الخميس 25 ابريل 2024

معرض تراثنا أو بالأحرى هويتنا

مقالات16-10-2021 | 21:33

قمت على مدار عدة أيام بتكرار زيارة معرض "تراثنا" الثري الفخيم متنوع التفاصيل، لم يكن ذهابي محض صدفة ولم يكن مخططاً له، فهو على الأرجح خليط بين هذا وذلك، لأن زيارات المعارض من تلك النوعية هي الأقرب لقلبي، إلا أنه لم يحالفني الحظ لعدة سنوات لإتمام تلك الهواية الغالية، لذا فعلى فور معرفتي بمشاركة عدد من أصدقائي المقربين في المعرض، قررت أن أقتنص تلك الفرصة العظيمة لدعمهم من ناحية، ودعم ضالتي المنشودة في تأصيل هويتي من ناحية أخرى.

ولا يمكن أن أخفي بالطبع حجم انبساطي بكافة التفاصيل التي طالعتها على مدار عدة أيام، بدءً من الاهتمام بتوفير أماكن آمنة لسيارات الزوار، ومروراً بتوفير أتوبيسات لنقلهم من موقف السيارات لمدخل القاعات، وانتهاءً بالثراء المتنوع للمعروضات وحسن التقسيم والتوزيع وتمثيل الحرف المختلفة.

كنت فيما سبق أحرص من وقت للآخر على زياراتي تلك لمعارض الحرف التقليدية بأرض المعارض بمدينة نصر توفيراً للوقت واختصاراً للجهد رغماً عن تكرار العديد من منتجات حرفاً بعينها كل عام، وقد تكون الفجوة الزمنية التي حدثت معي منذ آخر زياراتي تلك ثم زيارتي الأخيرة "لمعرض تراثنا" هي ما يمكنني وصفها بالمنفعة المعنوية نتيجة وقع الأمر في نفسي وانعكاسه على إعادة تقييم ورؤيتي.

فقد تخطى المعرض فكرة مجرد كونه مجمعاً لعرض منتجات مختلفة لمجموعة حرف يدوية اعتدنا شراؤها على فترات، أو على أقل تقدير الاطلاع عليها من خلال زيارتنا لأسواق خان الخليلي والمناطق المحيطة بها أو في برامج تليفزيونية مختلفة، أتصور أن زيارة المعرض قد وضعت الزائرين إجبارياً في حالة نفسية أقل ما يمكن وصفها بالمُبهِجة، فمنذ لحظة دخولك على وقع أنغام أغنية "يا أغلى إسم في الوجود" بصوت الرائع الإماراتي الجنسية المصري الهوى/ حسين الجسمي، تجد نفسك لإرادياً تستحضر تلك الروح المصرية الدفينة بداخلك فتسحبك لعمق القاعة جناحاً تلو الآخر، لتقع عيناك على المنتجات بديعة الصنع.

وقد أسعدتني الظروف أن أقوم باستضافة مواطنين أمريكيين في إحدى حلقات المبادرة التي قمت بتأسيسها "مبادرة وعي"، وهالتني تعليقاتهم شديدة الإيجابية رغماً عن كونهم فنانَين في الأصل، وهو الأمر الذي قد يعطيك انطباعاً لأول وهلة بأن حكمهم سيكون قاسياً، إلا أنه وعلى العكس فقد حرصا على إخباري بانبهارهم على أدق التفاصيل التي لاحظاها في جودة ودقة المنتجات اليدوية، ومنها منتجات الكروشيه التي اشتراها من سيدة مصرية تجلس على كرسي متحرك ولا تجيد الإنجليزية إلا قليلا، إلا أنها تجيد فن الابتسام واقتناص انتباه الآخر بحرفية شديدة تضاهي حرفية صنعة يدها.

كما حدثاني عن شديد إعجابهم بالمنتجات الخشبية والمنسوجات وانبهارهم الكبير بجداريات الرخام والجرانيت التي عرضها جناح مصنع إبداع، وهو أحد مصانع مدينة كنوز مصر بالجلالة ويعد كياناً ضخماً يشارك للمرة الثانية بالمعرض، ويحسب للجهة المنظمة حرصها على إتاحة فرصة للأفراد أصحاب الحرف، والكيانات الضخمة داخل نفس قاعة العرض على حد سواء، على كل حال في نهاية زيارتهما عبّرا لي الصديقين الأمريكيين عن شديد الامتنان لتمكنهم من شراء هدايا تذكارية قيّمة لذويهم بالولايات المتحدة تعكس حجم تنوع وثراء المنتج المصري.

من هنا كانت الهدية التي حصلت عليها في نهاية زياراتي المتكررة لمعرض تراثنا، وهي السمعة الطيبة للمنتج المصري الجيد الذي يفرض ذاته بجودته ودعم الدولة، كل ما تمنيته فقط هو إعادة النظر في حسن اختيار توقيت تنظيم معارض بهذه القيمة التراثية والحضارية والسياحية أيضاً، حيث تم تنظيم المعرض في الأسبوع الأول لعودة المدارس والجامعات، وهو الأمر الذي انعكس بالطبع على حجم الإقبال الذي كان متوقعاً بنسب أعلى.

على أمل حصولي وغيري على جرعات مماثلة من الامتلاء بمشاعر الفخر بالهوية في معارض أخرى قادمة بإذن الله

Dr.Randa
Dr.Radwa