الجمعة 19 ابريل 2024

الكرد وبارزان والأنفال

مقالات29-7-2021 | 18:30

لا يمر يوم من أشهر السنة إلا ويشهد على ذكرى معاناة تاريخية للكرد من أنظمة استبدادية بائدة تفننت فى ارتكاب الجرائم ضده.

 

قبل 38 سنة وفي العام 1983 أصابت الشعب الكردي فاجعة لم يسبق حدوثها في التاريخ، حين أقدم النظام العراقي في اليوم الأخير من شهر يوليو ٣١ تموز بأنفلة 8 آلاف مواطن بريء من شباب وشيوخ وأطفال منطقة بارزان، ودفنهم وهم أحياء في صحارى جنوب العراق، ليس لذنب سوى أنهم عراقيون أكراد.

 

جريمة بشعة لم يسبق لها مثيل في التاريخ أن يقدم نظام على قتل أبناء بلده ودفنهم وهم أحياء، وكانت هذه بداية لجرائم ارتكبت بحق الشعب الكردي من أنفال واستعمال الغاز الكيماوي والتهجير وإعدامات دون محاكمات.

 

حاول ذلك النظام بكل الوسائل أن يقضي على الشعب الكردي ولكن النظام لم يبق وبقى الشعب الكردي وشارك في تحرير العراق وأصبح الكرد في المناصب العليا للدولة العراقية.

 

العائلة البارزانبة من العوائل التي يشهد لهم التاريخ بالنزاهة والوطنية والدفاع عن حرية وحقوق الإنسان، والحقوق العادلة ليس فقط للشعب الكردي بل لجميع مكونات العراق، وكانت ولاتزال منطقة بارزان مهدا للتعايش السلمي والوطنية وأنجبت رجال عظماء كالشيخ عبد السلام بارزاني وشيخ أحمد وملا مصطفى بارزاني والزعيم الكردي مسعود بارزاني.

 

وبارزان هي منطقة محمية أيضا من الطبيعة ولأهلها عادات وتقاليد من التسامح والمحبة واحترام الآخر، ربما لا توجد مثيلتها في مناطق أخرى، وبارزان منذ الدولة العثمانية و الاحتلال البريطاني والأنظمة العراقية المتعاقبة كانت مهدا ولاتزال للأحرار الذين لن يقبلوا بالخضوع للدكتاتورية والتعسف، منها انطلقت الشرارة الأولى لكثير من الثورات مطالبة بالحرية وحقوق الإنسان وبناء مجتمع مدني والتآخي و الأمان.

 

لقد تعلم الشعب الكردستاني النضال والديمقراطية من هذه البقعة الجبلية المحاطة بجبال خلابة، من هناك عرف الزهد والتواضع.

 

وإذ نستذكر اليوم هذه الجريمة النكراء نحيى بإجلال واحترام أرواح هؤلاء الشهداء ونستلهم الدروس والعبر لبناء بلد يسوده التآخي والمحبة ونكران الذات في سبيل الحرية، وعدم تكرار هذه المآسي، وأن نعيش جميعا فى وئام وبناء بلد ديمقراطي على أساس الدستور والقانون واحترام حقوق الإنسان.

 

لقد عاني العراقيون كثيرا من المظالم وتعسف الأنظمة التي حكمته منذ عقود، وحان الآن الوقت لكي نعمل جميعا لأجل حماية الأرواح البريئة ونستخلص العبر والدروس من الماضي ولو كان أليما.