الخميس 25 ابريل 2024

الدكتور جمال شقرة: حرب العاشر من رمضان أظهرت عبقرية الجندي المصري (حوار)

الدكتور جمال شقرة أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة عين شمس

تحقيقات21-4-2021 | 21:22

أحمد رشدي

-  في العاشر من رمضان نجحنا في الخداع الاستراتيجي على جميع مستوياته.. وظهرت عبقرية الجندي المصري.

- إسرائيل وقفت ضد عبدالناصر والضباط الأحرار منذ اللحظة الأولى لثورة ٢٣ يوليو.

-   الكنيست الإسرائيلي أخذ القرار بعد ثورة يوليو إما مصر تدخل في سلام يفرض عليها أو تشن حربا على مصر.

-  السيسي يمتلك ثقافة تاريخية.. ووعيه التاريخي واهتمامه بنقل هذه الأفكار إلى الشباب في المنتديات قضية مهمة جدًا.

-  الشباب يتأثر فيما يكتب في الميديا ولدينا مصيبة كبيرة وهي غياب الوعي التاريخي.

-  الدراما التلفزيونية تلعب دورا مدمرا للخريطة الذهنية للشباب.

مرت مصر على مدار السنوات الماضية بعدة حروب، أهمها وأبرزها حرب أكتوبر العظيم، الذي أعطى للعالم أجمع أن مصر دولة لا تفرط في أرضها على مر التاريخ والعصور، إذ سطر الجنود الأبطال اسم مصر بحروف من نور في التاريخ بعد نصر أكتوبر المجيد، في نهار شهر رمضان الكريم.

«دار الهلال» أجرت حوارا مع الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، الذي أكد أننا نجحنا في الخداع الاستراتيجي على جميع مستوياته ولازالت خطة الخداع الاستراتيجي تدرس على مستوى العالم.، وإلى نص الحوار:

 

** في البداية حدثنا عن الظروف والأحداث التي سبقت حرب أكتوبر 1973؟

الظروف التي سبقت حرب أكتوبر كانت ظروفا استثنائية في تاريخ مصر، والحقيقة أن مصر بعد ثورة 23 يوليو بدأت تصعد على كل المستويات والأصعدة، بدأت القومية العربية والدعوة إلى الوحدة العربية تأخذ مصيرها، بالإضافة إلى أن عبدالناصر وقف بشدة أمام الولايات المتحدة الأمريكية التي حاولت أن تحل محل الاستعمار القديم، كما وقفت إسرائيل ضد عبد الناصر من اللحظة الأولى لقيام ثورة يوليو.

 

** هل تصريحات الرئيس جمال عبد الناصر خلقت خوفا لدى إسرائيل بعد سقوط الملك؟

بالفعل تصريحات عبد الناصر جعلت قادة إسرائيل يخافون من مصر بعد سقوط الملك، ما جعل الكنيست الإسرائيلي يجتمع وقتها ويناقش كيف ستكون سياسة الضباط الأحرار الذين قاموا بثورة 23 يوليو.

 

** كيف كان موقف الكنيست من مصر؟

الكنيست ناقش كيف سيكون موقف الضباط الأحرار من إسرائيل، خاصة أن الجيش المصري دخل في حرب 1948، وكثيرا من الضباط شاركوا في الحرب، وانتهت المناقشات في الكنسيت إلى أنه لابد من الضغط على مصر، حتى تحدد موقفها من إسرائيل، إما أن تدخل معها في سلام يفرض على مصر أو تقوم إسرائيل بشن حرب على مصر والنظام الجديد قبل أن يشتد عوده.

 

** لماذا رفض عبد الناصر أن يتحدث باسم فلسطين؟

رفض عبدالناصر أي إملاءات خارجية وأن يتحدث باسم فلسطين، وكان دائما يردد أن هذه الدولة التي اغتصبت أرض فلسطين لا ترغب في تحديد حدوها ورفضها في إعطاء الفلسطينيين حقوقهم، وكان دائما يردد أن قضية فلسطين عربية، ومصر من الدول العربية، فلماذا تحاولون أن تدفعوا مصر لتتحدث باسم العرب أو باسم القضية الفلسطينية؟ ولذلك يجب على إسرائيل تحديد حدودها.

