الجمعة 19 ابريل 2024

الأقلمة.. نظام عالمي جديد

مقالات10-10-2021 | 13:33

في خضم التطورات المتسارعة التي يشهدها نظام الاقتصاد العالمي، إذ تبدو الصورة أكثر توجها نحو تحول جديد بعيدا عن مفهوم العولمة التي هيمن على مقدرات العالم على مدى العقود الماضية، إذ يتجه العالم صوب ما يطلق عليه الأقلمة، والتي تعنى أن العالم مقبل على تشكيل محاور اقتصادية متنافسة في قادم الأيام، يمكن أن نجملها في أربعة محاور تبدأ بالتكتل الآسيوي أو ما يعرف بالآسيان، مرورًا بالتكتل الأوروبي أو ما يعرف بالاتحاد الأوروبي، ثم التكتل في الشمال الأمريكي منضويًا معه بعض دول أمريكا اللاتينية والجنوبية، وصولا إلى تكتل البريكس الذى يضم إلى جانب روسيا والصين كل من الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا.

مع الأخذ في الاعتبار أن هذه التكتلات رغم ما قد يبدو عليها من تعاضد علاقات أطرافها إلا أنها تشهد انقسامات حادة بينهم سواء على المستوى السياسي أو حتى الاقتصادي، الأمر الذي ينذر بمزيد من التطورات المستمرة في إعادة التحالفات كلما كان الأمر ممكنًا.

والحقيقة أنه بعيد عما يمكن أن تحدث في الأيام القادمة مع التغيرات التي يشهدها العالم اليوم حول مستقبل هذه التحالفات الأربعة، تظل الأزمة الأكثر أهمية تلك المتعلقة بمستقبل منطقتنا العربية التي أخفقت على مدار تاريخها المعاصر أن تشكل تحالفا اقتصاديا وتجاريا مهما رغم امتلاكها للعديد من المقومات الداعمة لذلك، مقارنة بتلك الموجودة بين أعضاء التكتلات الاقتصادية والتجارية الأخرى.

ولذا، فمن المهم أن تدرك دول المنطقة العربية وخاصة الفاعلة فيها أن التحولات في نظام الاقتصاد العالمي من العولمة الى الأقلمة يستوجب قراءة مغايرة وسياسات مختلفة وتوجهات جديدة في كيفية إعادة ترتيب الأوضاع داخليا، والتوجهات والسياسات خارجية، وإلا نظل نبكى على لبن سُكب ولا يزال يُسكب على ارض مليئة بالخيرات والثروات؛ تضيع تارة تحت شعارات واهية من جانب بعض حكام المنطقة، وتارة أخرى تحت أطماع استعمارية لا تزال قائمة، وتارة ثالثة في مواجهة استنزافات التنظيمات الإرهابية التي تعمل لصالح أجهزة استخبارات عالمية.

خلاصة القول، إن الوعي المسبق لحجم التحولات الجارية، والفهم الدقيق لمستوى التحديات الراهنة يجب أن يدفعنا إلى إعادة النظر في توجهاتنا، وإعادة الترتيب لتحركاتنا نحو مزيد من التعاون الاقتصادي الذى يُحسن استغلال مقدراتنا ويُعظم عوائد استثمارها.