الثلاثاء 16 ابريل 2024

نقص المواد الخام والمنتجات الوسيطة يتسبب في تباطؤ الاقتصاد الألماني

تباطؤ الاقتصاد الألماني

اقتصاد28-9-2021 | 15:24

أنديانا خالد

كشفت غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية،  تراجع مناخ الأعمال في الاقتصاد الألماني مرة أخرى. حيث انخفض مؤشر IFO لمناخ الأعمال إلى 98.8 نقطة في سبتمبر، بعد أن كان عند مستوى 99.6 نقطة في أغسطس وهذا هو الانخفاض الثالث على التوالي.

وأضاف التقرير الصادر عن الغرفة التجارة والصناعة الذي حصلت بوابة "دار الهلال" على نسخة منه، أن الشركات أقل رضا عن وضع أعمالها الحالي. كما أنها أكثر تشككًا بشأن الأشهر المقبلة.

ويعود هذا التراجع بدرجة رئيسية إلى الاختناقات في تسليم المواد الخام والمنتجات الوسيطة خصوصا في قطاع الصناعة والذي أدى بدوره إلى تباطؤ الاقتصاد الألماني.

وفي قطاع الصناعة، أكد التقرير أنه شهد انخفض مؤشر مناخ الأعمال بشكل كبير، اذ تراجع من مستوى 24.2 نقطه في شهر اغسطس الي مستوي 20 نقطة في سبتمبر، حيث قيمت الشركات العاملة في القطاع وضعها الحالي بشكل أقل تفاؤلاً وبشكل ملحوظ. كما تراجع التفاؤل بمستقبل الاعمال خلال الاشهر القادمة على الرغم من مستوى الطلبات المرتفع بسبب نقص اشباه الموصلات.

 أما  في قطاع الخدمات، تحسن مناخ الأعمال من مستوى 17.8 نقطة في اغسطس الي 19.1 نقطة في سبتمبر، وكان هذا التحسن بسبب التوقعات الأكثر ثقة من الشركات لمستوى الاعمال في الاشهر القادمة. ومع ذلك، فقد قيمت الشركات الوضع الحالي للأعمال بأنه أقل تفاؤلاً إلى حد ما. في صناعة الضيافة والسياحة، عادت درجة معينة من الثقة بعد الشكوك الكبيرة في الشهر السابق. لكن في مجال الخدمات اللوجستية، تراجع التفاؤل بمستقبل الاعمال في الاشهر القادمة متأثراً ايضا بتوقعات الاعمال المتشائمة في قطاع الصناعة.

     في قطاع التجارة، ظل المؤشر دون تغيير تقريبًا، حيث سجل في شهر سبتمبر مستوى 8.9 نقطة في حين كان عند مستوى 9 نقاط في شهر اغسطس. اذ كان التجار أكثر رضاً إلى حد ما عن وضعهم الحالي، فيما زاد عدم الثقة إلى حد ما فيما يتعلق بالأشهر القادمة. أبلغت الغالبية العظمى من شركات القطاع عن مشاكل في تسليم البضائع.

     في صناعة البناء، تحسن مناخ الأعمال بشكل ملحوظ من مستوى 8.1 نقطة الي مستوى 10.9 نقطة في سبتمبر، وهو اعلى تقييم للشركات لمستوى الاعمال الحالي منذ مارس 2020م. كما ساد التفاؤل بين شركات القطاع فيما يتعلق بالتوقعات للأعمال في الفترة القادمة.

في غضون ذلك أشار تقرير لمعهد ifo عن الاقتصاد الألماني خلال فصل الخريف الى ان اقتصاد ألمانيا يشهد حاليا اتجاهين متعاكسين في النمو فبينما يتعافى قطاع الخدمات بقوة من ازمة كورونا، خصوصا في القطاعات كثيفة الاتصال مع الجماهير، يتقلص الانتاج في قطاع الصناعة نتيجة اختناقات تسليم المنتجات الصناعية الوسيطة المهمة. ويتوقع تقرير معهد ifo أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الالماني بنسبة 2.5 في المئة العام 2021م وبنسبة 5.1 في المئة في العام المقبل 2022م. وبشكل عام يتعافى الاقتصاد الألماني بشكل متزايد. حيث ارتفع الناتج المحلي الاجمالي في ألمانيا في الربع الثاني بنسبة 1.6 في المئة وبالتالي كان قادرًا على تعويض جزء كبير من الركود الاقتصادي الذي حدث في بداية العام. قبل كل شيء، ساهمت عدة قطاعات خدمية في التعافي، مستفيدة من انهاء الاغلاقات التدريجية في أوائل الصيف وزيادة مبيعاتها مرة أخرى.