** هل تأميم قناة السويس أحدث غضبا بالنسبة للإسرائيليين؟

إسرائيل قررت أن توجه الضرب لمصر خاصة بعد قيام عبدالناصر بتأميم قناة السويس، ودخلت في تحالف مع فرنسا وبريطانيا وقاموا بالعدوان الثلاثي، هناك لابد من وقفة مهمة جدا، في قراءة الوثائق العبرية والكتابات الإسرائيلية كان هناك خلافا بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، من موقف أمريكا من مصر.

** كيف كانت ترى الولايات المتحدة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر؟

الولايات المتحدة ترى أن عبدالناصر زعيما وطنيا، يريد أن ينهض بمصر ويحقق تنمية اقتصادية لها، ويبني السد العالي، لكنه لم يحدد موقفه من إسرائيل، وكان رد إسرائيل في المراسلات بين تل أبيب وواشنطن أن عبدالناصر ذكي جدا، ويقوي مصر اقتصاديا وعسكريا حتى ينقض بعد ذلك على إسرائيل، من هنا دخلت حرب العدوان الثلاثي 1956 على مصر، لكن هذا العدوان فشل نتيجة لإدارة مصر لهذه الأزمة.

** حدثنا عن موقف الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي من العداون الثلاثي على مصر؟

كان هناك موقف للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي من هذا العدوان، كانت هذا جولة من الجوالات المهمة في الصراع المصري الإسرائيلي، ثم تلى ذلك صراعا مصريا أمريكيا أو خلافا وصداما، لأن الولايات المتحدة حاولت أن تحل محل إنجلترا وفرنسا بعد سقوط الإمبراطورية البريطانية والفرنسية على أرض مصر، لأنه قص ذيل الأسد البريطاني على أرض مصر، وتراجعت فرنسا الاستعمارية بعد حرب السويس 1956، حاولت الولايات المتحدة وأيزنهاور ملأ الفراغ وفقا لنظريته، عبدالناصر رفض ذلك.

وقال له مصر والدول العربية عانت من الاستعمار البريطاني، وليس عندها استعداد أن تستبدل الاستعمار باستعمار أمريكي، ومن هنا بدأ التخطيط  لضرب مصر، ومن يناير 1955 كانت الوثائق الأمريكية تتحدث عن إما أن يتم اغتيال جمال عبدالناصر حتى تخلو الساحة لمن يأتي بعده ليتفاوض مع إسرائيل ويكون تابعا في سياسته للولايات المتحدة الأمريكية، وإما إذلاله وتدمير الجيش المصري على يد أصغر دولة في الشرق الأوسط وهي إسرائيل، ومن هنا كانت الجولة الثانية أو المؤامرة الكبرى، التي عرفت بنكسة 1967.

 

** لماذا رفض الشعب المصري تنحي عبدالناصر؟

الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل اكتشفت أن الانتصار الخاطف الذي حققته تل أبيب لن يحمي أمنها، لأن الشعب المصري لديه سمة في الشخصية المصرية، لا يخذل زعيمه حينما يتكشف أنه يعمل من أجل مستقبله ومستقبل أولاده، ولذلك كانت الصدمة كبيرة جدا للولايات المتحدة وإسرائيل أن الشعب المصري رفض تنحي جمال عبدالناصر، وبدأ حرب الاستنزاف، لمدة 3 سنوات، كانت معاناة شديدة، الأسلحة والجيش المصري في حالة سيئة جدا، وكان لابد من إعادة بناء الجيش المصري، وبناء حائط الصواريخ.

** كيف نجح عبد الناصر في إذلال العدو الإسرائيلي في حرب الاستنزاف؟

نجح عبد الناصر في إذلال إسرائيل في حرب الاستنزاف، وكثيرة هي الكتابات الإسرائيلية لـ«جولد مائير، وبيلد، وشارون، وديان» وغيرهم، الذين يؤكدون أن إسرائيل هزمت في حرب الاستنزاف، وأن عبدالناصر نجح في إسقاط البانتم وحائط الصواريخ، كما نجح في إعادة في بناء الجيش المصري بعد ضربة 67، وأن الإسرائيليين لم يحصلوا على الأمن حتى بعد بناء خط بارليف، حتى أن جولد مائير كانت تردد في الإذاعة الإسرائيلية: «ياريت عبدالناصر يقابلني في أي مكان لكي أعقد معه اتفاق لإيقاف حرب الاستنزاف»، والحقيقة أن إسرائيل لا تحتمل حرب الاستنزاف، إسرائيل لا تعرف إلا الحرب الخاطفة، الحرب الجبانة فقط، ومن هنا بدأ الإعداد لحرب أكتوبر 1973.

** هل تؤثر السوشيال الميديا على عقول الشباب؟

بالتأكيد.. الشباب يتأثر فيما يكتب في «الميديا»، ولدينا مصيبة كبيرة غيبة الوعي التاريخي لدى شبابنا، وتلعب الدراما التلفزيونية دورا مدمرا للخريطة الذهنية للشباب، ولذلك يتبنى الشباب ويتجاوب مع من هم أعداء لجمال عبدالناصر وثورة 23 يوليو، الكتابات التي تعادي ثورة 23 يوليو ليست كتابات موضوعية، معظمها للذين أُضيروا من الثورة، منهم أذناب الملك وحفدة كبار ملاك الرأس مالية المتمصرة والأجنبية وأبناء وحفدة الأحزاب المصرية بعد فشلت وتعرت وعرت هي نفسها بالكتابات التي كتبت في الصحف، والذين اعترفوا أن الحياة الحزبية كانت فاشلة قبل ثورة 23 يوليو، وقاموا بتطهير أنفسهم، وكذلك أبناء وحفدة جماعة الأخوان الإرهابية.

** حدثنا عن مقابلتك لعمر التلمساني وصلاح شادي وصلاح أبو رقيق؟

قابلت عمر التلمساني، وصلاح شادي، وصلاح أبو رقيق، ولمست الحقد الشديد تجاه ثورة 23 يوليو لدرجة أن عمر التلمساني في مقر مجلة الدعوة بالتوفيقية، اعترف لي أنه سيظل وراء جمال عبدالناصر حيا وميتا، وكان منفعلا، فقولت له حيا وعرفنا رصاصات المنشية ومحاولات الاغتيال وغيرها في الفترة ما بين 1957 و1970.

وكان الإخوان ضليعة في محاولات اغتيال عبدالناصر بعد حادث المنشية بالتعاون من الولايات المتحدة الأمريكية وفشلت هذه المحاولات، وكيف وراءه ميتا، قال: «سنشوه أي عمل يمثل مجدًا لعبدالناصر، سنكتب أن السد العالي سدًا مشئوما، سدًا سيأتي بالخراب على مصر، وسنكتب أن عدم الانحياز لعبة ضحك بها دهاقين السياسة والسوفييت الشيوعيين على جمال عبدالناصر، وحاولوا أن يضموا مصر أو يدخلوا الشيوعية لمصر».

وقال أيضا: «سنكتب أن التنمية التي نجحت وقام بها عبدالناصر تنمية فاشلة، لأنها لم تكن لوجه الله سبحانه وتعالى»، وعندما سألته هل هناك تنمية لوجه الله وتنمية ليست لوجه الله؟، قال لي نعم، هذه تنمية هدفها مجد الزعيم ولم يكن هدفها مصر، بهذا الشكل أنت تجد كتابات كثيرة تحاول أن تشوه كل إنجاز لجمال عبد الناصر، لذلك هي مسألة معقدة جدا أن يقرأ شباب ويتأثر بهؤلاء، وهذا مسئولية الإعلام والمفكرين.

