السبت 20 ابريل 2024

إشكاليات تجديد الخطاب الديني عند دكتور الجامعة (2)

مقالات21-10-2021 | 13:25

نستكمل في هذا المقال ما كنا قد بدأناه في مناقشة كتاب "تجديد الخطاب الديني" الصادر عن الهيئة العامة للكتاب في طبعة ثانية 2019، ضمن سلسلة مكتبة الأسرة، ونؤكد مرة أخرى أنه ليس هناك معرفة سابقة بمؤلف الكتاب من قريب أو بعيد، وأن المرة الأولى والأخيرة التي تبادلنا فيها الحوار التليفوني كانت بخصوص الفيديو الذي ناقشت فيه الكتاب وتدخل الصديق المشترك الدكتور هاني نسيرة لعقد مناظرة بيننا حول الكتاب وثمن الدكتور هيثم الحاج علي رئيس الهيئة العامة للكتاب الفكرة وتبنى مشروع نشر المناظرة في كتاب إلا أن فضيلة الدكتور الجامعي لم يرد حتى الآن على المقال الأول المنشور على بوابة "دار الهلال" تحت عنوان "إشكاليات تجديد الخطاب الديني عند دكتور الجامعة" بتاريخ 20 سبتمبر 2021، فما كان مني إلا استكمال ما بدأته واستئناف نشر مقالات مناقشة الكتاب، ولا يفوتني شكر مؤسسة "دار الهلال" ورئيس مجلس إدارتها ورئيس التحرير وكل العاملين فيها على تحمل ما أكتبه ونشره بالطريقة اللائقة.

يقول الدكتور الجامعي تحت عنوان، التجديد والتحديات المعاصرة، إن من بين هذه التحديات، الضغوط الخارجية لإعادة النظر في مناهج التعليم في العالم الإسلامي، والمطالبة بضرورة التخلص من الآيات والأحاديث التي تحض على الجهاد ومقاومة المحتل والتركيز على جانب السلم، أو بمعنى أصح الاستسلام، ص٦٣ .

هذا الاقتباس ظاهريا يوحي بأن كاتبه مهتم بقضية التحرر الوطني ورفض الاحتلال والاستسلام للمحتل بشكل عام، وهذا ما يرفضه بالطبع أي فرد وطني غيور على بلده وهذا يجوز كتابته في دولة محتلة إلا إذا كان يرى الدكتور الجامعي أن مصر محتلة من قبل حكامها وهذا وضع آخر وله حديث آخر، وربما هذه الفقرة اقتبسها الكاتب من كتاب أو مقال وقتما كانت مصر تحت الاحتلال، وعودة لكلام الدكتور الجامعي وفي حال القراءة المتأنية لما كتب نجد أن مبدأ، إعادة النظر في مناهج التعليم في العالم الإسلامي،، ليس مطلبا للضغوط الخارجية إن كان هناك ضغوط خارجية _ حسب نظرية المؤامرة على العالم الإسلامي التي يؤمن بها الدكتور الجامعي _ بل هو مطلب شرعي وقانوني ومهم لأي دولة تريد النهوض والتطور وحجز مكان لها في العالم المعاصر أو أن تكون على الخريطة العالمية وفي مصاف الدول المتقدمة.

ونحن نعلم ما وصل به حال التعليم في مصر نتيجة استخدام تلك المناهج القديمة البالية التي بينها وبين عالمنا سنوات ضوئية، ولكن كعادة هؤلاء المتلحفين بالماضي والرافضين للتقدم والتطور استطاع الدكتور الجامعي أن يضع هذا المطلب، إعادة النظر في المناهج التعليمية، كأنه رجس من عمل الشيطان لأنه لو تم تفعيله سوف يقض مضاجع هؤلاء الظلاميين، وفي حالة ليست أفضل من الحالة الأولى من لي عنق الحقيقة يتهم الدكتور الجامعي أصحاب هذه الضغوط إن وجدت بالمطالبة،  بضرورة التخلص من الآيات والأحاديث التي تحض على الجهاد ومقاومة المحتل، والسؤال هنا من الذي يطالب بالتخلص من الآيات والأحاديث..؟ لا أحد لكن الذين يطالبون إنما يطالبون بإعادة فهم هذه الآيات والأحاديث في سياقها التاريخي والاجتماعي والثقافي حتى نصل إلى المغزى منها وليس تطبيقها حسب ظاهرها النصي، فقام الدكتور الجامعي بتصدير ما يجذب انتباه المتحمسين من أصحاب نظرية المؤامرة وعلى طريقة، وا إسلاماه، وتصوير الأمر على اعتبار المطالبة بالتخلص من الآيات والأحاديث وهذا مغاير تماما للحقيقة.

أما حديث الدكتور الجامعي عن الجهاد فإن الدراسات القرآنية الحديثة أظهرت بما لا يدع مجالا للشك أن الجهاد في القرآن الكريم ليس جهاد طلب وإنما جهاد دفع ولا يوجد في القرآن الكريم آية واحدة تحض المسلمين على غزو بلد أخرى أو إكراه أحد للدخول في الدين، وأن آيات القتال هي لدفع الاعتداء والدفاع عن النفس، ونجد معظمها يتبعه ،،ولا تعدوا، أن الله لا يحب المعتدين،، فالعالم اليوم غير ما كان عليه وقت نزول الرسالة والصراع اختلف كثيرا بين الأمم، فلا نعرف عن أي جهاد يتحدث الدكتور الجامعي..؟ أما بخصوص، مقاومة المحتل، فلا نعرف عن أي مجال يتحدث ومن الذي يدين مقاومة المحتل..؟! وهل هناك آيات تتحدث عن مقاومة المحتل في القرآن.

 أما مدونة الحديث فهي ظنية الدلالة والثبوت وأعتقد أن الدكتور الجامعي يعلم هذا جيدا فلو كان هناك أحاديث تحض على العنف والاعتداء على الآخر، غير المسلم، لما لا تتم مناقشتها في إطار الفهم القرآني وإعادة النظر فيها وعرفة سياقاتها وضعيفها من صحيحها، متواترها من مقطوعها، هل هذا يعيبنا في شيء أليس في علوم الحديث ما يطلق عليه، الجرح والتعديل، أليس هناك مدارس في نقد الحديث وهذه العلوم والمدارس يتم تدريسها في مؤسساتنا الدينية، ألم يختلف السابقون حول هذه الأحاديث واختلاف مسلم مع البخاري ومن بعدهم اختلافات الترمزي وابن ماجة والنسائي وأحمد بن حنبل وغيرهم، كيف لنا أن نقدس المختلف عليه..؟.

إشكاليات تجديد الخطاب الديني عند دكتور الجامعة.

https://www.darelhilal.com/News/947636.aspx