الجمعة 26 ابريل 2024

اليوم.. عيد الشرطة

مقالات24-1-2022 | 20:53

لا يمكن أن تسقط من ذاكرة الوطن تضحيات وبطولات أبنائه من أشرف الرجال.. لا يتذكر الوطن إلا الخير والعطاء والفداء منهم.. لذلك نحتفل ونحتفي اليوم ـــ بعد 70 عاما بذكرى واحدة من ملاحم وبطولات الوطن وتضحيات الرجال.. فملحمة الإسماعيلية ١٩٥٢ م صفحة مضيئة من دفتر أحوال الوطن.. بعد سبعة عقود كاملة لم ينسهم المصريون.. بل ظلوا أوفياء لما قدموه من شجاعة وبسالة وتضحية من أجل ألا تجرح كرامة الوطن.. لذلك فاليوم هو عيدهم.. وذكراهم التي تبعث في نفوسنا الفخر والاعتزاز وتعمق في نفوسنا الولاء والانتماء لهذه الأرض الطيبة التي لا تنبت إلا بالشرفاء.. فالدفاع عن الوطن مرهون بعقيدة الرجال وليس بامتلاك العدة والعتاد. هكذا قال القائد العظيم الرئيس عبدالفتاح السيسي. 

اليوم .. عيد الشرطة .. لا عيد غيره ولا ذكرى إلا لمن دافع عن الوطن بشجاعة وشرف ورجولة وتضحية، لا ذكرى إلا لمن استشهد في سبيل كرامته وذاد عن حقه في الخلود .. اليوم عيد الوفاء والتضحية فما أعظمه من عيد.

إن الإنسان يسعد ويفخر بالأعياد التي تغمرنا بالشرف والمعاني النبيلة في الوفاء والشجاعة والوطنية والرجولة والفداء.. فما أعظم أن تقدم روحك هدية للوطن .. حتى تضمن له الخلود والكبرياء والشموخ وتأبى أن يركع أو يذل شعبه.

إن فرحة الأم بابنها البار لا تضاهيها فرحة .. وفخرها بعطائه ونجاحه وإخلاصه .. هكذا هي الأوطان تفخر وتخلد أبناءها الأبرار الذين دافعوا عنها بشجاعة وبسالة وضحوا من أجلها بأرواحهم «يسطر التاريخ أسماءهم بحروف من نور ولا يبخل عليهم بالوفاء والتكريم».

الوطن لا يذكر ولا يتوقف عند الخونة والمرتزقة الذين تربوا من خيرها وتحالفوا مع أعدائها .. وجرأت أياديهم على الخراب والدمار والحرق والتآمر على وجود ومستقبل الأوطان، ان أسوأ ما يمكن أن يراه الإنسان أن يتلقى الغدر من الابن .. والطعنات ممن أحسنت إليهم .. فلا يمكن أن يتصور أو يتوقع شريف أن يمس المواطن وطنه ولو بكلمة سوء فما بالنا بمن عاثوا في مصر خرابا وتدميرا وحرقا وتشويها وكذباً وزوراً..  وفتنة وتعطيلاً.

شاءت الأقدار أن يكون 25 يناير خطاً فاصلاً.. بين الرجولة والشجاعة والوطنية والشرف الذى سطره وقدمه رجال الشرطة الأوفياء في ملحمة الإسماعيلية عندما رفضوا نداء المحتل والمستعمر الإنجليزي بالاستسلام .. وقالوا كلمة واحدة: لن تمروا إلا على جثثنا، وشتان الفارق الذى كان في العدة والعتاد بين عدو مدجج بأحدث الأسلحة والآليات والمدرعات آنذاك .. وبين ضباط ورجال شرطة لا يحملون إلا البندقية العادية .. فارق كبير بين 8 آلاف جندي وضابط إنجليزي .. وبين 800 ضابط وجندي من رجال الشرطة المصريين .. ورغم ذلك وكما قال الرئيس السيسي في الاحتفال بعيد الشرطة .. إن الدفاع عن الأوطان ليس مرهونا بامتلاك العدة والعتاد بل بمدى عقيدة الرجال الراسخة داخل نفوسهم لذلك كان احترام وتحية العدو للصامدين الرجال بعدما قدموه من بذل وعطاء وتضحية وشجاعة وإرادة مصرية لا تنكسر ولا تلين .. رجال لم يهابوا الموت فداء للوطن وكرامته.

فارق كبير بين من منحنا الدرس والقدوة والنموذج في الشجاعة والفداء والتضحية وبين من خان وغدر وغامر بالوطن وأراد التدمير تحت شعارات مزيفة وحديث عن التغيير فتلك مغامرة بالوطن كانت ستؤدى إلى سقوطه لولا عناية الله وإرادة وتضحيات الشرفاء.

فارق كبير نتذكره في 25 يناير بين من ضحى وافتدى الوطن وحافظ على كرامته وواجه بشجاعة المحتل بين من تحالف مع أعدائه وقبض ثمن خيانته.

