الجمعة 26 ابريل 2024

2021.. عام الأحداث الجللة!

أخرى30-12-2020 | 11:36

كنت أتمنى أن أتحدث معكم،  عن مؤشرات تفاؤلية،مع العام الجديد، لكن الأحداث الجللة التى تتعرض لها مصر والإقليم والعالم، خلال الفترة الأخيرة بالذات، ستجعل هذا أمر غير واقعى وغير أمين .. فكل السيناريوهات تفيد أن هذه الأجواء لن تتوقف في عالم ما بعد كورونا، والأهم بالنسبة لنا، الأحداث التى تمس مصر ونقاط الأمن القومى المتداخلة مع مصر.


القصة وما فيها تتلخص في إننا نواجه أخطار وتحديات غير مسبوقة، وتحتاج من الدولة المصرية يقظة استثنائية، ولا نتحدث هنا عن ملف السد الإثيوبي الذي لا نهاية له حتى الآن، ومرشح للتفجر بشكل كبير مع إستمرار التعنت الإثيوبي بقوة حلفائها، خاصة إنه من المتوقع أن يزيد الدعم الأمريكى لإثيوبيا بعد وصول بايدن، لوجود لوبي إثيوبي كبير بين الديمقراطيين بتمويل قطرى وتخطيط إسرائيلى.


والقصة لا تقف عند ملف السد الإثيوبي المعقد فقط، بل من المرشح أن تعود ليبيا للإشتعال من جديد، بعد التوتر بين تركيا وحفتر، لكن هذه المرة مصر تمسك بكل الخيوط، بعد التواصل المباشر مع حكومة الوفاق، حيث كان لزيارة الوفد المخابراتى المصري لطرابلس ثمار كثير، أقلقت تركيا ومن وراءها.


وعلى نفس الوتيرة، لا يقل القلق في غزة عن ليبيا، خاصة بعد أن وصل التوتر لحد أن مصر أغلقت تماما القنصلية في غزة ونقلت الباقي منها لرام الله، مع استمرار التواصل المصري مع القيادات الحمساوية في عدة ملفات منها مواجهة الكورونا في القطاع وتقريب وجهات النظر بين فتح وحماس استعدادا للانتخابات المعطلة، ومحاولة إتمام صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، وبالطبع تتابع القاهرة مستويات القلق المرتفعة بين غزة وتل أبيب على خلفية مناورة الفصائل الفلسطينية في القطاع، حيث تركت حماس الغزاوية يعانون من تفاقم انتشار الفيروس، وركزت على إطلاق ما تسميها بصواريخ للبحر، وطبعا تتاجر بها إسرائيل بالصورة المتفق عليها، في لعبة تقسيم الأدوار.


ووسط كل ذلك، يحاول البعض إشعال الموقف بينا وبين الأشقاء السودانيين، بإدعاء أن مصر هى السبب في توتير الأجواء بين الإثيوبيين والسودانيين على خلفية إستعادة الجيش السودانى لأراضي سودانية محتلة من قبل الإثيوبيين منذ ثلاثين عاما، ويستغلون هذه الأجواء لتحريض القوات السودانية على استعادة ما يعتبرونها أراضي سودانية وتحتلها مصر، ويقصدون بذلك حلايب وشلاتين ورمادى، ويدور الحديث حول إنقسام داخلى بين القيادة والشعب السودانى على خلفية هذه التحريضات، التى تلعب فيها الصحافة والسوشيال ميديا الإثيوبية والعملاء الإثيوبيون دورا كبيرا.


وكما يشهد البحر المتوسط، توترا كبير خلال العام الماضى بسبب التناحر الغازى في شرق المتوسط والأزمة الليبية، فهناك توتر آخر يتصاعد في البحر الأحمر والخليج، مع ما يدور حول عبور الغواصة الإسرائيلية "دولفين" من إسرائيل للخليج، حيث يقول الإسرائيليون بذلك إن إيران ليست بعيدة عنهم، وفي المقابل رد الإيرانيون بتهديدات مباشرة لتل أبيب من أى تهور، وسط توقعات من حدوث حرب سريعة بين إيران وإسرائيل، رغم الانهيار الذي تعانى منه طهران، على خلفية الاختراقات الكبيرة التى تعرضت لها إيران على يد الإسرائيليين خلال العامين الماضيبن، وبالذات منذ تهريب 13 ألف وثيقة تتعلق بالبرنامج النووى الإيرانى، والتى عرضها نتنياهو في الأمم المتحدة، ووصل الأمر إلى إغتيال قاسم سليماني قائد الحرس الثورى، وفخرى زادة أبو البرنامج النووى، مع استمرار الغارات الإسرائيلية فى سوريا بحجة مواجهة التموضع الإيرانى في سوريا.


ورغم العقيدة المصرية الهادئة، وسط كل هذه الضربات الصاخبة في الإقليم، إلا أن القاهرة لاتزال تزعج البعض لدرجة التهور الدموى ضدها من حين لآخر، والأحداث الجللة ليست قليلة في هذا الإطار، رغم السيطرة على وتيرة الإرهاب في سيناء، خاصة أن التهور أحيانا يكون معقدا، حسبما يدور الحديث خلال الساعات الأخيرة، من تسريبات ما حول محاولة إغتيال!


وفى ظل هذه الأجواء المعقدة جدا، تأتى أنباء مبادرة المصالحة الخليجية بمشاركة مصرية، رغم الإصرار القطرى على الخروج على الثوابت العربية، لتزيد علامات الاستفهام حول سيناريوهات العام الجديد في المنطقة، فهل تهدئ الدوحة من رعايتها للمخططات المعادية للأمن العربي، مما يدفعنا لبعض التقارب المرتقب معها، أم أن إسرائيل وأمريكا كانت لهما دورا كبيرا في تهدئة قطر تجاه أشقاءها، في واحدة من ملامح الشرق الأوسط الإسرائيلي؟!


لنرى، ونترقب، أجواء في غاية التعقد، يزيدها تفاقما انتشار كورونا بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، مع تغييرات غير مسبوقة فى معايير الأمن القومى المصري والعربي، مع موجة التطبيع غير الحدودى المستمرة، رغم رحيل ترامب، وخوض نتنياهو لإنتخابات مفاجئة في وضع صعب.

    Dr.Randa
    Dr.Radwa