الجمعة 19 ابريل 2024

عندما قال القذافى لمحيى إسماعيل: "باهى باهى.. هنشوف"!

مقالات21-4-2021 | 12:59

لن أنسي أبدأ الجملة التالية التي قالها الزعيم الليبي معمر القذافي للفنان القدير محيي إسماعيل في الخيمة الصحراوية قرب مدينة سرت الليبية: "باهي باهي.. هنشوف" !

 

يومها لم أكن وحدي.. كنت واحدًا من قرابة 150 شخصية عامة بارزة قرروا السفر إلي الجماهيرية الليبية عام 1998 في عز الحصار الأمريكي البشع للزعيم القذافي وبلاده ليبيا.

 

بسهولة شديدة نجح الكاتب الكبير سعد الدين وهبة رحمه الله، رئيس اتحاد النقابات الفنية آنذاك، في تشكيل الوفد الشعبي المصري الذي تحمل مشقة السفر برأ إلي ليبيا داخل ثلاثة أوتوبيسات، فكان الهدف الحقيقي هو أن يقول الوفد المصري ربما نيابة عن الشعب المصري لا بخط ضخم وكبير للحصار الاقتصادي والسياسي الذي يفرضه حكام البيت الأبيض علي القذافي والشعب الليبي الشقيق !..

 

من أمام فندق هيلتون النيل بميدان التحرير تحركت الأتوبيسات الثلاثة.. حسب وعده لسعد وهبة جاء جمال الغيطاني لكي يعتذر بسبب مرضه فجأة بإنفلونزا شديدة لاحظها الجميع عليه..

 

وبطبيعة الحال لم يسافر معنا الصديق الكبير يوسف القعيد ربما لانشغاله بمهامه المتعددة كمدير لتحرير مجلة المصور.. وربما لأنه أدرك أن لحظات الأنس والكلام المباح والغير مباح وتبادل الرأي والهمس.. مع الغيطاني صديق عمره لن تكون متاحة!.

 

قبل الموعد المحدد للتحرك بنصف ساعة وصل محيي اسماعيل الفنان الكبير ملك السيكو دراما أو الأدوار الصعبة.. وحين رأيته عرفت أن تلك الرحلة رغم مشقتها أبدأ لن تكون شاقة.

 

وبالفعل سرعان ما أصبح محيي إسماعيل الحكاء صاحب الخبرات الإنسانية والفنية الطويلة صديقًا للكل خلال ساعات رحلتي السفر والعودة.

 

وصلنا مدينة سرت حيث استقبلنا مندوبي اللجان الشعبية بالجماهيرية أفضل استقبال.. في المدينة الرياضية بسرت نزلنا صديقي الحميم  رحمه الله محمد جبر مدير تحرير جريدة السياسي المصري، والصدبقان بالأهرام أبو العباس محمد وعبد الناصر سلامة حفظهما الله.. بسرعة حصلنا علي مفتاح غرفة من رجال الاستقبال بفندق المدينة الرياضية.. دخلنا الغرفة لنجد في انتظارنا سلة فاكهة كبيرة.. وكأن موظفي الاستقبال كانوا يعرفون مسبقًا أن أربعة أشخاص سوف يشغلون تلك الغرفة التي ليس فيها إلا سرير واحد !..

 

في اللوبي جلسنا بعد أن تناولنا الغداء.. اكتشفنا غياب أبرز أعضاء الوفد الشعبي.. فجأة صاح أبو العباس: "محيي فين.. محيي راح فين؟!".. ولم نجد أي إجابة.. الكبير سعد وهبة عمل نفسه من بنها وانشغل معنا وراح يسأل الأخوة الليبيين: "محي إسماعيل راح فين.. ما شفتوش محيي إسماعيل"؟!..

 

غاب محيي 3 ساعات انتابتنا فيها الشكوك والظنون.. أحدنا تذكر لغز اختفاء الأمام موسي الصدر.. وصار هذا هو الحديث الذي أصبح أغلبنا يتهامس به في اللوبي دون أن يدرك الليبيون ماذا كنا نهمس وماذا كنا نقول.

 

فجأة وجدنا معمر القذافي داخل علينا في بهو الفندق.. طبعا كلنا انتفضنا.. كلنا وقفنا غير مصدقين.. معقولة القذافي جاء إلينا.. هو هو القذافي بشحمه ولحمه جاء يرحب بنا ويحيينا.

 

بعد دقائق قليلة صاح أبو العباس: "يخرب بيتك يا محيي.. يخرب بيتك يا محيي".. قالها بعد أن قال محيي المتنكر في شخصية القذافي: "اقعد يا أبو العباس"..!

 

لم يكن القذافي الذي نراه أمامنا هو الزعيم معمر القذافي.. كان محيي إسماعيل، الذي أعطاه بعض رجال قبيلة القذافي نفس الملابس والزي الذي يرتديه في كل المناسبات.. كل شئ.. من أول الحذاء.. إلى الجلباب والشال والنظارة.

 

نرجع مرجوعنا للجملة الشهيرة التي قالها الزعيم الليبي لملك السيكو دراما.. باهي باهي هنشوف..!..

 

فعندما وقف محيي في الخيمة التي استقبلنا فيها القذافي بعد منتصف الليل وكان مازال يرتدي نفس ملابس الزعيم.. قال للقذافي: "لقد درست شخصيتك جيدا وكلي رغبة أن أقدم قصة حياتك في فيلم عالمي".

 

وحينها كان رد القذافي: "باهي باهي.. هنشوف".. الذي لم أجد عنوانأ أفضل منه لهذا المقال.