الأربعاء 24 ابريل 2024

واثق الخطوة

مقالات23-7-2021 | 22:24

    أن تنتصر دون قتال، وتتحدث بثقة واطمئنان، وتتعامل مع أخطر التحديات والتهديدات بهدوء وثبات، وتجعل عدوك ترتعد فرائصه؛ فالاتزان والثبات والحكمة من شيم الأقوياء، وعلى مدار الـ ٧ سنوات احتشدت قوى الشر والتآمر فى محاولة لإسقاط مصر وتركيعها إلا أنها جميعا ذهبت أدراج الرياح بفضل قوة وبأس وصلابة مصر وشعبها؛ فعبقرية القيادة تضمن لك العبور الآمن واجتياز كل المخاطر، والحفاظ على الحقوق والثروات.

فما بين نادم على ما اقترفته أياديه فى حق مصر، وما بين زائر يخشى على مصالحه فى حال غضبت مصر، وبين من يخرج ببيان ليبرر ويبرئ نفسه، وبين اتصالات لا تتوقف وبين مخادع يبيع لشعبه الوهم، ويروج لانتصارات هى مجرد أضغاث أحلام، تقف مصر شامخة واثقة، لا تخشى على حق، ولا تخاف من متآمر.

هدوء واتزان وثبات وحكمة وحنكة وخطوط حمراء فى تجاوزها الفناء.. قائد عظيم يصنع التاريخ ويكتب الأمجاد.. لتصل رسائل الاطمئنان إلى قلوب المصريين.

 

على مدار الـ ٧ سنوات الماضية، كلما دخلت مصر أى تحد أو واجهت تهديدا لأمنها القومى أو مصالحها أو ثرواتها أو حقوقها لا تملك إلا أن ترفع القبعة وتصفق لصانع القرار المصرى والانبهار بطريقة إدارته لأى أزمة.

القارئ الجيد لدفتر أحوال الدولة المصرية خلال الـ ٧ سنوات الماضية، يجد أن تحديات وتهديدات ومخاطر غير مسبوقة واجهت الدولة المصرية لم تعرفها على مدار تاريخها سواء فى تزامنها أو فى نطاقها الجغرافى سواء فى الداخل أو الخارج أو على كافة الاتجاهات الاستراتيجية المصرية فى ظل اتساع نطاق الأمن القومى المصرى وزيادة مكوناته سواء فى نوعية التهديدات المستجدة التى تستهدف أمننا القومى من إرهاب وأطماع وأوهام قوى اقليمية ودولية، ودول سقطت وتواجه أزمات خطيرة وانفلاتا وفوضى ويرتبط أمنها القومى بأمن مصر، أيضا حالة الاستهداف المعادى والتآمرى لحقوق مصر وثرواتها، وهناك مناطق جديدة أصبحت تشكل تهديدا مباشرا لأمن مصر القومي.

الحقيقة أن «مصر - السيسي» تعاملت مع طوفان التحديات والتهديدات بعبقرية ورؤية وحسم وحكمة، وقدرة فائقة على إدارة الأزمة بناء على تقديرات مواقف صحيحة دون انفعال أو عصبية أو عنتريات وكانت ومازالت مصر تعرف ماذا تفعل وكيف تواجه، وهل ما تحقق فى مواجهة العديد من التحديات والتهديدات يجعلنا فخورين بقيادتنا السياسية وقدرة الدولة المصرية على مجابهة المخاطر.. وهو ما ولد ثقة عميقة واطمئنانا لدى المصريين فى مواجهة أخطر التحديات؟

الحقيقة أيضا أن مصر لا تستهدف أحدا بشر، ولديها سياسات وثوابت شريفة وتحث دائما على التعاون والشراكة وتبادل المنافع والخبرات بين الدول شعارها تعاونوا على البناء والرخاء، ولا تعاونوا على الهدم والتخريب وإذكاء الصراعات والفتن بين الدول خاصة وأن المنطقة بطبيعة الحال لا تحتاج للمزيد من الاشتعال والاضطرابات وسط أطماع وصراعات وأوهام غير مسبوقة.

مصر أيضا لديها مبادئ فى علاقاتها الدولية؛ فهي لا تتدخل فى الشئون الداخلية للدول ولا تسمح لأى قوة أن تمس سيادتها ولا تطمع ولا تعتدى على أحد، وتتعامل بشرف فى زمن عز فيه الشرف.

