الجمعة 26 ابريل 2024

تجديد الفقه الإسلامى (4)

أخرى18-12-2020 | 14:57

قال سهل بن أبى عمر: كان الذين يفتون على عهد رسول الله: ثلاثة من المهاجرين وثلاثة من الأنصار: عمر، وعثمان، وعلي، وأبى بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت.

وفى الاستيعاب لابن عبد البر عن مسروق قال، شافهت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت علمهم ينتهى إلى ستة: عمر، وعلي، وعبدالله بن مسعود، ومعاذ، وأبى الدرداء، وزيد بن ثابت.

 وقال القاسم بن محمد: كان أبوبكر وعمر وعثمان وعلي يفتون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 وقد ذكر العلماء عشرات الصحابة والصحابيات الذين نقلوا الفقه والعلم واجتهدوا فى فروع الشريعة لتكون بيضاء نقية، وكذلك التابعين وتابعى التابعين إلى عصر الأئمة الأربعة.

 

متى تم النزاع وافترق العلماء إلى مدرستين عراقيين وحجازيين، أو بين أهل الرأي وأهل الحديث؟

حدث هذا فى عصر الصحابة عندما استوطن عبدالله بن مسعود الكوفة ونشر علمه فيها وأفتى بما شهده من أقضية رسول الله فى حال أن هناك أقضية أخرى لم يشهدها .

وبعد ذلك افترق الفقهاء إلى حزبين: حزب السنة والأثر وهم أهل الحجاز ورئيسهم سعيد بن المسيب ثم تفرعوا إلى مالكية وشافعية وحنابلة وظاهرية، كل هؤلاء أساسهم الأثر ولا ينتمون للرأى.

أما أهل العراق فكانوا يميلون للرأى ورئيسهم هو إبراهيم النخعى وصار الأحناف من هذه المدرسة.

غير أنه فى الحجاز من يقول بالرأى كربيعة، وسمي ربيعة الرأى شيخ مالك بن أنس، ومن العراقيين من يقول بالأثر كالشعبي وابن سيرين.

وهذا كان له أثره فى جمود بعض الجماعات الإسلامية الرافضة للقياس والرأى والأخذ بمقاصد الشريعة انطلاقاً من تقليد خاطئ لمدرسة الحجاز ولم يقفوا على النص فقط، وإنما أوجدوا أحوطيات وجمدوا الدين.

والسؤال الذى يطرح نفسه: هل أحكام الشرع معقولة المعني؟

كان أهل الرأى يقولون إن أحكام الشرع معقولة المعنى ومشتملة على مصالح راجعة إلى الأمة، وأن العقل يمكن أن يدركها ويدرك حسنها وقبح ضدها.

فهذا الفريق من العلماء يبحث عن العلل فى الأحكام ويجعل الحكم دائراً معها وجوداً وعدماً .

بخلاف مدرسة الأثر التى تبحث عن النصوص أكثر من بحثها عن العلل والمقاصد، وكانوا يعتبرون السنة والآثار تمنع القياس والرأي. وهذا سر ظهور بعض العلماء  المقدسين للآثار الواردة حتى عن السلف ومحاولة هجره لواقعه إلى واقع يناسب النصوص، مع أنه مأمور بمعايشة واقعه بروح النص وليس حرفية النص!

وكان الإمام أبى حنيفة النعمان من رواد مدرسة الرأى

 وهو أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى، ولد بالكوفة عام ثمانين من الهجرة، وحج مع والده وهو ابن ستة عشر عاماً ودخل المسجد الحرام فوجد حلقة فقال لأبيه: حلقة مَن هذه؟ فقال: حلقة عبدالله بن الحارث بن جزء صاحب النبى صلى الله عليه وسلم، فسمعه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من تفقه فى دين الله كفاه الله همه ورزقه من حيث لا يحتسب" .

وأدرك أيضاً أربعة من الصحابة: أنس بن مالك بالبصرة، وعبدالله بن أبى أوفى بالكوفة، وسهل بن سعد الساعدى بالمدينة، وأبو الطفيل بن عمرو بن وائلة بمكة، ولم يلق أحداً منهم.

هو صاحب المذهب الحنفى وأول من تجرّد لفرض مسائل وتقدير وقوعها وفرض أحكامها إما بالقياس على ما وقع، وإما باندراجها في العموم مثلاً، فزاد الفقه نمواً وعظمة، وقيل إنه وضع ثلاثمائة ألف مسألة.

أصول المذهب: الكتاب والسنة والإجماع والاجتهاد ومنه القياس.

وقد توسع فى الأخذ بالقياس والاستحسان أكثر من غيره، وتوفي رحمه الله سنة مائة وخمسين للهجرة.

وتنقسم مسائل الفقه عند الحنفية إلى ثلاثة أقسام:

* الأصول: وهى المسائل التى تسمى، ظاهر الرواية وهى ما روى عن أبى حنيفة وأصحابه وقد جمع محمد بن الحسن الشيبانى مسائل الأصول فى كتب ستة تعرف بكتب ظاهر الرواية.

* النوادر: وهى المسائل المروية عن الإمام وأصحابه فى غير كتب ظاهر الرواية.

* الفتاوى: وهى ما أفتى به مجتهدو الحنفية المتأخرون مثل كتاب "النوازل" لأبى الليث السمرقندى.  

 -ومن أشهر أصحابه:

1-  أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري:

وهو من أكبر تلامذة أبى حنيفة، وأول من صنّف الكتب فى مذهب أبى حنيفة ونشرها فى كل الأقطار، وإليه يرجع الفضل فى تأييد مذهب أبى حنيفة وتخليده.

رحل إلى الإمام مالك فى المدينة فكان أول من قرّب بين المذهبين الحنفى والمالكى، وتولى القضاء لثلاثة خلفاء (المهدى والهادى والرشيد)، ولم يبق من كتبه إلا رسالة الخراج، ولد عام 122 هجرياً  وتوفي عام 183 هجرياً.

2- محمد بن الحسن الشيبانى:

ولد بالعراق عام 122هـ أخذ العلم عن أبى حنيفة وعن أبى يوسف، وجمع بين أطراف فقه المدرستين أهل الحديث وأهل الرأى وتأثر بهما، بلغت مؤلفاته تسعمائة وتسعين كتاباً ومات عام 198 هجرياً.

3- زفر بن الهذيل بن قيس الكوفى العنبرى:

كان أكثر تلامذة أبى حنيفة أخذاً بالقياس وتوفي عام 158 هجرياً

4-  الحسن بن زياد الؤلؤى الأنصارى:

وكان من المجتهدين المطلقين وعمل على نشر مذهب أبى حنيفة وتوفى عام 204 هجرياً

وللموضوع بقية..

    Dr.Randa
    Dr.Radwa