السبت 27 ابريل 2024

الحب في زمن الكورونا.. مستقبل العلاقة بين الإنسان والروبوتات

مقالات31-5-2021 | 17:55

كان العام 2049 صعبًا على البشرية والروبوتات في الوقت نفسه، فقد ظهر في ذلك العام فيروس كورونا الأكثر تمددًا وتحورًا بنسبة وفيات وصلت إلى 40% من المصابين به، وفي الحقيقة فإن البشرية منذ ظهور فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" لم تهنأ سوى ثلاث سنوات من ظهور أنماط جديدة من الفيروس هي السنوات 2030 و2031 و2041، ليظهر نمطٌ جديد هو الأكثر تمددًا وتحورًا هو "كوفيد 46" في عام 2049.

ولعل بداية سنة 2049 كانت منبئة بكوارث محققة ستلحق بالبشرية منذ لحظاتها الأولى مع الاحتفال بليلة رأس سنة ذلك العام، حيث ضربت زلازل غير مسبوقة أرجاءً مختلفة من العالم، وتسببت هذه الزلازل في انهيار عديد من ناطحات السحاب وسقوط الكباري والجسور وتلاشي قرى ومدن بأكملها وحدوث موجات تسونامي هائلة، كانت إحداها في البحر المتوسط للمرة الأولى على الإطلاق، وكادت هذه الموجة أن تعمل على تلاشي الدلتا في مصر وغرق نصف مدينة الإسكندرية، وتلاشت فيها عديد من المدن التركية المطلة على البحر المتوسط، وغرقت على إثرها جزيرة "كريت" وبعض الجزر اليونانية.

والأدهى من ذلك فإن هذه الزلازل قد أدت إلى خروج سلالات جديدة من الخفافيش لم تشهدها البشرية في غابات أفريقيا من أوكارها، حيث تم اكتشاف عشر سلالات جديدة من خفافيش "حدوة الحصان" الناقلة لفيروس "الكورونا".

 ولكن المصيبة أن انتشار المثلية الجنسية في العالم جعلت من دماء هذه الخفافيش إشباعًا للنهم الجنسي بالآخر المماثل وسط طقوس تؤدي إلى مزيد من الاشتهاء الجنسي، وهو ما جعل الفيروس الجديد يُصاب به أصحاب المثلية الجنسية الذين سافرت أعدادٌ منهم ليحصلوا على دماء الخفافيش المقدسة في أفريقيا، وعندما عاد هؤلاء إلى بلدانهم بدأت الطامة الكبرى في مختلف بلدان العالم التي ينتمي إليها هؤلاء المثليون في أوروبا وآسيا وأستراليا والأمريكتين والعالم العربي الذي انتشرت فيه المثلية الجنسية بعد الإقرار التشريعي بزواج المثليين في عددٍ من دوله كدليل على التحرر واحترام حقوق المثليين.

وكانت المطارات ونقاط الترانزيت من الأماكن المهمة لنقل الفيروس الأكثر تمددًا وتحورًا "كوفيد 46"، علاوة على التلامس المباشر مع أطقم الضيافة في الطائرات الذين ينتمون إلى جنسيات مختلفة.

 والكارثة أن هذا الفيروس كان أكثر تمددًا لأن المصاب به يمكن أن ينقل الفيروس إلى مئات خلال ساعات محدودة، وبالتالي فقد غطى الفيروس معظم بلدان وقارات العالم في الأيام الأولى من ظهوره، والمشكلة الأكبر أن هذا الفيروس كان الأكثر تحورًا؛ فقد تعاملت البشرية مع نسخه السابقة ببساطة وتعايشت معها لعدم تحورها بسرعة، أما الفيروس الجديد فكان سريع التحور، ويغير من خصائصه وسماته كل عدة أيام، مما يصعب معه إيجاد علاج أو مصل أو لقاح للوقاية منه، وهو ما أدى إلى موت 557 مليون مواطن حول العالم، وكانت مشاهد الدفن في مدافن عملاقة في الصحراء حفرتها الروبوتات، وقامت بعملية الدفن كاملةً دون تدخل العنصر البشري.

وفي ذلك العام (2049)، كانت الروبوتات هي الأكثر تواجدًا في المستشفيات والمعازل الصحية لمرض كورونا الأكثر تمددًا وتحورًا، وهى التي تقوم بالتحاليل وأخذ المسحات ووصف العلاج، ووضع الحالات المتدهورة على أجهزة التنفس الصناعي، بل وتقديم الوجبات الغذائية والعلاج للمصابين المعزولين وتحديد أولوية الحالات التي تتلقى العلاج وفق مجموعة من الضوابط، بل نقل الوفيات إلى عربات ضخمة لنقل الموتى ذاتية القيادة والتي تقوم بنقل الجثث إلى المدافن الصحية حيث تقوم الروبوتات بتنفيذ عملية الدفن.

