الجمعة 26 ابريل 2024

التغيرات الدولية في ظل انتشار جائحة كورونا

أخرى8-12-2020 | 09:01

كتاب إغاثة الأمة في كشف الغمة أحد أروع الكتب لعالم الاقتصاد والمؤرخ المصري البارز المقريزي في القرون الوسطي، والتي وصف فيها المجاعات والأوبئة التي هزت مصر وكيف أثرت في الحياة بصورة عامة والاقتصاد في مصر، لم يكن يخطر في بال أحد يوماً وخصوصاً في القرن الواحد والعشرين أن نرى انتشار فيروس كورونا المستجد والذي يهدد شكل الحياة الاجتماعية بل ومدمر للاقتصاد العالمي .

 علاقة الإنسان بالبيئة والطبيعة واستغلال الموارد، أصبحت من الأمور الهامة وليست مجرد رفاهية أن العالم في حاجة إلى مراجعة جذرية لبعض المفاهيم، فالحرية المفرطة أدت إلى الوصول إلى نتائج كارثية تؤدي بالعالم إلى النهاية وأن الإنسان نفسه هو أهم وسيلة لتسريع وتيرة القضاء على الحياة على كوكب الأرض، أن ما حدث في أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد أمر ربط بين ما حدث في العصور الوسطي وبين العصور المتقدمة حيث وصل الإنسان إلى قمة التكنولوجيا والمعرفة العلمية لم يستطيع حماية نفسه من فيروس لا يرى بالعين المجردة!.

العلاقات الدولية في القرن الحالي تحتاج إلى إعادة التقييم، يوجد العديد من النظريات التي تفسر العلاقات الدولية بشكلها الحالي، ويوجد العديد من المقترحات حول إعادة تقييم العلاقات الدولية وعلى رأسها إعادة هيكلة الأمم المتحدة، ولكن دائماً ما تفرض الدول القوية كلمتها فالدول الأكثر تأثيرا في العالم هي التي تتحكم في العلم والمعرفة وتطبيق كافه أنواعه العلوم الأكاديمية والصناعات والإبداع والابتكار والزراعة والتجارة والشئون الاستراتيجية والصحة والشئون العسكرية والتقدم في النظم الإدارية وسيادة القانون ولكن مهما بلغ المجتمع من تقدم دون الحفاظ على الفطرة الطبيعة التي خلق الله عز وجل البشر عليها يسقط أي تقدم أو أي مظهر من مظاهر الحضارة فالعلاقات الدولية هي لعبة المصالح فكل دولة بعد أن تصل إلى مرحلة مرضية من الاستقرار وتنمو تبحث عن دور خارجي من أجل قوتها والدفاع عن مصالحها الخارجية أو ربما التوسع سواء المادي أو المعنوي، فكلما زاد الوعى والعلم في المجتمع زادت الفاعلية الدولية لهذا المجتمع، وبالتالي تزيد قيمة الدولة على مستوى العالم .

الأفكار السياسية والاجتماعية والاقتصادية وأي أفكار متعلقة بالحياة العامة تنضج والشعوب تتطور هناك أحداث عالمية تغير شكل العلاقات الدولية وتؤثر في العالم فتظهر قوى جديدة وتختفي أخرى أو يقل دورها ولعل أبرز مثل لذلك الحرب العالمية الثانية.

إن الديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها هي معايير غربية لأنها هي الحضارة المهيمنة وستتغير وتتطور بانحدار الحضارة الغربية وستتغير المعايير والمفاهيم في العالم، وبحساب قوة كل دولة في العالم تختلف من ثقافه لثقافة ومن بلد لآخر التغير في المجتمع ينعكس بالضرورة على السياسية الخارجية، فهناك دور للفرد في تعلمه الشخصي وإنشاء أسرة فاعلة وهناك الدور الجماعي من فئات المجتمع ودور العبادة والاعلام والمجتمع المدني و المدارس والجامعات لإعداد الفرد ثم الدولة لحفاظ على القوة والكرامة الوطنية.

إن انتشار فيروس كورونا في العالم هو أحد أهم الأحداث التي هزت المجتمع الدولي خلال القرن الحالي حتى الآن فلابد من توثيق للمرحلة وعمل تحليل دقيق للأجيال القادمة، فهناك عدة شواهد أن ما حدث في العالم هي أزمة غير مسبوقة، حيث صرح وزير التجارة التونسي محمد المسيليني علي شبكة "سي ان ان" في شهر مارس الماضي، إن باخرة كانت مُحملة بالكحول الطبي تعرضت للسرقة في عرض البحر خلال إبحارها إلى بلاده، ما حدث يشبه واقعة سرقة دولة التشيك لشحنة مساعدات طبية من الصين إلى إيطاليا وفي تفسيره لما حدث، قال المسيليني إن "هناك حالة هيستريا، هذه الدول التي تسرق بعضها، الاتحاد الأوروبي ما عاد اتحاد أوروبي".

كما قال الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش: "أصبح من الواضح أن أوروبا بالكاد تستطيع حماية نفسها من دون الصين، وأن بلاده كانت تنتظر إخوانها الصينيين" موجها في الوقت ذاته انتقادات حادة للاتحاد الأوروبي، الصين عرضت المساعدات الطبية والفنية لدول الاتحاد الأوروبي بينما فشلت في الولايات المتحدة احتواء الأزمة وحولت تطبيق سياسات بطيئة لا تتناسب مع قدر الحدث وبذلك يمكن القول إن صورة الولايات المتحدة اهتزت بشكل كبير أمام العال.

 

وللحديث بقية الأسبوع المقبل

    Dr.Randa
    Dr.Radwa