      في اتجاه مغاير تراجع انتاج قطاع الصناعة بنسبة 1.3 في المئة خلال الربع الثاني من العام الحالي بعد ان كان قد تراجع خلال الربع الاول بنسبة 0.8 في المئة، على الرغم من أن الطلبات الواردة ارتفعت بشكل مستمر تقريبًا وأن مستوى الطلبات ما يزال مرتفعا، إلا أن اختناقات التسليم للمنتجات الصناعية الوسيطة الهامة حالت دون توسع الإنتاج. وتعد هذه الاختناقات نتيجة مباشرة لأزمة كورونا. فمنذ تفشي الجائحة، كان هناك تحول عالمي في الاستهلاك بعيدًا عن الخدمات ونحو السلع، وهناك مجموعات معينة من السلع، مثل السلع الاستهلاكية المعمرة والمواد الإلكترونية والمنتجات الطبية الخاصة. هذه الزيادة المفاجئة في الطلب دفعت بسرعة العديد من الشركات المصنعة للمنتجات الأولية اللازمة لإنتاج هذه السلع إلى أقصى حدود طاقتها. بالإضافة إلى ذلك، واجهت سلاسل التوريد العالمية تحديات لوجستية هائلة نتيجة للتغير الكبير في تدفق السلع.

     في سياق متصل خفض المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية (DIW) بشكل كبير توقعاته الاقتصادية لهذا العام بسبب ركود الإنتاج في قطاع الصناعة. حث يتوقع باحثو المعهد أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.1 في المئة فقط هذا العام، بعد ان كانت توقعات المعهد في يونيو تشير الى زيادة بنسبة 3.2 في المئة. كما أكد خبراء المعهد ان "الاقتصاد الألماني يشق طريقه ببطء للخروج من الجائحة"، كما يتوقعون ان اختناقات العرض العالمي في المواد الخام والمنتجات الوسيطة ستضرب الصناعة المحلية بشدة، والذي سيؤدي الى تراجع الإنتاج المحلي على الرغم من ارتفاع الطلب، كما يتوقع المعهد ان قطاع الخدمات سيتراجع مرة أخرى بسبب زيادة أعداد الإصابات بفيروس كورونا.

ورفع DIW من توقعات نمو الاقتصاد الالماني العام 2022م، من نسبة 4.3 في المئة إلى 4.9 في المئة، كما يتوقع المعهد أنه "إذا تم حل أزمة الإمداد ونقص اشباه الموصلات في العام المقبل، فإن الصناعة ستستعيد النمو بقوة"، مما يمكن معه ان يصل الاقتصاد الى مستوى ما قبل الازمة بحلول نهاية عام 2022م. علاوة على ذلك يتوقع معهد DIW ان يصل متوسط معدل التضخم خلال العام الحالي الى 3 في المئة بسبب ارتفاع أسعار النفط والعودة إلى مستوى ضريبة القيمة المضافة العادية، وهذا المعدل هو الأعلى منذ عام 1993م.

     ووفقًا لمعهد هاله للأبحاث الاقتصادية IWH، سينمو الاقتصاد الألماني بشكل أبطأ بكثير هذا العام مما كان متوقعًا في السابق بسبب اختناقات الإنتاج في الصناعة، اذ من المرجح أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.2 في المئة فقط في عام 2021م، بينما كان توقعات المعهد في شهر يونيو الماضي تشير الي نمو اقتصادي بنسبة 3.9 في المئة. وأوضح أوليفر هولتمولر، نائب رئيس المعهد: "بالنسبة لعام   2022م، هناك احتمالات جيدة لعودة الاقتصاد إلى طبيعته، أيضًا لأن الوضع في أسواق العمل يتحسن باطراد". ومع ذلك، فقد خفض المعهد من توقعات النمو للعام المقبل من 4 إلى 3.6 في المئة.

من جهته يتوقع معهد الاقتصاد الكلي ودورة الأعمال (IMK) المرتبط بالنقابات العمالية، عقبات كبيرة لقطاع الصناعة. صحيح أن اختناقات التسليم كأثر جانبي لإعادة بدء نمو الاقتصاد العالمي بعد أزمة كورونا في 2020م، هي في الأساس مشكلة مؤقتة، لكن لا يزال من الممكن أن يكون للاختناقات تأثير على الإنتاج الصناعي في النصف الأول من عام 2022م.  وأكد الباحثون في المعهد على أن المخاطر تنشأ من حقيقة أن "الصناعة التحويلية الألمانية تشارك بشكل خاص في سلاسل الإنتاج الدولية وبالتالي تتأثر بشكل خاص بالاضطرابات الحالية في سلاسل الإنتاج"، وذلك في ضوء نقص أشباه الموصلات والعديد من المنتجات الوسيطة الأخرى التي يستخدمها بكثافة قطاع صناعة السيارات، اهم قطاع صناعي في المانيا.  علاوة على ذلك، لا يمكن استبعاد أن الطفرات الجديدة في فيروس كورونا يمكن أن تجعل تدابير الاحتواء ضرورية والتي من شأنها أيضًا تأخير عملية التعافي الاقتصادي مرة أخرى.