في 25 يناير من كل عام .. ليس في ذاكرتي .. وذاكرة الوطن إلا عيد واحد هو عيد الشرف والتضحية من أجل الوطن ..  (عيد الشرطة المصرية) التي يقوم على أكتافها وتضحيات وبطولات رجالها أمن واستقرار مصر وأمان مواطنيها.

ذاكرتي ترفض القبح والخيانة والعار ولا تحفظ سوى النقاء والوطنية والشرف ولا يخيل لي أنني احتفل بذكرى تألم فيها الوطن .. وجرحت كرامته وكان على حافة السقوط والانهيار والضياع بفعل بعض أبنائه وأعدائه.

ذاكرة المصريين .. لا تحفظ إلا أمجاد الشرفاء عيد النصر في أكتوبر 1973 ملحمة العبور العظيمة .. عطاء وشجاعة الرجال.

الحقيقة أن هناك مشهدين الأول في الإسماعيلية عام 1952 في مواجهة محتل أراد الإساءة للوطن وجرح كرامته .. لكن الرجال والأبطال كانت كلمتهم واحدة (نموت فداء للوطن) والمشهد الثاني في نفس التاريخ بدلاً  من أن نحمى ونحافظ على الوطن ونتصدى لأعدائه الذين خططوا لسقوطه وتآمروا من أجل ضياعه.. تحالف البعض منهم فأمعنوا في الخراب والدمار والحرق والتفجير وإيقاف عجلة الحياة في كل ربوعه .. نفذوا كل مطالب الأعداء فكانت البلاد على شفا الانهيار والشعب على حافة الهلاك بسبب الفوضى والانفلات .. لذلك فالفارق كبير بين من يضحى من أجل الأمن والأمان والاستقرار للوطن والمواطن .. وبين من يتآمر ليسلب ويختطف من  الناس نعمة الأمن والأمان.

أريد أن أوجه السؤال للشعوب المنكوبة التي سقطت فيها الدولة الوطنية وتفككت مؤسساتها .. وضاعت في غياهب الفوضى والإرهاب واللا دولة وفي معسكرات ومخيمات اللاجئين وموت الأمل في عيون الأطفال والأمهات الثكالى والأرامل من يسترقون السمع عن أي خبر يطمئن النادمين على هدم الأوطان، سؤالي لهم هل تحتفلون بذكرى «وفاة الوطن» .. هل جعلتم منه عيدا تنصبون له الأفراح وتنشدون الشعر والأغاني .. هل تتشرفون بأن يسطر في تاريخكم .. هل تسعدون عندما تتذكرون الخراب والقتل والدماء والإرهاب وضياع الوطن وسقوطه في بئر المجهول .. هل يخصص الناس عيدا لتعاستهم ونجاح الأعداء في اختطاف أمنهم واستقرارهم .. هل للخيانة.. والغدر والعار عيد أو ذكرى هل آلام الأوطان سعادة واحتفالات؟ لا .. اسألوهم ليجيبوكم أنها الأسود ولا تعتبر إلا يوم وفاة الوطن.

لقد أحيا أبطال الشرطة الشرفاء 1952 في ملحمة الإسماعيلية الوطن وحفظوا له كبرياءه وشموخه .. فاستحقوا المجد وأن نخصص لهم عيداً على مدار 70 عاما لذلك لن ينساهم التاريخ .. ولن يسقطوا من ذاكرة الوطن جيلا بعد جيل.

في ربيع العرب الأسود والمشئوم الذى تحولت فيه بعض الأوطان  العربية إلى أطلال وبيوت أشباح تسكنها شياطين الإرهاب والخيانة والفوضى ووجدوا فيها المرتزقة والعملاء ومن تجرأوا وتآمروا واستهدفوا المؤسسات العسكرية والأمنية فكانت النتيجة الحسرة والخوف واليأس وفقدان الأمل وضياع الأوطان.

نجت مصر من السقوط في براثن الفوضى ولم تستطع أن تنال منها الخيانة والمؤامرة لأنها تسلحت بعطاء وتضحيات وبطولات أبنائها.

الرئيس عبدالفتاح السيسي، قال خلال الاحتفال بعيد الشرطة أمس الأول: ان مصر دفعت ثمنا كبيرا من أرواح ودماء أبنائها من أبطال الجيش والشرطة لكن هذا الثمن لم يذهب هدرا ولكن بذل من أجل أن يعيش 100 مليون مواطن مصري بكرامة وحياة كريمة ومستقبل واعد وبناء الدولة القوية القادرة الحديثة وتأسيس الجمهورية الجديدة.. هؤلاء الأبطال الذين ضحوا من أجل أن تبقى مصر وينتشر الخير والنماء والبناء في ربوعها يستحقون ان نتذكرهم دائما بالفخر والتحية والتقدير والتكريم.. ونقيم لهم الأعياد والاحتفالات بتخليد أسمائهم في ذاكرة ووجدان هذا الوطن.

