الجمعة 19 ابريل 2024

تنبيه القلوب إلى حقيقة الشيخ يعقوب

مقالات16-6-2021 | 19:34

عمرى في حياتى ما اقتنعت بنموذج الأستاذ الشيخ حسين يعقوب،  بالعكس كنت أراه مُغرقًا في التسطح في دعواه، وكأن همه هو تحويل الشعائر الدينية إلى طقوس وثنية، والفرق بين الكلمتين شعائر وطقوس كالفرق ببن المشرق والمغرب.

لكن في ذلك العهد اليعقوبي كان كثير من الناس يبحثون فيه عمن يمنحهم صكوك الغفران.. فمن قال إن الناس لا يريدون الكهنوت؟! قالوا ليس في الإسلام شيوخ ولا مناصب دينية ولا رؤساء دين ولا عشائر عقائدية، إنما رجال مجتهدون يتحملون أمام الله وحده ما أسهموا به.

فلا مرجع إلا الله، وما كلف به الأنبياء والمرسلين، آمن من آمن، وجحد من جحد، وصدق من صدق، وكفر من كفر، وكل من تحزب بحزب أو تعشر بعشيرة أو تفرق بفرقة أو تجمع بجماعة فمآله إلى ما اعتصم به.

وكل من احتفر لنفسه نهيرا من مجرى الدين العظيم فهو  شارب من مورده، وكل من اعتنق في شيخ أو داعية أو إمام فهو مطوق به عتقه.

فلا شخصيات دينية ولا مباركة ولا غيرها، وكل من جعلناهم مراجع لنا بعد خاتم الأنبياء وإمام المرسلين، فهو ممن يؤخذ منهم ويرد إليهم، كائنًا من كانوا، ولو كانوا الأربعة الراشدين أو العشرة المبشرين أو ما وقر في قلوبنا أنهم من الصالحين.

بل حتى شيخ الأزهر -بما لهذا المنصب من تقدير وإجلال- إلا أنه منصب مختص بإدارة مؤسسة بحثية في أمور الدين، وما تعلق به من علوم فقهية وعقائدية وتاريخية، لكنه ليس مرجعية دينية مطلقة، فليس هو قدس الأقداس ولا كان شيوخه كبار الكهان، بل سر بقاء الأزهر أن شيوخه لم يدّعوا هذا ولا دعوا إليه.

فلا يأتينا آتٍ مثل يعقوب أو حسان أو ما قبلهما وما بعدهما، ليبثوا في روع الناس أنهم أئمة الهدى، وما أظنهما فعلا إلا بفتنة الناس، ذلك فلست بمتابع لهما، ولكنى تابعت من تابعوهما فارتقوا بهما وبكثير مثلهما إلى درجة ليسا ببالغها أحد منذ أن أغلق باب الوحي بموت الرسول الأعظم عليه الصلاة وأتم التسليم.

فإن كان من فتنة فتن بها "يعقوب" من على شاكلته، فهى أنهم سكتوا عن هذه الدرجة التى رقاهم الناس إليها، وربما حدثوا أنفسهم بها وأخذهم العجب حتى ران على قلوبهم ونسوا حظا مما ذكروا به الناس.

فمن لهم يوم القيامة ليحمل عنهم وزر ما توزروا به من ألقاب مثل سيدنا ومولانا وإمامنا؟!فلعلها كلمات تفتح عليهم أبوابا ما احتسبوا لفتحها حسبانا.

فقط نحن يمكن أن نبجل ونوقر ونحترم الدعاة المخلصين الذين يلقون بالكلمة لا يرجون من وراءها إلا وجه الله.

لقد سقط من عينى هؤلاء، بسبب أنهم ابتدعوا بدعًا ما كانت على عهد النبي ولا أمر بها، وقالوا للناس إنها السنة حتى أطلق الناي عليهم اسم "السُنْية" تمييزًا لهم عن بقية المسلمين، وكأنها درجة أرقى من الإسلام نفسه، فصار السلفى والإخوانى والجهادى أكثر إيمانًا من المسلم

ثم ظهر هذا الفرق الشيطانى بين اسم مسلم ووسم إسلامي.. قبحهم الله وأضل أحلامهم.

 

لكنهم كانوا في مبتدئتهم ومراماتهم أئمة تفريق وفتنة جزءوا الناس أحزابا وطوائف وشيعًا، وفرقوا عصبة المسلمين، وأوغروا صدورهم على بعضهم البعض، حتى قاتل بعضهم بعضا واستعان بعضهم بمن أضمر وأظهر عداوة للدين حتى تجرأ البعض على ما لم يحلم أحد بالاجتراء عليه.

كانوا لا يبدأون غيرهم بالسلام ولا يردونه عليهم وعيونهم مفعمة بغل عجيب وحنق غريب على كل خلق الله، وينثرون حولهم كراهية تكاد تفتنك في دينك، ومع ذلك كنت تجدهم إذا ما احتاجوا لأمر ما صاورا أكثر لزاجة من وحل المستنقع.

ثم شككوا الناس في دينهم، وقاتلوهم في السهل والجبل، فقتلوهم في الحل والحرم .. لماذا؟! بجحة انتشار الفساد وضلال العباد، وهي حجة سفك بها أول ما سفك كان دم عثمان وعلى.

فما حوصرت دار ذي النورين حتى أسالوا دمه على أوراق المصحف وما رفع ابن ملجم سيفه على علي إلا بمثل هذا.. والله والله والله مازال بيننا قتلة عثمان وعلي يقفون على رأس كل سبيل، ومازالوا يرفعون المصاحف على أسنة الرماح، ولا يأبهون إذا ما مزقت أوراقها سنابك الخيل.

في موجتهم العاتية مع نهاية السبعينات إثر ثورة الخمينى قائد الفتنة الكبرى الجديدة في إيران، أيده من أطلقوا على أنفسهم "جماعات إسلامية" افتراء على الله حتى اعترضوا الناس في الطرقات، وفي مبتدئهم كانوا يدفعونهم دفعا إلى المساجد وهو ما جعل الناس يظنون فيهم الصلاح، ولكن هم والناس أنكروا وتنكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل هذا، لا فى مكة في مهبط دعوته، ولا في يثرب دار هجرته.

هل سمعت أن محمدًا فعل أو أمر أحدا من صحابته بذلك؟!

ظن هؤلاء الدعاة أن إطالة الصلاة في الجماعة من السنة، وهو خلاف ما وصى به رسول الله فوق منبره، ولكن الناس يظنون أن التشدد دينًا، حتى أيقنوا أن الدين تشدد وصارت لهم مساجد ضرار، لكن الناس كانوا يتفاخرون بأنهم صلوا بها ذات مرة

هل فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم؟!

وكثير وكثير وكثير ولكن ملخص ما أريد جاء في حديث صاحب جوامع الكلم صلوات الله وسلامه عليه حين قال: "هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون".