الأربعاء 24 ابريل 2024

من 63 عاما.. أنور وجدي كاد أن يحاكم عسكريًا بسبب «قلبي دليلي»

كنوزنا31-1-2021 | 23:52

برع الفنان أنور وجدي في أداء دور ضابط البوليس والطيار، كما في أفلام "4 بنات وضابط"، و"الوحش" و"قلبي دليلي" و"غزل البنات"، وروى أنور وجدي بنفسه كواليس حبه لارتداء بدلة الضابط.

ونسرد في السطور التالية ما كاد سيقع فيه من مشاكل كما جاء في مجلة الكواكب عدد 13 يناير 1953، تحت عنوان "كدت أحال إلى المجلس العسكري".

حدث ذلك في فيلم "قلبي دليلي"، كان دوري في الفيلم ضابط في الجيش، وهو أحد الأداور التي أعتز بها، وقد فضلت أن أدعم الفيلم ببعض مناظر استعراضية عن الجيش أن رؤية الجند وصوفهم المرتبة المنتظمة والضباط الشوامخ لها أثر طيب في نفوس الجماهير.. وشرعت في تنفيذ الفكرة، فكتبت خطابا إلى وزارة الحربية وأرسلته، ومضت أسابيع دون أن تصلني موافقة منهم، ففهمت أنهم رفضوا، وقرأت الصحف في الصحف ذات صباح أن الجيش سيقوم باستعراض كبير في ساحة عابدين لإحدى المناسبات .. فقفزت إلى ذهني فكرة قررت أن أنفذها بحاذفيرها.

 

وتربصت بالإستعراض .. وفي اليوم المحدد لبست ملابس الضباط، إذ كان يجب أن أظهر بينهم بملابس رسمية حتى أنقل للجمهور صورة دقيقة .. ووضعت آلات التصوير في سيارات، وركب معي بعض المصورين والعمال والفنيين، وفي ساحة عابدين تركت السيارة في شارع جانبي، وتقدمت وقد شددت قامتي ورفعت رأسي إلى أعلى، وقد حرصت أن أجذب القبعة إلى الأمام حتى أحجب بها وجهي. وكان الجنود مصطفين والضباط هنا وهناك في ساحة القصر قبل أن يبدأ الإستعراض، وحرصت ألا أنظر في وجه أحد حتى لا ينكشف أمري.

 

وفجأة رأيت أحد مصوري استوديو مصر، جاء ليصور الإستعراض ويعمل منه نبأ لجريدة مصر الناطقة، وقد اكتشفني ووقف يلتقط لي بعض الصور، وحاولت أن أفهمه مهمتي، فضحك واعتقد أنني أمزح، وتركني ومضى إلى داخل السراي، وتملكني الغضب الشديد.. وبعد قليل اقترب مني أحد الضباط قائلا:

ــ حضرتك أنور وجدي؟

ــ أيوه يا فندم!!

ــ عبد اللطيف طلعت باشا عاوز حضرتك.. تفضل جوه!

 

كان عبد اللطيف طلعت رجل دمث الخلق ويقدرني تقديرا كبيرا ويعجبه كل ما أقدمه من أفلام، فدخلت فصر عابدين في خطوات مرتبكة، فكل أعواني ينتظرون في الخارج.. وفي مكتب عب اللطيف طلعت وجدته جالسا وحوله أقطاب من العهد الماضي، فتقدمت لأصافحه ونسيت من حوله، وبادرني قائلا"

ــ كنت مخبي نفسك عني.. لكن مصور استوديو مصر قال لي.

ــ أبدا يا فندم .. دا احنا يحصل لنا الشرف

ــ انما عجيبة انك جاي في لبس ضابط!

ــ مش عجيبة ولا حاجة .. أنا كنت ...

ــ كنت عامل مكياج علشان تتفرج على الاستعراض والجمهور ما يعرفش.. فتاخد راحتك في الفرجة!

ــ أبدا يا فندم..

وسكتت لالتقط أنفاسي ودعاني للجلوس، فجلست على كنبه يتجه طهرها لوجوه الجالسين من حولي.. واستأنفت أشرح له الحكاية، أني أقوم بدور ضابط في فيلم ولابد أن يظهر بين ضباط الجيش، فوجدت أنها فرصة سانحة كي أقف اليوم بين الضباط والكاميرا تسجل صورا طبيعية .

ــ طيب ما طلبتش ليه تصريح بالتصوير؟

ــ والله طلبت .. وما ادونيش!

ــ مين اللي مارضيش؟

ــ وزارة الحربية

ــ ده من مدة؟

ــ أيوه .. وأنا أفضل انك توصي علي.

ورأيت عبد اللطيف طلعت يبتسم لأحد الموجودين خلفي ويبتسم.. فقلت: مسألة التصريح دي اعتقد انها حاجة بسيطة.. احنا اخدنا تصريحات تصوير قبل كده.. ومن خلفي سمعت صوت قوي يقول:

ــ وانت مالك يا فندي بالتصريحات؟

فنطرت لأرى المتحدث، وكان محمد حيدر باشا، فقد وصل أثناء الحديث ولم يعرف شخصيتي، فقلت له:

ــ البركة فيك برضه يا فندم

فأجاب في لهجة أمر: مش شغلك .. انك تتدخل في تصريحات التصوير.. دا اختصاصنا احنا

ــ أيوه يا فندم أنا فاهم ..

ــ طيب مادام انت فاهم.. اتفضل شوف شغلك!

كان معنى ذلك أن أنصرق بالأمر كما دخلت بالأمر، وأن يفشل كل ما دبرت.. فنهضت وأنا عازم على الخروج، فانطلق عبد اللطيف طلعت ضاحكا وقال:

ــ يا حيدر باشا حضرته الأستاذ أنور وجدي الممثل!

وفحصني حيدر باشا بنظراته ثم ابتسم وهو يقول:

ــ طيب يا أخي مش تقول!

وبدأت أبلع ريقي بعد جفاف وصارت الأمور طبيعية بعد التعارف، هذا وإلا أحالوني إلى مجلس عسكري فيه الويل كل الويل.. للعبد لله !  

    Dr.Randa
    Dr.Radwa