الحقيقة أنني أريد التأكيد على معنى مهم للغاية نريد أن نعلمه لأولادنا ونرسخه في عقولهم ووعيهم ان التكريم والعيد والاحتفال والاحتفاء والفخر يكون لمن أعطى وضحى وافتدى الوطن.. وتحلى بالشجاعة والشرف في مواجهة الأعداء.. لا أريد ان تختلط الأمور والمفاهيم في عقولهم لا نريد أن نقول لهم كلاما آخر أو نتلعثم ونحن نحكى لهم ولا نرتبك عندما نقص عليهم حكايات الفخر وكفاح الوطن.. وقصص بطولات الشرفاء الذين تصدوا بصدور عارية وشجاعة نادرة.. ولم يفكروا أو يساوموا عند تقديم أرواحهم لتعيش مصر.

لا تستقيم الأمور عندما نساوى بين من ضحى وافتدى الوطن.. وبين من خانه وغدر به وحرق ودمر وخرب وكاد يسقط الوطن ويذهب به إلى غياهب الضياع.. ان يوم 25 يناير لا يعنى سوى عيد الرجولة والشجاعة والفداء والتضحية من أجل الوطن.. ولا عيد ولا ذكرى إلا لرجال الشرطة الشرفاء الذين سطروا ملحمة الإسماعيلية في عام 1952.. إنهم لم ولن يسقطوا من ذاكرة الوطن ووجدان الأمة ووعى الشعب.. وأجيال الشرطة الحالية هم امتداد عظيم وسلسال شريف لآبائهم وأجدادهم من أبطال ملحمة الإسماعيلية.. فقط سطر هذا الجيل من أبناء الشرطة ملاحم عظيمة في الفداء والتضحية والبطولة من أجل مصر.. قدموا أرواحهم في مواجهة إرهاب أسود مدفوع ومدعوم من أجل إسقاط الوطن.. لكن الأمة التي تمتلك أشرف الرجال والمعين الذى لا ينضب من الأبطال، لا يمكن أن تسقط ولا يرضى أبناؤها هوانها.. هذا هو الفارق بين مصر التي نجت وعبرت المؤامرة الشيطانية في 2011 وبين دول سقطت في مستنقعها وعاثت فيها الفوضى ونال منها الانفلات.

يجب علينا كشعب ألا نقصر الاحتفال بأبطالنا وشهدائنا الذين دافعوا عن وجود الوطن.. وضحوا من أجل كرامتنا وتقدمنا على القوى الناعمة المصرية من إعلام وكتاب وفن ودراما بل يجب أن نزيد من جرعات وقصص وحكايات وروايات البطولات لنغرسها في نفوس ووجدان أبنائنا.. نعلمهم معنى التضحية من أجل الوطن.. ونحصنهم ضد خيانة الوطن والتآمر عليه والتحالف مع أعدائه.. نروى لهم قصص الرجال في حروب الاستنزاف وأكتوبر العظيم أمجاد وانتصارات الآباء والأجداد.. لنضمن لهذا الوطن الأمن والسلامة والوجود والخلود.

لا تعلموا أولادنا ازدواجية المعايير ولا تصيبوهم بالتردد واللعثمة واختلاط الأمور عليهم.. قصوا عليهم حقيقة ما جرى بأنه لم يكن تغييرا بل كان تدميرا وتخريبا وإسقاطا.. هذه شهادة مواطن مصري لم يمارس السياسة طوال حياته ولم ينتم لأحزاب.. بل كانت الدولة الوطنية بجميع مؤسساتها هي جل عشقه وانتمائه وجاهز لفدائها.

لم يكن ينتمى أو متيما بشخص ولكن كان مازال الوطن يسكن قلبه تهون الروح من أجله.. ومن يتآمر على الأعمدة الرئيسية للوطن حتى لا تصبح هناك دولة.. لا يستحق إلا الموت.. وحتى لا يدفن في أرض مصر الطاهرة التي لا تحتضن إلا الشرفاء والأوفياء ولا يوارى ثراها إلا الأطهار.

لا يمكن أن يكون التفكير في هدم وإسقاط وتدمير الدولة والاعتداء على مؤسساتها بالحرق والتخريب.. لا يمكن أن يكون التغيير في محاولة اقتحام وزارة الدفاع أو حرق مراكز وأقسام الشرطة.. لا يمكن أن يكون التغيير بالتحالف مع الخارج من أجهزة مخابرات ودول معادية.. لا يمكن أن يكون التغيير بدعم الإرهاب ومحاولة سرقة واختطاف هوية الوطن.. لا يمكن أن يكون التغيير من خلال تسليم مصر لأعدائها لتنفيذ مخططاتهم وأطماعهم وتسليم الأمة بالكامل بعد ذلك.

عن ثقة وجدارة.. اليوم عيد الشرطة.. عيد الفداء والشرف والتضحية والبذل والعطاء من أجل الوطن.. عيد يطل علينا ومصر تتمتع بأعلى معايير الأمن والأمان والاستقرار والبناء والازدهار والتنمية والحياة الكريمة بفضل تضحيات الرجال.. يطل علينا ونحن قاب قوسين من الجمهورية الجديدة.

تحيا مصر

Dr.Randa
Dr.Radwa