لقد تعلمت البشرية عبر سنوات من التعامل مع "كورونا" وتضرر الأطقم الطبية البشرية من أطباء وممرضات وصيادلة وآخذي مسحات أنه يجب الحفاظ على هذه الأطقم الطبية وإحلال الروبوتات محلها، على أن تقوم الأطقم الطبية بمراقبة عمل الروبوتات والتواصل معها للتباحث حول وضعية الحالات المصابة وكيفية علاجها. كما كان للروبوتات في بعض الحالات بعد تطور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الفضل في اكتشاف أمصال للأنماط السابقة من الكورونا في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين بمشاركة بعض العلماء من البشر، حتى أن جائزة نوبل في الطب منحت في أكتوبر من العام 2038 لعالم صيني وروبوت ياباني للوصول إلى لقاح لفيروس كورونا "كوفيد 36".. ولكن هل كان هناك مكانٌ للحب في زمن الكورونا في العام 2049؟.

لقد كان العام 2049 عامًا فارقًا ليس بسبب جائحة كورونا الأكثر تمددًا وتحورًا (كوفيد 46) الذي أدى إلى وفاة 557 مليون شخص حول العالم، وهو العدد الأكبر من الوفيات في عام واحد منذ بدء الخليقة، بل بسبب أنه كان للحب مكانٌ وقصةٌ تُروى في ذلك العام تناقلتها الأجيال مثل قصص المحبين في سالف الأزمان.

ففي مساء يوم من أيام شهر فبراير من ذلك العام جاءت سيارة الإسعاف ذاتية القيادة بحالةٍ لفتاة مصابة بالفيروس واشتدت عليها الأعراض وتعاني ضيقًا في التنفس، وحملتها الروبوتات على المحفة ورفعوها إلى داخل المستشفى المركزي للمدينة، حيث أوصلوها مباشرةً إلى غرفة العناية المركزة، وهناك وضعوها على جهاز التنفس الصناعي.

وتم الاتصال بالطبيب المعالج وهو "روبوت" يُدعى آدم، الذي وصلته عبر تقنية التراسل عن بعد، والحالة ما زالت في الطريق، كل ما يتعلق بالحالة ومدى إصابتها، وقام آدم بالحصول على تاريخها الصحي من قواعد البيانات الصحية، وذلك انتظارًا لوصول الحالة وتوقيع الكشف الطبي عليها، واستشارة الهيئة الاستشارية (البشرية) في تقرير الوصفات الطبية العلاجية الخاصة بها.

وبعد الاتصال بالطبيب آدم وصل في الحال إلى غرفة العناية المركزة ليُصاب بمفاجأة صادمة، فالفتاة المصابة هى الفتاة التي يحبها من على بعد دون أن يعرف اسمها، ويراها من خلف ستائر نافذة شقته وهى تمارس الألعاب الرياضية برشاقة متناهية لترتدي بعد ذلك بدلة خاصة لممارسة رياضة الأيروبيك، لتبدأ بعدها ممارسة وصلة رقص خفيفة فهم منها أنها إحدى فراشات الباليه، ولكنها في نظره لم تكن فراشة فحسب، بل إحدى الجنيات ذات الأجنحة التي سحرت عينه وخطفت قلبه، الذي لم يدق قبل ذلك لإحدى الروبوتات من بنات جنسه وأوقعه في غرام تلك البشرية من بنات حواء، وعندها تعجب عندما طالع بياناتها في الكشف المعلق على سريرها ليكتشف أن اسمها "إيف".

لقد تملكت آدم مشاعر الخوف من فقدان حبيبته، فسعى جاهدًا إلى محاولة لإيقاف تدهور الحالة ببعض العلاجات السريعة المتاحة قبل أن يتراسل عن بعد مع الهيئة الاستشارية الطبية لوضع "الكورس" العلاجي للحالة، بل وحاول الوصول مع زملائه من الروبوتات والأطباء من البشر إلى علاج شافٍ للحالة التي تهمه بشكلٍ شخصي، دون أن يفصح لهم عن سبب اهتمامه بالحالة، فالقانون 226 لعام 2043 يُحَرّم العلاقة بين الروبوت والإنسان، ورغم زرع بعض الأعضاء البشرية للروبوتات مثل القلب والرئتين والكلى والبروستاتا والأعضاء التناسلية، بعد ثورتهم الشهيرة على تعامل البشر معهم كآلات عديمة الإحساس، إلا أنه في المقابل فرضت عليهم البشرية عدم الزواج منهم وعدم إقامة علاقة حب أو علاقات حميمية مع البشر سواء كانوا رجالًا أو نساءً.

