الجمعة 26 ابريل 2024

الازدواجية والتمكين تعرقل العدالة

أخرى26-12-2020 | 18:55

اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك، ممن لا تضيق به الأمور، ولا تمحكه الخصوم، ولا يتمادى في الزلة، ولا يحصر في الفئ إلى الحق إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه وأوقفهم في الشبهات، وآخذهم بالحجج، وأقلهم تبرماً بمراجعة الخصم، بعض من توجيهات الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في اختيار القاضي، منهج يخلو من الازدواجية والتمكين والتوريث والميول لطمع، معايير محددة من مئات السنين، خالية مما يحدث من ازدواجية للمعايير في التعيينات ببعض الهيئات القضائية، الذي يتخذه البعض من المسئولين سلوك، ويعد  هذا السلوك من دهاليز سياسة التمكين، فهو فكر عميق بعيد المدى  قائم بميزان الكيل بمكيالين بشكل قانوني محكم، ومعايير عامة تنطبق على الجميع، وباللوائح تطابق المطلوب مع المستهدف والمطلوب .


كان هناك في العهد السابق تأسيس لهذا النموذج التمكيني (عهد مبارك والحزب الوطني، وعهد مرسي وجماعة الإخوان الإرهابية)، حيث التنازع على المناصب والوظائف ذات الامتيازات والعائد المادى الكبير وخاصة المحصنة مثل التعيين بالهيئات القضائية، ليقف الشباب على بوابة الطريق حائرين لا يجدون من يساندهم أو يحتضنهم، بينما آخرون هناك من يسعى جاهداً باستخدام كافة الأساليب للتمكين، مما يؤثر ذلك الفكر في أزمة حقيقية وتشتت الأفكار وإحباط لطموح الشباب وتهديد للمستقبل.


وبالرغم من الإجراءات التي تمت خلال الفترة الأخيرة بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي، لتحقيق العدالة الحقيقية بمنع الازدواجية واختيار الأكفأ واستقرت بعض المجالس الخاصة والأعلى للهيئات القضائية في تفعيل ذلك، ولم تبالي هيئات قضائية أخرى بذلك كالنيابة الإدارية ومجلس الدولة وهو ما ظهر جليًا في تعيينات الدفعات الأخيرة، وكان البعض يكرسون فكرة التمكين والازواحية لفئة معينة على أرض الواقع لتصبح مبدأ بغض النظر عن العدالة والشفافية، لا شك أن لكل مسؤول سريرة في قلبه يجب أن تنسجم مع سلوكه وفعله دون شوائب وخاصة في مؤسسة العدالة، حتى لا يقع الضرر وحتى لا يكون هناك ازدواجية في الانتماء بحكم المصالح والمنافع كما حدث بالفعل مع البعض، فلو أخذنا علي سبيل المثال دفعة النيابة الإدارية 2012 وتم فحصها ستجد الكثير، تعيين أبناء وبنات لأعضاء بنسب متدنية على حساب متفوقين، وتجد من بين المعينين الثالث أو الرابع من أبناء العضو لينضم لهذه الهيئة، وفي ذات الوقت تجد الاسم مقبول في هيئة قضائية أخرى وعليه يتم الاختيار، وتصل أيضا أن يمكن نفسه في هيئة قضائية حتى تأتي الأخري ثم يتركها ويذهب الثانية، وإذا أحسّ في المكان الثاني بتوع من المعاناة لا مانع ان تجده في هيئة قضائية ثالثة. 


ازدواجية وتمكين وتوريث وعدم وجود معايير واضحة في الاختيار أفكار هادمة لمستقبل وطموح الشباب وتهدد العدالة وتعكر صفو الأمة، ولا تستقيم الازدواجية والتمكين مع توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بصفته رئيسًا للمجلس الأعلى للجهات والهيئات القضائية والتي تعرقل مستقبل مصر الحديثة القائمة على العدالة والشفافية  واستيعاب أبناء الشعب دون تمييز، ونأمل أن يقتدي المسئولين بالسلف الصالح، ولنا في القاضي الفقيه شريح بن الحارث الكندي أسوة حسنة.


ذات يوما قال ابن شريح لأبيه: "يا أبت، إن بيني وبين قوم خصومة، فانظر فيها، فإن كان الحق لي قاضيتهم، وإن كان لهم صالحتهم، ثم قصّ عليه قصته، فقال له شريح، انطلق فقاضهم ،فمضى إلى خُصُومِه، ودعاهم إلى المقاضاة، فاستجابوا له"، ولما مثلوا بين يدي شريح، قضى لهم على ولده، فلما رجع شريح وابنه إلى البيت، قال الولد لأبيه: "فضحتني يا أبت! والله لو لم أستشرك من قِبل لما لمتك ، فقال شريح: يا بُنَيّ، والله لأنت أحب إليَّ من ملء الأرض من أمثالهم، ولكن الله عز وجل أعز عليَّ منك، لقد خشيت أن أخبرك بأن الحق لهم فتصالحهم صلحًا يفوت عليهم بعض حقهم، فقُلْتُ لك ما قلت.

    Dr.Randa
    Dr.Radwa