الخميس 25 ابريل 2024

سفير مصر السابق لدى الأمم المتحدة: أمريكا ربما تضغط على إسرائيل من أجل عدم دخول غزة بريًا (حوار)

السفير معتز أحمدين خليل

تحقيقات16-5-2021 | 14:41

محمود بطيخ

الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يهدأ ولا ينتهي، فرغم القوة التي تزعمها إسرائيل، وبدايتها في القصف على القدس الشرقية إلا أن المقاومة الفلسطينية انهالت عليها بكم هائل من الصواريخ الفلسطينية، التي تسببت في هزة في الكيان الصهيوني بالأراضي المحتلة، الأمر الذي جعل المواجهة تشتد بين الطرفين، وسقوط شهداء فلسطينين، وقتلى في صفوف الاحتلال.

 

أوضح السفير معتز أحمدين خليل، سفير مصر السابق بالأمم المتحدة، في حواره مع بوابة «دار الهلال»، أنه بالنظر إلى الخبرات السابقة فإن إسرائيل يمكن أن تدخل غزة بريًا ما لم تضغط عليها الولايات المتحدة، وإلى نص الحوار:

 

في البداية.. متى ينتهي القصف بين الطرفين؟

 

بالنظر إلى الخبرات السابقة في 2008، 2012، 2014، التسلسل التقليدي للأحداث أن إسرائيل يمكن أن تدخل غزة بريًا، ما لم تضغط عليها الولايات المتحدة بشدة في ظل الإدارة الجديد، برئاسة بايدن ومنعها من ذلك، ولكن الطبيعي أن تدخل غزة من أجل محاولة الإضرار بالمقاومة لأنها لا تستطيع القضاء علي المقاومة.

 

ثم يتم تصعيد التحرك الدولي بعد أن تتلقى إسرائيل خسائر إضافية ويتم وقف القتال، ويمكن أن يستغرق ذلك أسبوعًا أو إسبوعين، أو أكثر قليلًا.

 وبالنظر إلى التواريخ السابقة فإن المتغير الوحيد هو الإدارة الأمريكية فربما أن تضغط على إسرائيل من أجل عدم الدخول بريًا، ولكن من الخبرة السابقة فإن ذلك يمكن أن يستبعد لأن نتينياهو قد أعلن مسبقًا استعداد القوات الإسرائيلية من الدخول إلى غزة بريًا.

 

هل توجد خطوات ستتخذها الأمم المتحدة؟

 

مجلس الأمن ينعقد ولكن لا تصدر قرارات إلا إذا تم حدوث وساطة جدية مثلما كانت الوساطة التي تبنتها مصر عام 2012، وكان هناك موقف مصري جدي، واجتمع مجلس الأمن من أجل التأكيد على ذلك وتبني قرارًا يعتمد تلك الوساطة، لكن في 2014، مجلس الأمن لم يتمكن من منع إسرائيل من الدخول إلى غزة، وقد كنت مندوب مصر بالأمم المتحدة في ذلك التوقيت أغسطس 2014، وقد اجتمع عشية الإجتياح البري لغزة ولم يستطع منعه.

 

هل مجلس الأمن قادر على إدانة إسرائيل؟

 

لا ليس قادرًا على ذلك لأن الولايات المتحدة على علاقة قوية بإسرائيل بلا شك، ربما يكون هناك عدم استصاغة في أسلوب رئيس وزراء إسرائيل الحالي، لكن عند حدوث حرب، أو تصعيد عسكري لا تستطيع اتخاذ قرارات ضد إسرائيل، والمرة الوحيدة التي تدخلت الولايات المتحدة فيها لإصدار قرار ضد مصالح إسرائيل كان عندما تقدمت مصر والمجموعة العربية بقرار بإدانة المستوطنات، وقامت مصر بسحب هذا القرار.

 

ومن ثم قامت الولايات المتحدة تحت إدارة أوباما، بالتنسيق مع نيوزلاندا وبينزويلا ودولة أخرى، بتقديم القرار برغم أن المجموعة العربية كانت قد سحبته، وتم إصدار القرار بإدانة إسرائيل، ولكن لم يكن هناك حالة حرب في ذلك التوقيت.