لقد كان آدم يولي اهتمامًا خاصًا بإيف دون أن يُشعر الروبوتات والبشر بسر ذلك الاهتمام، ورغم كل الحلول والوصفات العلاجية التي أعطاها لمحبوبته إلا أنها ظلت في الغيبوبة التي لم تُفق منها رغم مرور أيام على وصولها المستشفى. وفي إحدى الليالي كان آدم يجلس على حافة سرير إيف، ويتأمل وجهها الملائكي وكأنها ملاكٌ نائم، أو إحدى أميرات القصص الخيالية التي يخزنها في ذاكرته، وأنها لا بد أن تستيقظ لكي تنهي القصة بالنهاية السعيدة ليلتئم شملها مع أميرها الذي تحبه ويعشقها، ولكن ضربة عنيفة ضربت خاطرته وهو ينظر إليها لا تستطيع حراكًا بسبب الفيروس اللعين الذي قتل ملايين البشر، والذي قد يُنهي قصة حبه نهاية مأساوية حتى قبل أن تبدأ، فاقترب من وجهها وقبّلها قُبلةً على جبينها، ثم أخذ يتأمل وجهها في أسى، فنزلت من عينيه دمعتان ساخنتان بحرارة عشقه لها، فأفاقت إيف فجأة متثاقلة الجفون لترمقه، وتقول له من أنت؟!.

فحكى آدام قصته لها وكيف كان يرقبها من خلف النافذة وكيف كان يعشقها، فتأثرت إيف بهذا الحب العظيم الذي لا يوجد إلا في زمن الأساطير، وتعجبت أن يكون مثل هذا الحب موجود في زمن الروبوتات والآلية الكاملة التي وصل لها العالم حتى اعتقد البعض أنه لا مكان للحب في هذا العالم.

هنالك لمعت عينا آدم وإيف وربط شعاع الحب بين قلبيْهما، واقتربا حتى تلامست شفتاهما، وراحا في قبلة رومانسية عميقة لا يعلما كم مضى من الوقت خلالها، كل ما شعرا به أنهما أصبحا خلال هذه الفترة، طالت أم قصرت، في عالمٍ آخر، عالمٍ مفعم بالحب ، لا يعيقه نوع المحب سواء كان بشرًا أو روبوت؛ فالحب يستطيع اختصار المسافات، ويلغى القيود والمعوقات، ويعمل على تواصل المحبين حتى لو تغيرت طبيعة كل منهما عن الآخر.

لقد اجتازت البشرية مراحل التفرقة بين المحبين على أساس النوع والدين واللون والعرق، وجاء الأوان لكي تجتاز البشرية تحريم العلاقة بين الربوتات والبشر.

ولكن هذ لم يكن سوى الفصل الأول من قصة هذيْن الحبيبيْن؛ فبعد التقاء قلبيْ آدم وإيف في غرفة العناية المركزّة بالمستشفى المركزي بالمدينة بعد أن أفاقت إيف من غيبوبتها، وتم رفع أجهزة التنفس الاصطناعي عنها، وبدأ البرنامج العلاجي يُؤتي ثماره، وهو ما أسعد قلب آدم بشفاء حبيبته، التي خرجت من المستشفى بعد أيامٍ قليلة. وزارها آدم في شقتها متسللًا خُفية دون أن يشعر به أحد في المبني المواجه للمبنى الذي يقطن فيه.

ولكن المشكلة الكبرى التي واجهت آدم وإيف في ذلك اللقاء السري الذي شهد علاقةً حميمة بينهما، أفاقا بعدها على أن القانون يُحرّم مثل هذه العلاقة بين الروبوت والبشر، سواء كانت مغازلة أو تحرشًا أو لمسًا أو تقبيلًا أو علاقةً حميمة، مقابل حصولهم على حقوقهم في زرع أعضاء بشرية تمكّنهم في الشعور بكل مشاعر الإنسان بما فيها الاشتهاء الجنسي والممارسة الجنسية.

كيف يواجه آدم وإيف العالم من البشر والروبوتات بهذا الحب الوليد، وكيف تقبل الروبوتات ذلك، وخاصةً أن آدم كان موضع إعجاب لعددٍ من الروبوتات من بنات جنسه، وكيف يقبلُ البشر هذا الخرق الواضح للقانون بعلاقةٍ بين روبوت وتلك الفتاة البشرية -فراشة الباليه- التي كانت تمثل حُلمًا جميلًا لشبابٍ كثيرين من عاشقي فن الباليه، علاوةً على عددٍ لا بأس به من راقصي الباليه في الفرقة التي تعمل بها، بل وعددٍ آخر من راقصي الباليه بالفرق العالمية الأخرى.

