمال الدراسات العليا في القانون وقد كان فسافر وأنتهز فرصته أنذاك والتحق بالقسم الحر بأكاديمية جراند شومبير لمدة عام ثم أكاديمية جوليان؛ وظل محمود سعيد يتابع ويتأمل ويشاهد الفنون في المتاحف الفرنسية ويقرأ عن تاريخها ويزيد من معرفته في هذا المجال الذي شغف به.

حين عاد من باريس؛ فقد تعين للعمل بالمحاكم المختطلة في مدينة المنصورة ، وكالعادة ترقى في سلك القضاء حتى وصل إلى درجة مستشار، وفي هذه الأثناء - أي منذ عوته من الخارج - وحتى معاشه الذي طلبه حين وصل لسن الخمسين؛ كان يمارس هوايته وشغفه بالفنون التشكيلة فيرسم اللوحات المختلفة التي تعبر عن عمق اتصاله وتأثره بالبيئة المصرية.

 على نقيض مستوى محمود سعيد المادي والاجتماعي، لكنه كان دقيق التجسيد للحياة الإجتماعية عند البسطاء والفقراء أو بمعنى أشمل لدى العامة المصرية وتفاصيلها مما يوحي لك إنه كان واحدًا منهم، غرق فيهم وفي تفاصيلهم حتى استطاع أن يجسدها بتلك البراعة؛ مثلًا في لوحته الأشهر "الدروايش" أتضح تأثره بنشأته وتربيته في الإسكندرية بجوار المساجد والأضرحة والموالد السنوية فجسد حالة الروحانية الدينية والتصوف في لوحته كأنه درويش منهم!.

كذلك تأثر الفنان محمود سعيد بدراسته في الغرب وحياته هناك وإطلاعه على الفنون الأوربية الكلاسيكية، فكان أول من وظف الأساليب الغربية في الفنون لينتج لوحات قومية تعبر عن مصرية خالصة لا شائبة عليها؛ لهذا كان نموذجًا متفردًا عن أي فنان تشكيلي أخر في هذه الحقبة رسم واقع مصر أو الشرق الأوسط عموماً؛ فقد كان الفنانون الأجانب يرسمون مصر بعين أوروبية سطحية، إلا هو كان يرسمها بعين مصرية خالصة مع درايته للفنون والقواعد الأوربية نفسها.

تنوعت لوحات الفنان محمود سعيد بتنوع مراحلة العمرية؛ فقد كانت باكورة أعماله حول الأمور الفلسفية الحب والموت والدين وغيرهم، أما بعدها فقد ركز على "البورترية" فرسم مثلاً المرأة المصرية بكل ملامحها المتميزة وتعبيراتها وجوهرها المتفرد، وفي الخمسينات مرحلته الأخيرة في الإبداع جاءت لوحاته هادئة وعم الضوء عليها وربما البروده بنسبة كبيرة فكانت لوحات المناظر الطبيعية الراسخة الصامتة؛ وربما كان هذا يتناسب أنذاك مع تقدمه في العمر واحتياجه لبعض من الهدوء حتى في لوحاته.

على مدار أكثر من ثلاثين عامًا قد أقام عدد من المعارض في مصر ونيويورك وباريس ومن أهم وأشهر لوحاته؛ الدراويش، الشادوف، المدينة، بنات بحري، بائع العرقسوس، بنت البلد، الشحاذ، ذات الرداء الأزرق، ذات الجدائل الذهبية، الخريف.  

ويذكر أيضًا أن له لوحة افتتاح قناة السويس التي تصور وتسجل الحدث التاريخي لافتتاح قناة السويس في عهد إسماعيل.

كذلك قام برسم أشخاص من أفراد عائلته واصدقائه فهناك صورة خالدة للملكة فريدة، وهي في مراحل عمرها الأولى.

حصل أيضًا على مجموعة من الجوائز اهمها : ميدالية الشرف الذهبية في معرض باريس الدولي عام 1937 عن الجناح المصري، ثم منحته فرنساعام 1951 وسام اللجيون دوبنر . وفي عام 1960 كان أول فنان تشكيلي يحصل علي جائزة الدولة التقديرية للفنون وتسلمها من الرئيس المصري جمال عبد الناصر.

وبعد وفاته عام 1964 خصصت له الدولة متحفًا يحمل اسمه، يضم أعماله الفنية وهو متحف محمود سعيد بالجزيرة.