الخميس 25 ابريل 2024

«سد الحنك» الإثيوبي

مقالات25-7-2021 | 19:33

قبل أيام مضت بلغت القلوب الحناجر وهي تتابع ذلك الفيضان الحنجوري الصادر من منابع النيل والذي كان بمثابة فزع مصطنع ومحاولة إثارة للرأي العام المصري لإيهامه بضياع النيل وأنه بات بحيرة إثيوبية خالصة بعد أن ظل لقرون نهرا دوليا عابرا للحدود.

كان الجميع على شفا حفرة من قلق مشروع حول تطورات أزمة السد الكارثي، إذ أن النيل يمثل للمصريين مسألة حياة أو موت وتعجب البعض من هدوء القيادة السياسية إزاء الاستفزاز الإثيوبي ليطل علينا الرئيس السيسي واثقا مطمئنا ينبهنا أن القلق المبالغ "عيب" لا ينبغي لهذا الشعب العظيم الذي يحرس حاضره ومستقبله رجال مخلصون يدركون متي ينتفضون ومتي يتصدون للأخطار وفق حجمها الطبيعي وليس كما يقدمها نشطاء الغبرة الذين لا يقتاتون إلا على إرهاب المصريين وتشكيكهم في حاضرهم ومستقبلهم.

وترقب الجميع عملية الملء الثاني التي تحصن السد الإثيوبي وتحوله إلى قنبلة مائية تدمر من يحاول التصدى له وتصاعدت هتافات النصر المزعوم من هضبة الأحباش في محاولة لإقرار واقع لا أصل له لكن سرعان ما تلاشت موجاتها وتكسرت بعد أن فشلت إثيوبيا في احتجاز ما يقرب من 13 مليار متر مكعب هي إجمالي الملء الأول والثاني الذي يكسبها نوعا من القوة في تفاوضها مع مصر والسودان.


التفت الجميع يمحص ويفحص الحقائق ليتأكد الجميع بعد ماراثون من القلق أن السد الإثيوبي "فنكوش" وبعافية شوية وأن النيل العظيم تجاوزه بفيضانه الذي جاء مبكرا ليعلن للجميع أن لله إرادة أخرى لا يعطلها متآمر أويبددها مخطط هنا أو هناك.


وسرعان ما تبدد قلق المصريين ليتحول إلى ثقة راسخة بأن قيادته ومؤسسات مصر تدرك جيدا خطواتها وأن هدوءها ما كان إلا عن سابق إدراك عميق بأننا مازلنا أصحاب الكلمة العليا وأنه لم يولد بعد من يستطيع فرض أمر واقع على شعبها العظيم وتحول الصمت والترقب من مصرالمحروسة إلى معسكر حكومة مجرم الحرب الأثيوبي آبي احمد التي تحول حلمها بقرصنة مياه النيل من خلال سد نهضتها الذي تحول بين عشية وضحاها إلى "سد الحنك" .


نعم لقد أصيب الحنك المعتدي بالسدد وتحول من لهجة المغرور المتعالي إلى حنك ذليل يدعو إلى التفاوض ويجنح السلام وتابعنا جميعا إشارات التخلص الدولي من جريمة سد الحنك الأثيوبي التي تجلت في بيان من سفارة إسرائيل تعلن تبرؤها من السد الأثيوبي وأنه ليس لها علاقة من قريب أو بعيد به أو بتداعياته وتلا ذلك تبرؤ آخر من الصين مقرض إثيوبيا لبناء السد حيث أعلنت هي الأخرى حرصها على مصر وعلاقتها الاستراتيجية معها لتأتي إشارة أخرى من روسيا التي أعلنت  أن توقيعها مذكرة تعاون عسكري بعيد كل البعد عن تطورات أزمة سد الحنك الإثيوبي .. الكل ينسحب ويغسل يديه من جريمة كادت أن تقع وكادت أن تطل برأسها بعد أن تأكد الكل ان عزمم مصر لا يلين في الحفاظ على مقدرات شعبها.


لينتهي الأمر بعصابة آبي أحمد إلى الدعوة إلى التبرع لاستكمال السد الذي هو اليوم مجرد ريشة في مهب الريح المصرية تكاد تعصف به.


الأمر الأكثر أهمية أن سد الحنك لم يصب سد الأثيوبيين وحدهم بل أصاب فلول دعاة الفوضى مخلفات أحداث 25 يناير في الداخل والخارج لينسد حنكهم هم الآخرون وهم الذين نشطوا نشاطا كوراليا مفاجئا لإشعال شرارة التشكيك التي يحلمون بها بين المصريين وقيادتهم منذ أن التحمت الصفوف في الثلاثين من يونيو وإلى اليوم.


لقد بات من الواضح اليوم للجميع أن الرئيس عبد الفتاح السيسي حين ركب دراجته لم يكن يريد إلا ليكيد أعداء مصر وليرسل إشارة لنا فشل بعضنا في التقاطها بأنه ليس هناك ما يجب أن ننزعج له أو نغير لأجله مسار حياتنا ولم يكن إطلاقه جملة "عيشوا حياتكم" في حفل إطلاق المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" نوعا من تسويف او تطيب خاطر بل كانت  ترجمانا لصورة يدرك أبعادها تماما يزيل بها قلق مشروع ممن لا يمتلك خيوط الصورة كاملة وعجز عن فك طلاسمها.


إن هذا السرد ليس إعلانا لاسترخاء أو "تكبير دماغ" بلغة العامة فإدراكنا بأن هناك من يحاول إخضاع المصريين وإيقاف مسيرتهم مازال يقظا واستنفارنا نحو أي خطر يلوح مازال منتبها لكن هذا السرد يعلمنا شيئا واحدا وهو أن الثقة القائمة بين المصريين وقيادتهم التي تأسست في الثلاثين من يونيو الماضي قوية راسخة لا يعتريها تصدع أو اهتزاز لموجة مصطنعة دبرت بليل مظلم ولنستكمل المسيرة نحمي الحمى ونعلي البنيان مرددين بقوة تحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر.

 

Dr.Randa
Dr.Radwa