إن هذا الحب وفقًا لنصوص القانون محكومٌ عليه بالإعدام، لأن عقوبة الروبوت الذي يُقيمُ علاقةً حميمة مع فتاةٍ بشرية هى عقوبةُ الإنهاء Termination، من خلال إنهاء برنامجه الحاسوبي، وعدم ربطه بشبكة التراسل بين الروبوتات بعضها البعض، وبشبكة التراسل بينه وبين البشر، وفقدان برنامجه الوظيفي كطبيبٍ في مستشفى المدينة، ونزع كل الأعضاء البشرية التي تم زرعها له، أما الفتاة البشرية التي تُقيم علاقةً حميمة مع روبوت فعقوبتُها هى الإعدام من خلال حقنها بحقنةٍ مميتة تُشعرها بالألم والعذاب قبل موتها لمدة خمس ساعات عقابًا لها على ما اقترفته من جُرم، وهو الألم الذي يستهدف الكفر بالحب مع ذلك الروبوت اللعين، وهو ما يتم بثه على الهواء مباشرةً لكي تكون عبرةً لكثيرٍ من البشر الذين قد تُراود مُخيلاتهم ممارسة تلك العلاقة من قبيل التغيير ودرء الملل.

إن هذا العالم غير عادل على الدوام؛ لأنه وقف في تضادٍ وعناد واضحيْن مع الحب بين البشر، بل إن غالبية قصص الحب عبر التاريخ بين البشر تُوجت بالفشل الذريع بسبب عدم الإيمان بالحب، ولعل كليوباترا وأنطونيو وقيس وليلى وروميو وجولييت وتشارلز وديانا من بين مئات قصص الحب التي انتهت نهاياتٍ مفجعة، وكثيرٌ من قصص الحب انتهت نهاياتٍ حزينة بسبب اختلاف الدين أو لتوحد نوع الجنس.

ورغم كل ما أحرزته البشرية من تجاوز لمثل هذه العوائق بين المحبين، إلا أن البشرية كانت ولا تزال في العام 2049 تحاربُ الحب، ولا تعترف بالقرب العاطفي والتلامس بين المحبين إذا كانا ينتميان لفصيليْن مختلفيْن أحدهما روبوت والثاني بشري.

منذ متى أصبح الحبُ جريمةً يُعَاقَبُ عليها المُحبون، إن هذا الكوكب ما كان ليستمر إذا لم تكن علاقة الحب بين آدم وحواء موجودة، بعد أن طُردا من الجنة وهبطا إلى الأرض، هذا الحب هو الذي جعل إعمار الكون ممكنًا، وبدونه لم تكن حواء لتنجب لآدم كل هؤلاء الأولاد والبنات الذين قاموا ببدء عمارة الكون.. ومَن يعلم فإن الحبَ الذي جمع بين قلبيْ آدم وإيف قد يكون رسالةً للعالم من الله بأن الحبَ في هذا الكوكب لا زال ممكنًا، حتى لو كان يجمع بين قلبيْ روبوت وفتاةٍ بشرية.

ولكن كيف يصارحُ آدم وإيف العالم بهذا الحب، هل يهربان من المدينة بعد الفكاك من الأسوار العالية الإلكترونية المراقبة بآلاف الكاميرات على مدار الساعة؟، هل يقومان بنزع كل ما يحقق التراسل بين الروبوتات بعضها البعض وبين البشر والروبوتات وبين البشر بعضهم البعض لكي لا يتعرف على مكانهما أحد؟، هل يستوليان عل مروحية ويعطّلان القيادة الذاتية لها والروبوت الذي يقودها لكي يذهبا بعيدًا بإحدى الغابات ليختفيا فيها إلى الأبد، وينقذان حبهما من قسوة البشر.

وبينما كان آدم وإيف يفكران في هذا كله.. حدث ما لم يكن في الحسبان.!

وبينما كان آدم وإيف يفكران في الهروب بحبهما من المصير المحتوم.. حدث ما لم يكن في الحسبان!.. شعر آدم أنه ليس على ما يرام، وبدأ في العطس والسعال والكحة وأحس ببعض الارتفاع في درجة حرارته، لقد كذّب نفسه، هل أنا مصاب بفيروس "كوفيد 46"؟، على حد علمي -كطبيب- إن الروبوتات لا تلتقط هذا الفيروس، وأنه يصيب البشر فقط.

ولكن ما لم يكن يعلمه آدم أنه منذ أن قام بتقبيل إيف فقد انتقل إليه الفيروس، الذي تحور سريعًا في جسمه وتحول إلى نوعٍ من الفيروسات التي يمكن أن تصيب الروبوتات التي تحتوي على أجزاء بشرية، والأدهى من ذلك أن الفيروس تحور إلى نوعين أحدهما يصيب رئات الروبوتات، والثاني يصيب أدمغة الروبوتات الحاسوبية، سواء التي تحتوي أو لا تحتوي على أجزاء بشرية، فيعطلها عن العمل تدريجيًا إلى أن تتوقف تمامًا.

