الجمعة 26 ابريل 2024

ملحمة الاختيار.. وضلال «كربلاء رابعة»

مقالات23-4-2021 | 14:43

أثار مسلسل "الاختيار 2" حالة جدل واسعة، منذ عرضه بداية الشهر الكريم، بين رواد موقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيدي الدولة المصرية وأنصار جماعة الإخوان الإرهابية والمتعاطفين معها.

المسلسل حمل في طياته رسالة تقدير من صناعه لشهداء الشرطة المصرية، وأخرى ذات مغزى عبر المشاهد "التسجيلية- الوثائقية الحقيقية"، أن كل ما جرى في اعتصام رابعة العدوية، كانت ترصده أجهزة الدولة وصار وثيقة إدانة تاريخية لحقبة سوداء في تاريخ مصر.

"الإخوان" والمتعاطفون معها، يصرون على جعل فض اعتصام رابعة، "حائط مبكي" و"كربلاء" في تاريخ الجماعة، نكاية في الدولة المصرية، كعادتهم في تزوير الحقائق والتاريخ، والخروج بالمغانم، حتى لو كانت على جثث ورائحة الموتى، فهم يصفون دائما أيام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بـ"المحنة" و"السجون والمعتقلات"!!

ويتناسون عن عمد أن الكثير من مثقفي ومشاهير مصر، تعرضوا لمحنة السجن أيضا وقتها، لكنهم أبوا أن يتاجروا بذلك، أبرزهم عبد الرحمن الأبنودي، أحمد فؤاد نجم، سيد حجاب والمؤرخ الكبير الراحل صلاح عيسى، وغيرهم من قامات الثقافة والإبداع المصرية.

عن تجاهل وعمد أيضا تتجاهل القنوات الموالية للجماعة وأنصارها، طرح سؤال هام مع بكائية "فض رابعة" التي أثارها مسلسل "الاختيار2" وهو، لماذا لم يمت أي من قيادات الجماعة خلال فض الاعتصام؟ ولماذا ألقى القبض على بعضهم أثناء رحلة هروبهم للخارج؟ أو أثناء تخفيهم؟

الإجابة على تلك التساؤلات تذكرتها عبر سياق حوار قديم أجريته لجريدة "الخليج- الإماراتية" في غضون عام 2014، في ذروة العنف الذي شهدته الدولة المصرية، وقتها، مع الدكتور ناجح إبراهيم، القيادي الأسبق في الجماعات الإسلامية- وهو حي يرزق- في منزله بمدينة الإسكندرية، وكان الرجل كعادته، بشوش الوجه، صريحا، مهموما بما يحدث علي الساحة، ملما بكواليس التفاصيل التي لا يعلمها البعض، والتي يرفض البعض الآخر من أنصار الجماعة والمتعاطفين معها تصديقها عن عمد وجهل.

وصف "ناجح" ثورة 30 يونيو بأنها أجهضت تكرار سيناريو "داعش العراقي" في مصر، وانطلاقه من سيناء- مقر تمركز التكفيريين سابقا- وأن الخطاب العدائي التحريضي، على منصة "رابعة العدوية" كان "كارثيا" ولا يليق بجماعة وصلت لحكم مصر، كاشفا أن قيادات "الإخوان" كانوا على علم مسبق من أجهزة الدولة المصرية، بميعاد فض الاعتصام، إلا أنهم رفضوا الفض والحفاظ على حياة المعتصمين، لرهانهم الخاسر، على عدم قدرة الدولة على الفض، ورغبتهم في اندلاع حرب أهلية، يعود بها "الإخوان" للحكم مرة أخرى.

وأشار إلي أن أزمة خطاب "رابعة" هي خلطه بين ما هو بشري و"غيبي" لا يعلمه إلا الله، والربط بين ما هو عقائدي متفق عليه، وما هو سياسي مختلف عليه، مثل قول أحد قيادات الإسلاميين، إن جبريل- عليه السلام- طلب منه إمامة الرئيس المعزول محمد مرسي للمصلين في الاعتصام، وأن "الملائكة" موجودة بالاعتصام، وأن من يترك الاعتصام كمن يفر يوم الزحف الأعظم، وللأسف الخطاب أضر الحركة الإسلامية في مصر عموما، في فكرها وعقيدتها حتي المعتدلون منها، لذلك كان من أهم شروط الدولة المصرية قبل فض الاعتصام وقتها تخفيف حدة الخطاب على المنصة، مؤكدا علم قيادات الجماعة بموعد فض الاعتصام بقوله:" بحسب معلوماتي المؤكدة من وسطاء من الدولة- أتحفظ على ذكر أسمائهم- أنه قبل فض اعتصام رابعة العدوية بيوم واحد، تم لقاء بين هؤلاء الوسطاء (بينهم القيادي الإخواني الأسبق كمال الهلباوي ومجدي قرقر القيادي الإسلامي كما أعلنوا في السابق) في نادي المقاولون العرب، ونحو 40 شخصا من "الإخوان والإسلاميون"، استمر نحو 4 ساعات، وأخبرهم الوسطاء عزم الدولة على فض الاعتصام بالغد، وطلبوا منهم نصح المعتصمين بفض الاعتصام ومغادرة الميدان للحفاظ علي أرواحهم، وضرب الإخوان بكلام "الوسطاء" عرض الحائط، وأعلنوا خلال اللقاء أن الدولة أضعف من فض الاعتصام، وراهنوا على أن الفض سيؤدي لاندلاع حرب أهلية، يعود بها "مرسي" والجماعة للحكم.

وتابع: "للعلم أحد قيادات الاعتصام أخبر أحد وسطاء الدولة عقب اجتماع نادي المقاولون، بأنهم لا يجرؤون أن يطلبوا من المعتصمين فض الاعتصام الآن- قيادات الجماعة والإسلاميون- لقيامهم بشحن المعتصمين معنويا ودينيا بشكل غير مسبوق، رغم أنه لم يقتل قائد إخواني واحد من قيادات الجماعة، وقبض عليهم عقب هروبهم مختبئين، والقتلى والمصابون، من عوام الناس وبسطائهم، الذين لا يعرفون مكر وكيد السياسة وألاعيبها، لأن ميعاد الفض كان معلوما لقادة الاعتصام.

هذا جزء من شهادة الدكتور ناجح إبراهيم، لوجه الله والوطن والتاريخ، تذكرتها وأنا أتابع حلقات ملحمة "الاختيار 2" ومشهد اغتيال الشهيد البطل محمد مبروك، ضابط الأمن الوطني، الذي كشف خيانة الجماعة وقادتها، وضحى بدمائه الذكية في سبيل الوطن هو وزملائه.. فتحية لصناع المسلسل وأبطاله ولعن الله من تاجروا بدماء المصريين.

Dr.Randa
Dr.Radwa