 

ما هو السيناريو الذي ينتظره الطرفان لإنهاء تلك المواجهة؟

 

المقاومة ليس لديها ما تخسره، هي تحت الحصار حتى وإن كان الحصار في الوقت الحالي أقل قليلًا، فحسب معلوماتي هناك إمكانية لعلاج المصابين في مصر، ولكن المؤن ومواد البناء لا أعتقد أنه مسموح بها فقد كانت تلك هي شروط إسرائيل في الفترة من 2012، إلى 2014

 

أما إسرائيل فكما قلت من قبل، كان نتينياهو قد أعلن أنه يستعد لإجتياح غزة قبل تلك المواجهه ببضعة أسابيع، في أجواء الأزمة السياسية في إسرائيل، وهو كان يعتقد أن تلك القضية يمكن أن توحد الرأي العام الإسرائيلي من أجل مساعدته من تشكيل حكومة والبقاء في الحكم، تفاديًا لما قد يتعرض له من مسائلات، بشأن تصرفات مالية أو فساد أو خلافه.

 

هل يحاول نتينياهو تبرير فشله في تشكيل الحكومة من خلال القصف؟

 

لا يبرر نتينياهو فشله في تشكيل الحكومة، هو يحاول توحيد الرأي العام الإسرائيلي ضدد العدو المشرك، ولكن فشله واضح للجميع، في الأربع محاولات التي فشل بهم في تشكيل الحكومة.

 

فربما هو حاول أن يساعد على تأييد الأزمة في البداية، وربما هو لم يكن يتوقع أن يصل الرد الفلسطيني إلى هذه الدرجة، لكنه كان يتوقع أن يتم الإسراع بالحصول على تأييد اليمين الإسرائيلي، من أجل التوحيد بغرض استمراره في الحكومة. ولكن على ما يبدو قد تكون، صواريخ المقاومة التي لا تزال مستمرة بكميات كبيرة، في مختلف أنحاء إسرائيل قد تؤدي إلى نتيجة عكسية، ونحن ننتظر وسنرى.

 

ما رأيك في الجهود المصرية في الوصول لحل في الأزمة الفلسطينية؟

 

في شهر سبتمبر 2014، مصر عقدت مؤتمرًا لأجل ترتيب كيفية توصيل المساعدات إلى غزة ومراقبة الاستخدام المزدوج للمواد، ومثل تلك الموضوعات.

 

وعلى ما أذكر فقد كانت هناك دول كثيرة من بينها الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وروسيا ودول أخرى مهمة، وقد تعهدت بتقديم 5 مليار دولار إلى غزة، ولم يتم إيصال إلا مليار و 200 ألف، ذلك ما تم تسليمه لإدارة المؤتمر الذ كانت تقوم عليه مصر، ولم يتم الوفاء بباقي التعاهدات.

 

والوضع الآن مشابه للأمس، فإن الحكومة المصرية تحاول التدخل قدر الإمكان أما مدى نجاح تلك الجهود أو عدمه فسوف نرى هل ستجتاح إسرائيل غزة بريًا أم لا، ولكن تقديري أنها ستجتاح، وستتوقف إسرائيل بعد أن تتكبد خسائر تضطرها لوقف القتال ويتدخل المجتمع الدولي، وخاصة إدارة بايدن.

 

ما هي المشكلة التي حدثت بينك وبين سفير إسرائيل بالأمم المتحدة "غلعاد إردان"؟

 

لم تكن المشكلة بيني وبينه بشكل مباشر، كل ما في الأمر أن معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث كان قد طلب مني بعض المحاضرات عن الأمم المتحدة، وقد اقترحت أن يكون الموضوع عن كيفية عمل الأمم المتحدة بصورة عملية، وعرضت عليهم الإطار العام ووافقوا عليه، ومن ثم أعددت سلسلة المحاضرات وألقيتها في نهاية نوفمبر، وأول ديسمبر، وكانوا 3 محاضرات بين كل منهم أسبوع.

 

لم تكن لموظفي الأمم المتحدة كانت للبعثات المعتمدة بالأمم المتحدة، ومفتوحة للجمهور، فقد كان يوجد أكثر من 200 شخص من مختلف قارات العالم الخمس، قد سجل لأنها كانت مجانية، واشترك فعليًا ما بين 80 إلى 120، في كل من المحاضرات الثلاثة.

 

كان المشاركون كانوا طلبة دراسات عليا وأساتذة جامعات، وصحفيين، وأعتقد أعضاء من البعثات المعتمدة لدى الأمم المتحدة، وقد تناولت في تلك المحاضرات التنمية المستدامة، وموضوعات حقوق الإنسان بما في ذلك حقوق المرأة القضايا الخلافية مثل الميراث والتعذيب والفارق بين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والحقوق المدنية والسياسية، وتناولت الموضوعات الخلافية في نزع السلاح النووى، والسلاح التقليدي، ثم تناولت القرارات المتعلقة بالقدرات النووية الإسرائيلية في الوكالة النووية للطاقة الذرية وفي الأمم المتحدة.