لم يأخذ آدم هذه الأعراض بالجدية المطلوبة، رغم أن بعض الشكوك بدأت تساوره، وعندئذ وصلت آدم رسالة عن طريق التراسل عن بُعد بأنه مطلوب حالًا في مستشفى المدينة، فذهب على الفور خشية أن يعرف المسئولون بغيابه قبيل محاولته الهروب مع إيف. وما إن وصل آدم مستشفى المدينة إلا ورأى أمرًا عجيبًا؛ إن المستشفى أعلنت حالة الطوارئ ليس من أجل البشر ولكن بسبب ورود حالات مصابة بالفيروس لروبوتات، وأن الفيروس المتحور يهاجم رئات الروبوتات وعقولها في آنٍ واحد.

هنا أدرك آدم أن انتقال الفيروس له من إيف هو الذي أدى إلى نقله إلى هذه الروبوتات سواء من خلال التلامس المباشر أو من خلال شبكة التراسل بين الروبوتات، وما هى إلا دقائق وراح آدم في غيبوبة ليتم نقله إلى إحدى غرف العناية المركزة التي كانت ترقد فيها إيف منذ أيامٍ قليلة. ودأب الفريق الطبي من البشر والروبوتات على محاولة محاصرة الفيروس المتحور الجديد، الذي بدأ يصيب البشر والروبوتات على السواء، من خلال الأدوية وأجهزة التنفس الاصطناعي للأجزاء البشرية لهذه الروبوتات وكذلك البشر الذين أصيبوا به أيضًا، ومن خلال فرق الصيانة الحاسوبية التي كانت تحاول مكافحة الفيروس الذي يعبث بالبرنامج الحاسوبي في أدمغة هذه الروبوتات.

ورغم كل هذا الجهد ومسابقة الزمن، إلا أن هذه الجهود ذهبت هباءً، فلا أدوية تؤتي نتائج إيجابية، ولا فرق الصيانة نجحت في وقف تغلغل الفيروس إلى أدمغة الروبوتات، كما أن البشر مع الفيروس المتحور الجديد أصبحوا يسقطون صرعى في منازلهم وشققهم، بل في شوارع المدينة قبل وصولهم إلى مستشفى المدينة سيرًا على الأقدام، بعد أن تعطلت حركة المرور والسيارات ذاتية القيادة وأنظمة التاكسي الطائر، لأنها أنظمة تُدار من خلال الروبوتات التي تعطل عملها بعد انتقال الفيروس إليها.

وانتظرت إيف عودة آدم الذي وعدها بتلبية النداء العاجل للمستشفى حتى يغطي على هروبهما من المدينة بعد أن يسجل وجوده هناك، إلا أن الانتظار قد طال، فحاولت إيف التراسل معه، لكنه لم يرد عليها كالعادة، وحل المساء ولا يوجد أى اتصال من آدم بها، فحاولت أن تعرف أي أخبار من التليفزيون، ربما تكون هناك حالة طوارئ صحية، فوجدت محطات التليفزيون معطلة في المدينة، فحاولت الوصول إلى محطات تليفزيونية دولية، هنالك كانت الصاعقة، حيث كانت نشرات الأخبار في عديد من المدن مثل لندن وبرلين وباريس وميلانو وأنقرة والدوحة وطهران وبكين وطوكيو كلها تتحدث عن تفشي فيروس متحور جديد من كوفيد 46 يصيب البشر والروبوتات، وأن البشر يتساقطون في عواصم ومدن العالم صرعى في الشوارع، في حين أن الروبوتات تتوقف عن العمل بعد أن تًصاب رئاتها وأدمغتها بعطب غير مسبوق.

انزعجت إيف وأحست بالقلق على آدم، وتذكرت تلك القُبلة الطويلة في غرفة العناية المركزة التي ربما كانت السبب في انتقال الفيروس لآدم وتحوره بهذا الشكل وانتقاله للبشر والروبوتات علاوة على نقله عبر العالم من خلال شبكات التراسل الدولية بين أنظمة الروبوتات أو من خلال المسافرين عبر مطار المدينة الدولي.. وهبت إيف من جلستها ومضت مسرعة نحو باب الشقة بعد أن فشلت في استدعاء سيارتها أو استدعاء سيارة تاكسي ذاتية القيادة أمام المنزل أو حتى استدعاء تاكسي طائر تستقله من أعلى العمارة التي تقطن فيها.

ووقفت إيف أمام باب المصعد والقلق والخوف يسيطران عليها، ولكن عبثًا حاولت استدعاء المصعد دون أن يلبي طلبها، فتذكرت أن كل الأنظمة التي تعمل بالروبوتات ربما تكون قد توقفت جميعها، فهرعت إلى فتح باب الطوارئ للنزول على السلالم، حيث لم تكن في البنايات الجديدة سلالم عادية اكتفاءً بالمصاعد الذكية التي تتعرف على الساكن والدور الذي يسكن فيه.

