تطوع نجوم الفن والطرب في الزمن الجميل لفعل الخير وساهموا في كثير من البناء، سواء كانت مستشفيات أو مصانع ودور إيواء المشردين، وتكاتفوا لمساعدة المنكوبين والفقراء.. وبوابة دار الهلال تسعى دائما لطرح الكنوز والنوادر، ففي مثل يومنا هذا من 61 عاما صدر عدد الكواكب، ومنه نطرح أسرار وكواليس حفل أضواء المدينة الخيري في محافظة بني سويف، والذي شارك فيه الكثير من نجوم التمثيل والغناء.. ولكن الفنانة وردة حديثة العهد آنذاك غضبت وانصرفت من الحفل وعادت إلى القاهرة.

 

الفن يبني المصانع

جاء في تقرير الكواكب عدد 31 يناير 1961، والذي كتبه زميلنا الراحل سيد فرغلي، أن بني سويف عاشت الأسبوع الماضي عيدا كبيرا اسمه حفل أضواء المدينة، فقد تزينت المدينة الكبيرة ورفعت فوق أبنيتها الأعلام واستقبل أهلها نجوم الفن والطرب بفرحة غامرة .. وفي الملعب الرياضي أقيم سرادق كبير يتسع لأكثر من عشرة آلاف شخص، لتقام فيه حفل أضواء المدينة الخيري والذي شارك فيه نجوم الفن من أجل بناء مصنع .. وتزاحم أبناء بني سويف لحضور الحفل فاضطر المحافظ عبد المحسن أبو النور إلى طباعة ضعف التذاكر ليتمكن الجميع من حضور الحفل، وحسب ما أكده الإذاعي القدير إبراهيم حفني، وهو الذي أخرج هذا الحفل النادر للنور، فقد أقيم الحفل في 19 يناير 1961.

 

حليم وشادية في المستشفى

قبل موعد الحفل بساعات حضر الفنان عبد الحليم حافظ والفنانة شادية والمذيعة سامية صادق، فقد قاموا بجولة في عدة مستشفيات بالمدينة لتسجيل حلقة من برنامج "حول الأسرة البيضاء"، حضروا جميعا في موكب من الجمهور الكبير الذي يحيطهم بالسيارات والدراجات وعربات الحنطور، وفي المساء أقيم الحفل، وقد أغفل تقرير الكواكب وجود الفنان أحمد الحداد مع حليم وشادية وسامية صادق، ووجب أن نؤكد أن حليم غنى للمرضى في المستشفى لكي يسعدهم ويخفف عنهم آلام المرض.

 

نجوم الفن يتألقون

بدأ الحفل بتقديم الإذاعي القدير جلال معوض، الذي شكر المحافظ على الحفاوة التي قوبلوا بها، أما التقديم على المسرح فقد قامت به الفنانة زوزو ماضي ابنة بني سويف، وكانت مقطوعة "توحة" أول الفقرات وغنى بعدها ثلاثي النغم ثم غنت فايزة أحمد أغنيتان وشادية أغنيتان وقدم الفنان محمد سلمان عبد الحليم حافظ للغناء، ليغني حليم "فوق الشوك" ثم "بعد ايه" ثم أغنية "حكاية شعب"، ثم يقدم الفنان محمد سلمان الفنانة صباح التي غنت عدة أغانٍ، وغنى محمد سلمان والفنانة نجاح سلام ورقصت زينات علوي ونجوى فؤاد وأضحك الجمهور شكوكو وأحمد الحداد ورشاد ومنصور، واختتم الحفل المطرب محمد عبد المطلب.

 

وردة تنصرف غاضبة

أكد التقرير أن الفنانة وردة كان من المفترض أن تشارك في ذلك الحفل هي وفرقة عطية شرارة الموسيقية، لكنهما انسحبا من الحفل بعد أن قطعا 400 كيلو مترا ذهابا وعودة، والسبب أنهما اختلفا على موعد ظهورهما على المسرح، كانا مصرين على الظهور في أول الحفل، لكن برنامج تنظيم الحفل كان قد تم تنظيمه، ورغم محاولات جلال معوض وبابا شارو لإقناعهما بالبقاء فقد قررا الانسحاب والعودة إلى القاهرة .

 

ووجب هنا أن نؤكد أن حفلات أضواء المدينة لها كل الفضل على الفنانة وردة، فقد قدمتها للغناء لأول مرة في حفل دمشق في 23 فبراير 1960، أيام وحدة مصر وسوريا، وقامت أيضا وردة بالغناء في مصر لأول مرة في 5 مايو 1960، في حفل أضواء المدينة وقدمها أحمد الحداد، وأتاحت لها حفلات أضواء المدينة المشاركة في حفل 17 يوليو 1960 وهو حفل عيد صوت العرب الثامن، وحفل عيد الثورة بنادي الضباط في 23 يوليو، ثم حفل عيد الطيران في 7 نوفمبر، و8 ديسمبر 1960، ويتأكد من ذلك الرصد أنها كانت حديثة العهد بالغناء، ولم يكن عليها أن تغضب بسبب نجوم كبار سيظهرون قبلها للغناء.

 

طلب مؤذن الحفل

من كواليس الحفل، نادى الفنان محمود شكوكو على الفنان محمد سلمان ليقول له : ما تنساش يا سلمان وأنت بتقدمني تقول الفنان الشعبي محمود شكوكو .. أيوه وحياة والدك .. أحسن مراتي بتزعل لما المذيع بيقول "شكوكو" وبس .. وفي ركن آخر جلس المطرب محمد عبد المطلب وعلى وجهه علامات الأسف من زميله عطية شرارة، وقال وهو يخبط كفا بكف : الناس بتزعل ليه لما بيتأخر دورها على المسرح .. أمال أنا أعمل أيه.. يعني قصدهم بقى إن أنا "مؤذن" أضواء المدينة .. وضحك الجميع على قفشة "أبو نور" عبد المطلب.

 

أما الفنانات شادية وفايزة أحمد ونجاح سلام ونجوى فؤاد فقد بدأن البحث عن طعام، والسبب أنهن لم يتناولن طعام العشاء، وحالا وصلت السندويتشات فالتهموها بنهم .. وكانت لمسة وفاء من أحمد فؤاد حسن أن وضع آلة الكمان الخاصة بالفنان أنور منسي على كرسي في الحفل، فقد كان ذلك أول حفل يخلو من الأنامل الساحرة للفنان أنور منسى.