 

وكذلك وضع فلسطين في الأمم المتحدة وتطوره منذ إنشاء منظمة التحرير، في ستينيات القرن الماضي، إلى أن حصلت فلسطين على سياسة الدولة المراقب، وكنت أتشرف بأني أمثل مصر في ذلك التوقيت، وشاركت في التفاوض على ذلك القرار مع ممثل فلسطين مندوبها الدائم في الأمم المتحدة والذي لا يزال مندوبها الدائم حتى الآن.

 

كما أنني تناولت في محاضراتي إصلاح الأمم المتحدة وبما في ذلك إصلاح الجمعية العامة وإصلاح مجلس الأمن، ثم عرضت بعض القرارات التي شاركت في التفاوض عليها في مختلف هذه الموضوعات.

 

وبعد ذلك.. بعد أن ألقيت المجموعة الأولى من المحاضرات، كان من المفترض أن أكررها في شهر فبراير، قبل موعد تكرارها بعشرة أيام أرسل مندوب إسرائيل الدائم للأمم المتحدة غلعاد إردان، والذي هو بنفس الوقت سفير إسرائيل في واشنطن، كما شغل عدة وزارات في وقت سابق مثل وزير البيئة، ووزير الاتصالات، ووزير الداخلية، وزير التعاون الإقليمي.

 

وأرسل خطابًا إلى الأمين العام للأمم المتحدة، يدعي فيه أن هذه المحاضرات تتسم بمعاداة السامية، وأني أشبه إسرائيل بإيران، ومن بين الحديث الذي ذكره في خطابه أنني ذكرت في إطار عرضي للقرارات السابقة التي تفاوضت عليها منذ دخلت في مجال تمثيل مصر بالأمم المتحدة، إلغاء قرار مساواة الصهيونية بالعنصرية، وقد كنت آن ذاك ممثل مصر باللجنة الثالثة بالأمم المتحدة، وكانت التعليمات حتى يوم صدور القرار حشد الدعم العربي ودول عدم الإنحياز ودول المؤتمر الإسلامي، التي أصبحت بعد ذلك منظمة التعاون الإسلامي، لرفض قرار إلغاء مساواة الصهيونية بالعنصرية، وثم صبيحة يوم التصويت لذلك القرار تلقينا تعليمات من القاهرة وكان ذلك في عام 1991، بعدم المشاركة في التصويت، وكنت قد ذكرت أنه يمكن أن تتلقي قرارات بعكس ما كنت تتخذه، وأن ذلك كان مثيرًا للإحباط. وقد ذكر مندوب إسرائيل أنني أعادي القرار، وأبلغتني إدارة المعهد بذلك الخطاب عندما تم إرساله لسكرتير الأمم المتحدة، وأبلغوني أنهم سيستمرون.

 

لماذا يرسل إردان مثل ذلك الخطاب للأمم المتحدة؟

 

يبدو أن مندوب إسرائيل بالأمم المتحدة كان لديه أهداف سياسية أخرى، فقد كان يتردد في ذلك التوقيت أنه ربما يتم تعيين سفير آخر في واشنطن، بعد تولي بايدن الرئاسة، وأن نتينياهو كان يريد مجاملة أحد مسانديه، فخير مندوبها بالأمم المتحدة، والذي كان من الفترض أن يتسلم في منتصف يناير كما أعتقد، بين واشنطن ونيويورك، ولكنه أصر على الإثنين، وله أجندة سياسية، فحث جريدة جيروزاليم بوست، ويديعوت أحرونوت، على الاستفسار من المتحدث بإسم السكرتير العام للأمم المتحدة عن الموضوع وسرب لهم الخطاب، متحدث السكرتير العام حسبما ذكرت لي إدارة اليونيتار، أحال السؤال إلى اليونيتار.

 

وقد أخبرتهم أنني اتعامل مع الموضوع بصورة احترافية، وأني قمت بعرض تاريخ تناول الموضوعات الخلافية، ويبدو أن إدارة المعهد، شعرت بالخوف من المواصلة، وقد طلبوا مني حذف بعض الموضوعات في الإصدار الثاني، وكان ردي أن بعض الموضوعات لا يمكن حذفها، لأنني أتحدث عن واقع وقرارات لازالت تصدر، وقد أجلوه إلى أجل غير مسمى، والمحاضرات لازالت على الموقع الإلكتروني للمعهد، وإزعاج السفير الإسرائيلي شيئ يسعدني.

Dr.Randa
Dr.Radwa