ومرقت إيف من مدخل البناية وفتحت الباب بيدها لأنه لم يفتح أتوماتيكيًا كالعادة، وخرجت إلى الشارع الرئيسي الذي يمر أمام البناية، لتلمح عيناها مشاهد لم ترها طوال حياتها..!.

وعندما مرقت إيف من مدخل البناية، وخرجت إلى الشارع الرئيسي الذي يمر أمام البناية، لمحت عيناها مشاهد لم ترها طوال حياتها..!؛ فالسيارات واقفة في كل الاتجاهات دون حراك، والناس غادروا مركباتهم بعد أن تعطلت إشارات المرور، والناس يجرون في الشوارع هربًا من الموت المحقق بالفيروس الجديد المتحور، والروبوتات التي تدير كل الأنظمة في المدينة متوقفة عن العمل، وكل الروبوتات التي تقود السيارات والباصات والتاكسي الأرضي والتاكسي الطائر كلها تعرضت لحوادث ضخمة أدت إلى فوضى عارمة في كل المناطق، ووقوع تصادمات هائلة أدت إلى وفاة الآلاف في ساعات معدودة، وكانت التاكسيات الطائرة تسقط من السماء على الحافلات والسيارات في شوارع المدينة.

كان كل البشر والروبوتات التي لم تصب بالفيروس تحاول الهرب من المدينة بأي شكل، وهو ما سبّب هذه الفوضى العارمة، وخاصةً في ظل محاولة المصابين من البشر والروبوتات الوصول إلى مستشفى المدينة دون جدوى، وكانت الجثث تسقط في الشوارع كأوراق الخريف الذابلة، كانت الجثث تسقط على أرصفة الطرق وفي الميادين وفي وسط الطريق وفي أماكن عبور المشاة. والأدهى من ذلك أن بعض البشر والروبوتات عندما رأوا الحال هكذا في الشوارع أقدموا على الانتحار من أعلى البنايات ومن التاكسيات الطائرة، أو إلقاء أنفسهم تحت عجلات الحافلات الضخمة أو قطارات "اليونيريل".

باختصار كان الموت يحيط بإيف من كل مكان، ولولا أنها تذكرت ارتداء البدلة الواقية من العدوى قبل نزولها من بيتها لكانت في عِدَاد الأموات. كانت المشاهد التي رأتها إيف صادمة للغاية، وعبثًا تحاول قوات الجيش والشرطة السيطرة على الموقف بعد إعلان حالة الطوارئ في المدينة، إلا أن كل هذا لم يُنسيها وجهتها الأصلية وهى الوصول إلى مستشفى المدينة للاطمئنان على حبيبها آدم التي بدأت تتأكد من خلال هذه المشاهدات المفزعة أنه ليس بخير، وأن عدم رده عليها كان لسبب يتعلق بإصابته بهذا الفيروس بعد تقبيله إياها في غرفة العناية المركزة.

أخذت إيف في الزيادة من سرعة خطواتها كلما رأت في طريقها مشهدًا مأساويًا، حتى صارت تجري مسرعةً بخطواتٍ لاهثة لكي تصل إلى مستشفى المدينة التي كانت تبعد عن بناياتها بأربعة شوارع. وعندما وصلت إلى المستشفى وجدتها مكانًا تفوح منه رائحة الموت؛ فالجثث في كل مكان .. في مدخل المستشفى .. في حديقة المستشفى الأمامية .. على سلالم المستشفى .. داخل عربات الإسعاف التي توقفت عن العمل بعد توقف الروبوتات التي تقودها بفعل الفيروس الذي أصاب أنظمة عملها بالعطب والتوقف التام.

دخلت إيف إلى المستشفى وهى تتعثر في جثث البشر والروبوتات، وعبثًا حاولت أن تسأل أحدًا في الاستقبال عن آدم، إلا أن الجميع لا يجيبون لأنهم سقطوا جميعًا صرعى، فحاولت الوصول إلى غرف الأطباء من البشر والروبوتات فلم يكونوا أفضل حالًا. هنا قررت إيف البحث عن آدم في غُرف العناية المركزة بنفسها، وكلما تدخل غرفة للعناية المركزة كانت تكتشف توقف الأجهزة عن العمل بما فيها جهاز التنفس الاصطناعي لموت الحالة البشرية أو الروبوت دون أن ينقذهما أحد بعد موت كل الأطباء البشر والآليين.