ومصر على مدار السنوات الماضية تعاملت مع إثيوبيا من منطلق الحرص على روح الأشقاء والتعاون والبناء والرخاء وظلت تتفاوض حول ملف سد النهضة أو فيما يتعلق بملء وتشغيل السد حتى أدركت أنه لا تفاوض بلا نهاية؛ فإثيوبيا مارست أعلى درجات التعنت والمراوغة حتى أدرك الجميع أن هناك أهدافا سياسية تكمن خلف السد هدفها الإضرار بمصالح مصر وشعبها خاصة وأن قضية مياه النيل؛ هى قضية حياة أو موت للمصريين والأمر يتعلق بوجود هذا الشعب، ومصر لم تنكر حق إثيوبيا فى التنمية وتوليد الكهرباء لكن بشرط ألا تضر بحصة مصر.

وقدمت مصر الكثير إلا أنها لم تحصد سوى النوايا الخبيثة والغرور والصلب غير المبرر على الإطلاق وعديم الحيثيات والمنطق، وأدركت أنه ليس لدى إثيوبيا إرادة سياسية لتوقيع اتفاق شامل وعادل وقانونى وملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، وتعتبر أن نهر النيل بحيرة إثيوبية وليس نهرا دوليا يخضع لأسس ومبادئ القانون الدولى وجل أهدافها الشيطانية هو الهيمنة والسيطرة على مياه النيل.

الدولة المصرية تمارس البعد الاستراتيجى فى مواجهة التحديات والتهديدات؛ إلا أنها دائما لا تفرط ولا تتهاون فى أمنها القومى ولا تتنازل عن حقوقها، ولعل دبلوماسية الخطوط الحمراء، وما حدث فى ليبيا وشرق المتوسط.. يمثل أوج نجاحات الدولة المصرية فى مواجهة الأزمات الخطيرة.. فيكفى أن تقوم مصر بتحديد «الخطوط الحمراء» والتى لا يمكن تجاوزها.

أتوقف كثيرا عند الكم الهائل من التحديات والتهديدات والأزمات والمخاطر التى عبرتها الدولة المصرية خلال الـ ٧ سنوات الماضية بهدوء وثقة وثبات واقتدار مع الإيمان الكامل بقوة وقدرة الدولة المصرية على الفعل والتأثير والحسم.

ولا أملك سوى الإعجاب بما حققته مصر خلال هذه السنوات من إدارة عبقرية وحكمة وحنكة حتى نجحت فى تجاوز كل هذه المطبات والمنعطفات الخطيرة باقتدار خاصة أن لدى الدولة المصرية العديد والعديد من الأوراق والكروت والبدائل وتؤدى بمهارة فى الملعب السياسى الدولى تجعل الخصوم والأعداء دائما فى حالة تأزم ومعاناة وتضيق الخناق الجغرافى والإستراتيجى عليهم ومنهم من عاد ذليلا يطلب الود والرضا المصري.

«مصر - السيسي».. علمتنا أن مواجهة الأزمات والنجاح فى عبورها ليس بالتشبح والعنتريات والعصبية أو حتى بالعواطف بل هو حسابات دقيقة وتحركات عبقرية يدركها جيدا الخصوم من الأعداء والمنتفعين؛ بل مصر تحقق انتصاراتها بالهدوء والثقة والثبات، فاعتقادى أيضا أن الثقة والقوة والهدوء والثبات التى تحدث بها الرئيس السيسى فى استاد القاهرة خلال كلمته فى اطلاق مبادرة «حياة كريمة» لمشروع تطوير وتنمية الريف المصرى رسالة رعب تحمل العديد من الدلائل والمعانى التى تجبر الأعداء والخصوم على مراجعة مواقفهم وسياساتهم تجاه مصر.

إذا كانت مصر تمتلك أقوى وأعظم جيش فى المنطقة وإفريقيا ومن الأقوى فى العالم، فلا يظن أو يعتقد أحد أن ذلك هو الوسيلة الوحيدة لمواجهة التهديدات والمخاطر؛ فمصر لاعب كبير وعظيم وربما يفهم ويدرك أعداء مصر حقيقة ما يدور بداخلهم ويهدد وجودهم ويحولهم إلى لا دولة، ويد مصر تطول أى تهديد، وموجودة حتى داخل الأعداء.

لعل أيضا التحرك المصرى فى المحيط الجغرافى لأى تهديد يدرك براعة ومهارة وقدرة فائقة فى التعامل مع كافة الملفات، ومن يقرأ المشهد الآن وما يحويه من زيارات دولية لمصر وبيانات تتبرأ، واتصالات هاتفية تدعم وتؤيد يدرك قوة وقدرة هذا المواطن، وأن مصر رقم كبير فى المعادلة الإقليمية والدولية وأن الدول الكبرى بطبيعة الحال لها عند مصر مصالح؛ فهى «البوابة» التى تمنح الرضا والشراكة والتعاون، وإذا أغلقت فإن كل شيء يتوقف، فلا أحد يستطيع أن يمس مصر أو مصالحها، وإلا سيخسر ويندم.