 

** كيف ترى اهتمام الرئيس السيسي بالثقافة؟

أحيي الرئيس عبدالفتاح السيسي على ثقافته التاريخية ووعيه التاريخي واهتمامه بنقل هذه الأفكار للشباب في المنتديات، و«نحمل جميع منشآت التربية هذه المسئولية، بداية من الأسرة، والمدرسة والمسجد والكنسية، ووزارة التربية والتعليم والتعليم العالي والإعلام، عليكم مسئولية كبير في تنشئة وتوعية شباب مصر، لأن كل هذه العناصر التي ذكرتها معادية للدولة المدنية، وليست معادية لثورة يوليو فقط، بل معايدة للدولة المدنية، هذه العناصر تمتلك ميلشيات تبث سمومها عبر وسائل الاتصال المختلفة».

** كيف يمكن أن تنمي الدولة الوعي التاريخي؟

يجب أن يُخصص 5 دقائق لتنمية الوعي التاريخي كل يوم على قناة رسمية، يخرج المؤرخ ويقول هذه حقيقة الرمز أو حقيقة الموقعة والحرب، وهذا مهمًا جدا تنمية الوعي للشباب والمواطنين.

** صف لنا الرئيس الراحل جمال عبدالناصر؟

عبدالناصر زعيما وطنيا، أحب مصر وأخلص لها، وله إنجازاته العظيمة جدا وربما وله بعض الهنات والأخطاء، وهذا الحكم ينطبق على كل زعماء مصر.

وفي حرب الاستنزاف كانت المعنويات منخفضة لدى المصريين، وكانت هناك ظاهرة النكات، ورأيت ذلك في بعض الوثائق في رئاسة الجمهورية، حتى أن الرئيس عبدالناصر كان مستاء من النكات، وخطب خطبة وقال: «خفوا أيديكم عن الجيش المصري، وأنا عارف إن المصريين بيحبوا النكت».

** في اعتقادك أن عبد الناصر نجح في بناء الجيش المصري؟

بالفعل نجح عبد الناصر في بناء الجيش المصري، ودخل حرب الاستنزاف، واستنزف إسرائيل بالفعل، ووضعت خطط للعبور، جرانيت 1 و2 ، والمآذن العالية، التي تطورت بعد ذلك وأصبحت خطط لحرب 1973.

** من وراء نصر أكتوبر؟

الخداع الاستراتيجي وإرادة جيل أكتوبر، كانت وراء نصر أكتوبر ١٩٧٣، والمعجزات التي حققتها القوات المسلحة في ظل الظروف الصعبة ، جعلت مصر تسترد أرضها وعرضها رغم أن الجيش المصري لم يكن مسلحا مثل الجيش الإسرائيلي.

وعبقرية حرب 73 أنها قامت في الوقت الذي كان فيه وفاق دولي، وفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي على أن يتم حل، الصراعات السياسية بين مصر وإسرائيل بالتفاوض بلا حرب، وهذه هي الخدعة التي قامت بها الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي حيث عقدوا 3 مؤتمرات لحل المشاكل والصراعات على مائدة المفاوضات، في الوقت الذي كانت تسلح فيه إسرائيل وتضع الخطط لضرب مصر وتدمير جيشها.

 

** حدثنا عن عبقرية الجندي المصري في حرب 1973؟

لا ننسى عبقرية الجندي المصري التي ظهرت وتجلت في العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر، سطر الجنود الأبطال اسم مصر بحروف من نور في التاريخ بعد نصر أكتوبر المجيد، على الرغم أنهم لم يأخذوا حقهم في التأريخ، مثل عبدالباسط صائد الدبابات وغيره، نجحنا في الخداع الاستراتيجي على جميع مستوياته ولازالت خطة الخداع الاستراتيجي تدرس على مستوى العالم.

Dr.Randa
Dr.Radwa