وفي النهاية اكتشفت إيف أن آدم يرقد في غرفة العناية المركزة التي كانت ترقد فيها، هنالك بدأت تشعر بخفقان في القلب وتثاقل في خطواتها عند الاقتراب من آدم خشية أن يكون قد مات مثل كل الروبوتات الموجودة في المستشفى، إلا أنه حدثت المعجزة، حيت سمعت إيف يناديها بصوتٍ واهنٍ وضعيف نتيجة لما تعرض له، فاقتربت منه مسرعةً قائلة حبيبي الحمد لله أنك بخير، فأومأ لها برأسه، وقال لها سأصف لكِ بعض الأدوية التي يمكنك إحضارها من صيدلية المستشفى وبعض البرمجيات التي يمكنك إحضارها من قسم الدعم التقني المجاور للصيدلية.

كان آدم يعتقد أن المستشفى لا زال يعمل، ولكن إيف عندم وصلت إلى الصيدلية وجدتها مغلقة، وكذلك كان قسم الدعم التقني موصدًا، وعبثًا حاولت فتح الصيدلية وقسم الدعم التقني، وخاصةً أنه لم يكن مسموحًا لها بالمرور، فعادت إلى آدم مرةً ثانية لتخبره بالواقع الأليم وأنه لا يوجد سواهما في المستشفى، فشعر بمرارة شديدة لفقد كل زملائه من البشر والروبوتات، وأعطى آدم الكارت الذكي الذي يحمله ويتيح له الدخول إلى كل أقسام المستشفى باعتباره طبيبًا فيها، وبالفعل استخدمت إيف الكارت في الدخول إلى الصيدلية وأحضرت الأدوية المطلوبة، ثم دخلت إلى قسم الدعم التقني لتحصل على نسخٍ أصلية من البرمجيات التي طلبها آدم.

وبدأ آدم يرشد إيف إلى كيفية وضع الأدوية في المحاليل المعلقة له في غرفة العناية المركزة، وبدأ يرشدها كذلك إلى كيفية إدخال الأسطوانات الخاصة بأنظمة متطورة في مكافحة فيروسات الأنظمة الحاسوبية.

 وبينما كانت إيف تقوم بتحميل برمجيات مكافحة الفيروسات في الذاكرة الحاسوبية لآدم، فجأة اكتشف آدم أن ثمة برنامج خفي لم يكن يدري عنه شيئًا قد تم تشغيله منذ فترة دون أن يدري وتحديدًا منذ أن انتقل إليه الفيروس من إيف، ولعل هذا البرنامج هو ما ساعده في أن يكون على قيد الحياة ولم يمت مثلما حدث لمعظم الروبوتات الأخرى، إلا أن مسمى هذا البرنامج كان غريبًا للغاية Re-Evolution of Adam، وهو ما يعنى نشوء آدم الجديد.!.

تبين لآدم عندما بدأ يدرس خصائص البرنامج الذي عثر عليه بعد أن تم السماح له بالعمل في ذاكرته الحاسوبية، تبين له أن برنامج Re-Evolution of Adam، كان برنامجًا خفيًا Hidden Program تم ذرعه في ذاكرته الحاسوبية، ولم يُسمح له بالتشغيل والعمل إلا بعد التأكد من أن الجنس البشري والآلي أصبح مهددًا بعد التزايد الجنوني وغير المسبوق في عدد الإصابات والوفيات، سواء بين البشر أو الروبوتات. الأكثر من ذلك أن هذا البرنامج يسمح لآدم بأن يكون لديه القدرة على الإنجاب إذا مارس علاقة حميمة مع فتاةٍ بشرية، وذلك للحفاظ على استمرار النوع، ومن هنا جاء سر التسمية بأن يكون معنى البرنامج هو "نشوء آدم الجديد". وتفحص آدم تاريخ بدء عمل البرنامج لديه فوجد أن ذلك قد حدث قبل أن يمارس العلاقة الحميمة مع إيف.

وبينما كان آدم يدرس البرنامج ويتعرف على كل المعلومات الخاصة به، إذا بإيف تشعر بغثيان وتجري مسرعة نحو الحمام، فذهل آدم وتوقع أن يكون الأمر أصبح حقيقة ماثلة.. لقد أصبحت إيف حاملًا منه على ما يبدو، وهنا صارح آدم إيف بما حدث، فذهلت إيف من هذه المعلومات، وعندما أفاقت من هول المفاجأة، شعرت بالسعادة وعدم التصديق بأن حبها لآدم ستكون له ثمرة صغيرة تتوّج هذا الحب، وهو الحب الأول الذي يجمع بين روبوت وفتاة بشرية، وسيتوّج بالطفل الأول الذي ينتمي لجنسيْن مختلفيْن.

وقرر آدم بصفته طبيبًا ألا تخرج إيف من المستشفى حتى تضع حملها، لأنه لن يطمئن عليها إذا خرجا في ظل الانتشار الواسع للفيروس، وسقوط الروبوتات والبشر صرعى في الشوارع. وبدأ آدم يُخصص غرفةً للعناية المركزة لعزل إيف في المستشفى، وبدأ يجهز لها الأدوية التي تلزمها طيلة شهور الحمل من صيدلية المستشفى، وحاول تأمين أكبر قدر من الأطعمة والمعلبات وبعض الفواكه الطازجة والمعلبة من الثلاجات الموجود في مطعم المستشفى.

