لم يكن نجاح مصر في الوصول إلى المرتبة الخامسة عشر من بين 60 دولة على مستوى العالم، في مؤشر مواقع الخدمات العالمية الذى يصدر كل عامين عن مؤسسة "كيرني" الاستشارية العالمية لعام 2021، وذلك بحصولها على نسبة 5.62 بالمئة من المؤشر، إلا تأكيدا على نجاح مبادرة مصر الرقمية التي مكنتها من المحافظة على تفوقها وريادتها الإقليمية بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، حيث أشاد التقرير بما حققته تلك المبادرة المصرية من مكاسب عديدة ساهمت في جذبها للعديد من الاستثمارات الأجنبية على غرار ما تم مع شركة إريكسون للخدمات الرقمية في القاهرة، الذي يقدم خدمات تكنولوجية وبرمجيات متقدمة للأسواق العالمية. 

والحقيقة أن هذا المؤشر الذي يطلق عليه GSLI، يرصد اتجاهات الشركات العالمية في تعهيد عملياتها لمواقع ومقاصد خارجية، حيث يستند المؤشر على أربعة معايير لتقييم المواقع المختلفة، تشمل: الجاذبية المالية (35%)، وتوافر المهارات البشرية والكوادر المؤهلة (25%)، وبيئة الأعمال (25%)، والصدى الرقمي (15%)، وأن مصر حققت موقعا جاذبا لتقديم هذه النوعية من خدمات التعهيد العابرة للحدود سواء من حيث التكلفة التنافسية أو من حيث جهودها في تطوير قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات او من حيث قدرتها على التكيف السريع مع التحديات الناجمة عن فيروس كورونا، حيث يزداد البعد الأخير في اهتمام المؤشر في ضوء التحول بشكل متسارع نحو تفضيل نماذج العمل من المنزل وسعى المنظمات للحصول على خدمات أعمال قابلة للتطوير لمواكبة التغيرات المتسارعة.

وأدى هذا التوجه إلى تزايد الطلب على المهارات الرقمية، وهو ما تمكنت من تحقيقه مبادرة مصر الرقمية التي كانت استجابتها سريعة لهذه التحولات، بما أعطاها المرونة الكاملة لمقدمى خدمات التعهيد. 

وغنى عن البيان أن البعض ربما لا يعى ما حققته مصر في هذا المضمار من ريادة عالمية، إلا ان الواقع يؤكد على أهمية الإنجاز المتحقق في ضوء ما يشهده العالم من تطورات تكنولوجية ومستحدثات علمية فرضت أدواتها على الجميع، وجاءت مبادرة مصر الرقمية بأهدافها وتوجهاتها قارئة للتحولات الراهنة والتحديات القادمة، ومقدمة رؤية للتعامل مع هذه التحديات والاستفادة من تلك التحولات بما يعزز من مكانة مصر إقليميا ودوليا.