الجمعة 26 ابريل 2024

عزل ترامب

أخرى9-1-2021 | 15:21

يذكرنا المشهد السياسى المرتبك والمتصدع فى الولايات المتحدة الأمريكية واتجاه الطبقة السياسية إلى عزل الرئيس دونالد ترامب قبل أيام من تنصيب الرئيس جو بادين بكلمة الزعيم المصرى الراحل أنور السادات" أن الديمقراطية لها أنياب " وشاهد العالم أنياب الديمقراطية الأمريكية وهى تلتهم رئيس جنح خارجها وتحدى مؤسسات الدولة والنظام العام .


والحقيقة أن حماقة ترامب ومشهد حشده لأنصاره للتظاهر البائس من أجل رفض نتيجة الانتخابات والذى انتهى باقتحامهم لمبنى الكابيتول مقر الكونجرس ورطته فى تشويه صورة الولايات المتحدة ووضعها فى موقف محرج للغاية كقوى عظمى ، كما وضع الحزب الجمهورى الذى ينتمى له ترامب فى حرج شديد، يستغله الديمقراطيين لتأمين مقعد الرئاسة ومقاعد الكونجرس للحزب الديمقراطى لسنوات قادمة ، بل ويسعون لتعميق جراح الجمهوريين بعملية عزل ترامب عبر استخدام التعديل الخامس والعشرين والذي يسمح بنقل السلطة من الرئيس لنائبه، إما بشكل مؤقت أو دائم حين يصبح الأخير عاجزا عن أداء مهامه محاولين الضغط على نائب الرئيس مايك بنس للقيام بذلك حتى يتسنى لهم محاكمة ترامب وتحميله المسئولية الجنائية عن مشاهد اقتحام الكونجرس وما تخللها من أحداث عنف سقط فيها 4 قتلى واعتقل العشرات قبل أيام من تنصيب بايدن.


لقد اعتبرت الطبقة السياسية ومؤسسات الدولة الأمريكية تشجيع ترامب لأنصاره من أجل التظاهر ضد مزاعم تزوير الانتخابات تمرداً على الديمقراطية الأمريكية وقررت الانتقام منه بعنف بمشهد العزل المقترح مستغلين حاله الغضب عند غالبية الشعب الأمريكى الذى فوجىء بمشاهد فوضى غير مسبوقة وغير مقبولة .  


حتى شركات السوشيال ميديا استغلت حالة الرفض العام و نفذت خطتها الخاصة للانتقام من ترامب بإغلاق حساباته على الفيس بوك وتويتر إلى الأبد بزعم أنها محرضة على العنف ودون أى تفكير فى مسألة حرية الرأى والتعبير أو أنهم يعاقبون رئيس الولايات المتحدة و أحد كبار رجال الأعمال .


لم تظهر أى أصوات تدعوا إلى الحوار والمصالحة مع المتهمين بالفوضى والشغب، وساد الإعلام الأمريكى خطاب واحد رافض لهم، وداعيا إلى اقصائهم إلى الأبد، وواصفا إياهم بأنهم جماعات فاشية متطرفة وتشكل خطراً على المجتمع الأمريكى .


لم يمر على مشهد التمرد والشغب سوى ساعات قليلة وعادت الدولة لمظاهر قوتها باعتماد بادين رئيسا ووقف أعمال الشغب ومحاصرتها بقوات الحرس الوطنى لتؤكد أن الدولة لن تسمح لفرد أياً كان منصبه أن يهدد أمنها واستقرارها وأنها ستتعامل مع أى تمرد بالقوة الغاشمة .


ورغم توتر الأوضاع فى الولايات المتحدة لم تحاول أى دولة التدخل لا للتهدئة ولا لتوجيه النصائح ، فقد استولت الدهشة على الجميع والتزموا بالصمت وبلعت منظمات حقوق الإنسان ألسنتها ولم يجرؤ أحد على الحديث عن حق التظاهر أو محاكمة قاتلى المحتجين . 


لحظة من فضلك .. ألا يذكرك ذلك المشهد بمصر عام 2013 ، حيث تم عزل رئيس ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين الفاشية الإرهابية التى قتلت وحرقت وخربت وعاثت فى الأرض فسادا بعد مظاهرات شكلت ثورة حاشدة دافع فيها المصريين عن دولتهم حينما حاول المتطرفين سرقتها.


الفارق أن الغرب تجاهل خطر الإخوان على الدولة المصرية ، بل إنه لم يهتم لا بكيان الدولة ولا بضرورة الحفاظ على مؤسساتها ومارس ضغوطا عليها للحوار مع الجماعة الفاشية لكنه استوعب سريعا خطورة ما قام به ترامب فى الولايات المتحدة وهو ما يكشف عن استمرار سياسة ازدواجية المعايير وهشاشة النظام الدولى ، وأن كثير من مظاهر الديمقراطية التمثيلية المصدرة من الغرب إلى الشرق الأوسط مزيفة .

    Dr.Randa
    Dr.Radwa