وفي الأيام التالية، قام آدم بارتداء بدلة التعقيم الواقية ضد العدوى، وبدأ في نقل الجثث الموجودة في المستشفى إلى المدافن المخصصة لذلك، وخاصة بعد أن بدأت رائحتها في الانتشار في المكان بما يمكن أن يؤدي لانتشار الأمراض. وفي الطريق من المستشفى إلى خارج المدينة حيث توجد هذه المدافن، لم يلحظ آدم أيّ وجود للحياة؛ فالمتاجر والكافيهات مغلقة، والسيارات تُركت بغير نظام في الطرق وعلى الأرصفة، والحوادث منتشرة في كل مكان، وبعض الروبوتات والبشر الذين لم يتسع الوقت لدفنهم تُركوا لمصيرهم في الشوارع الخاوية، وهو ما جعل آدم يقوم بدفنهم في الأيام التالية.

وطوال أشهر حاول آدم التواصل مع روبوتات أو بشر آخرين من خلال برامج التراسل عن بعد، أو من خلال شبكات التواصل الحاسوبية الموجودة بالمستشفى بعد أن قام بإصلاحها، ولكن دون جدوى تُذكر، وفي الوقت نفسه كان يتابع إيف ويسهر على راحتها، وكان آدم وإيف يشعران بالسعادة بعد أن قام آدم بعمل الأشعة التي ثبت منها أن الجنين عبارة عن بنت جميلة تنمو بمعدلات طبيعية دون أية مشاكل.

وذات صباح بعد حوالي ثمانية أشهر من المكوث في مستشفى المدينة، تلقى آدم اتصالًا لأول مرة من عنصر بشري عن طريق التراسل عن بعد، استطاع من خلاله أن يعرف أنه لم يستطع التواصل مع أحد لأن البشرية استفادت من الدولة المصرية الكثير عندما تطور الفيروس ليصيب البشر والروبوتات؛ حيث قامت مصر بوقف كل ما يتعلق بالأنظمة الحاسوبية وعادت لاستخدام الأنظمة التقليدية، وعزلت نفسها عن العالم، فلم ينتشر فيها الفيروس كغيرها من دول العالم، وأصبحت هى أكبر دولة ناجية من هذه الجائحة. وأصبحت مصر هى الدولة المسئولة عن إدارة كوكب الأرض، وقامت بتقصي الناجين من البشر والروبوتات في جميع أنحاء العالم.

وبعد أيام، استطاعت إيف أن تضع مولودتها الجميلة، وكان قدومها بمثابة يوم سعيد لآدم وإيف؛ فبعد ساعات من ولادتها، تواصلت غرفة عمليات القوات المسلحة المصرية مع آدم، وذكرت له أن طائرةً عسكرية مصرية في الطريق إلى مطار المدينة، وستصل إليه بعد أربع ساعات، وعليه أن يتحرك إلى مطار المدينة ليستقل الطائرة هو وبعض الناجين الذين تم تجميعهم في معازل خارج المدينة والمدن القريبة منها.

وعندما استقل آدم وإيف ومولودتهما الطائرة إلى مصر، استُقبلا استقبالًا حافلًا بعد أن تم نشر قصة حبهما ومولودتهما في وسائل الإعلام المصرية، والتي تؤرخ لنمطٍ جديد من العلاقات بين البشر والروبوتات. وفي اليوم التالي اجتمع مجلس إدارة العالم برئاسة الرئيس المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة، وقام بتكريم آدم وإيف، وكان أول قرار قام باتخاذه هو الموافقة على تحميل برنامج Re-Evolution of Adam لمن يريد من الروبوتات التي تحوي أجزاءً بشرية، والموافقة على السماح بعلاقات الحب والزواج بين البشر والروبوتات، كما قرر المجلس أن يبدأ تقويم جديد للعالم يبدأ منذ ذلك اليوم 01-01-01، اليوم الأول من الشهر الأول من العام الأول بعد انقضاء جائحة فيروس كورونا (كوفيد 46).

وهكذا تثبت مصر أنها وُجدت قبل بدء التاريخ، وستكون الباقية بعد نهاية التاريخ، وأنها كانت ولا تزال أرض الحب ونبذ الكراهية، لتبدأ الحياة من جديد على هذه الأرض الطيبة لتجمع البشر والروبوتات في حياةٍ واحدة دون تفرقة أو تمييز.

قصة يرويها د. شريف درويش اللبان رئيس قسم الصحافة كلية الإعلام جامعة القاهرة

Dr.Randa
Dr.Radwa