كنت ولازلت فخورا بخطاب الرئيس فى ستاد القاهرة، فما هذه الثقة والاطمئنان والرسائل الغزيرة، الرئيس يقول لشعبه «عيشوا حياتكم وقبل ما يحصل حاجة لمصر.. أروح أنا والجيش».. ما هذه الثقة والثبات والرسائل المدوية لذلك فإن الثقة المصرية تقف على أرض شديدة الصلابة، ويقينا مصر تنتصر دون قتال بفضل حكمة وعبقرية القيادة وإيمانها بعظمة الدولة المصرية وما تملكه من أوراق وقدرة على التحرك.

آبى أحمد فى اعتقادى فى طريقه للهاوية وهو مجرد ظاهرة صوتية «حنجورية» يحكم دولة مفككة على مشارف الفوضى والانهيار؛ فالتيجراى يحققون انتصارات مدوية وتمددا على الأرض، ولعل الدليل هو آلاف الأسرى من الجيش الإثيوبى النظامى وعدد من قادته وهذا الذل الذى يفرضه مقاتلو التيجراى ولا يكتفون بتحرير واسترداد أراضى ومدن الإقليم بل يتقدمون صوب أديس أبابا وربما والجميع يعلم أن إثيوبيا دولة حبيسة لا تطل على بحار أو محيطات وبلا موانئ؛ فمن الممكن أن يقوم التيجراى بقطع طريق السكة الحديد الذى يربط بين إثيوبيا وجيبوتى هو المنفذ البحرى الوحيد لصادرات وواردات أديس أبابا، وهنا يستطيع التيجراى إحكام الحصار على آبى أحمد ناهيك أيضا عن تحرك قبائل الأورمو على غرار «التيجراي» ثم قبائل بنى شنقول وهناك المزيد قادم فى الطريق بعد أن يكتشف الإثيوبيون الخداع والكذب الذى يمارسه عليهم رئيس وزرائهم المدفوع دفعا للإضرار بمصر؛ لكنه سينال الجزاء المستحق، وسيلقى فى مقبرة التاريخ.

محاولات استدراج مصر التى لم تلوح أو تسير إلى استخدام القوة فى خطابها على مدار السنوات الماضية؛ جميعها باءت بالفشل فمصر أكثر خبرة حكمة وحنكة ولا تستطيع قوى الشر أن تجرها إلى ما تريد، ولدينا من الخيارات المفتوحة الكثير والكثير سواء بأيدينا أو بأيدى غيرنا، لكننا حاضرون فى كل مكان وزمان لا تغيب عنا مصالحنا وثرواتنا وحقوقنا وأمننا القومي الذى هو خط أحمر لا يمكن تجاوزه شاء من شاء وأبى من أبى والرسالة كانت ولا تزال أمام الجميع، وقد وصلت بالفعل، وشاهدنا نتائجها خلال الأيام الماضية فى شكل زيارات وبيانات واتصالات؛ فمصر مهما حاولوا ابتزازها لن تتراجع عن ثوابتها الشريفة؛ فجميع الأراضى العربية أمن قومى لمصر، ولابد أن تغادر وتخرج كل القوات الأجنبية من أراضيها أيضا كانت فى ليبيا وسوريا وغيرهما.

وأيضا مصر دولة ذات سيادة لا تحتاج وصاية من أحد، ولا يمكن أن تفرط فى استقلالها ومبادئها؛ فهى تتعامل بندية وشموخ، ولا تجلس إلا فى المقدمة، ولديها من القدرة والقوة ما يمكنها من الحفاظ على وجودها وحماية مصالحها وثرواتها ومقدرات شعبها، ولا تعمل إلا من أجل مصلحة المصريين شاء من شاء وأبى من أبي.

يكفى أن يحدد الرئيس السيسى لأعداء مصر «الخط الأحمر»، ساعتها تدرك أن النصر لمصر لا محالة، فما يتحقق على الأرض الآن فى الملعب السياسى الإقليمى والدولي  يشهد بقدرة وبراعة مصر ومحاولات خداع الشعوب سوف تسقط وتتكشف؛ فالحديث عن تحقيق الأهداف «أكذوبة» تعكس خبث النوايا والسياسات التى تستهدف مصر.

لا تقلق عندما ترى الأعداء يحتشدون للإضرار بمصر؛ لأنها عصية على الكسر والسقوط، تنتصر دائما؛ لديها قيادة تتمناها شعوب الأرض، والجميع سيذهب وتبقى مصر.

هدوء وثقة الرئيس السيسى فى مواجهة أخطر التحديات والتهديدات يمنحنا الاطمئنان؛ فالدبلوماسية الواثقة والهادئة والمتمكنة من أدواتها وقدراتها تبدد القلق وترسخ الطمأنينة.

Dr.Randa
Dr.Radwa