السبت 20 ابريل 2024

الغباء الإثيوبي وكشف المستور!

مقالات5-10-2021 | 11:18

لم يكن أمراً غريباً أو عجيبا أن تقوم الإدارة الإثيوبية بطرد بعض الأمميين منذ أيام من أراضيها، بل قد كان أمراً متوقعاً، في ظل وجود غباء سياسي منقطع النظير تتسم به حكومة آبى أحمد، حيث إصرارها على الاستمرار في العمل ضد مصالح الشعب الإثيوبي، وخلق الأزمات، واتخاذ المواقف غير المدروسة، مما قد ينعكس بلا شك بالسلب على الأوضاع الداخلية، كما قد يغير من اتجاهات ومواقف عديد من الأطراف الدولية تجاه الدولة الإثيوبية!.

فما فعلته الإدارة الإثيوبية يدل دون أدنى ريب على قصور في الرؤى بشأن العلاقات الدولية، فبدلاً من تطوير هذه العلاقات، ودعمها، وتعزيزها، نجد حكومة آبى أحمد تتسبب في قيام انتفاضة دولية ضدها، وتهديدها بفرض بعض العقوبات، لأن قيامها بطرد المسئولين بالأمم المتحدة يعنى عدم احترامها للقواعد والأعراف الدولية، وعدم الشعور بالمسئولية تجاه كافة الأحداث التي تحدث على أرضيها، وخاصة ما يحدث في اقليم التيجراى، وما وصلت إليه الأوضاع من سوء، والذى قد يهدد بكارثة إنسانية محققة!.

فمنذ بدء الصراع بين جبهة تحرير إقليم التيجراى من ناحية، والحكومة الفيدرالية بقيادة آبى أحمد من ناحية أخرى، ولم تتوانى إدارته في ارتكاب العديد من الجرائم البشعة ضد الشعب في التيجراى، وكأن آبى أحمد لا يعتبر القاطنين في هذا الإقليم من ضمن الشعب الإثيوبي، وما يؤكد ذلك استعانته بالقوات الإريترية في قتاله ضد جبهة التيجراى، وقد أصبحت إريتريا عدو الأمس القريب حليفاً قوياً لإدارة آبى أحمد، لقتال شعبه!.

وترتب على هذه المؤامرة بين حكومة آبى أحمد وإريتريا حدوث العديد من الانتهاكات، مما أدى إلى إعلان بعض المنظمات الدولية المعنية قلقها، تجاه ما يحدث من جرائم ضد الإنسانية، وما قد تسفر عنه هذه الجرائم بشأن مستقبل إثيوبيا ووحدتها، في ظل التعددية الطائفية والعرقية، التي تخيم على سماء إثيوبيا، وفى ظل أيضا وجود حكومة فيدرالية بقيادة آبى أحمد تتصف بالغباء السياسي على المستوى الداخلي والخارجي على حد سواء!.

فمن ناحية الغباء السياسي في العلاقات الداخلية، فما يحدث في إقليم التيجراى، وغيره من الأقاليم الأخرى، من محاولات مستميتة لإدارة آبى أحمد فى تحقيق الانقسام، يبرهن على عدم إدراك هذه الإدارة لمسئوليتها تجاه شعبها، وأنها لا تعمل على تحقيق التماسك الاجتماعي بين كل فئات الشعب، وخاصة أن السمة الخاصة للدولة الإثيوبية المتمثلة في التعددية العرقية، تحتم على أي إدارة أمينة على شعبها، أن تبذل قصارى جهدها في تحقيق الوحدة والاستقرار، وهو ما لم يحدث من حكومة آبى أحمد، التي جعلت من النزاعات والصراعات والحروب الأهلية، عنوانا للحدث الإثيوبي!.

وأما من ناحية الغباء السياسي فى العلاقات الخارجية، فما حدث فى الأيام القليلة الماضية من طرد لمسئولي الأمم المتحدة، بهدف التعتيم على ما يحدث من مجازر، وانتهاكات ضد الإنسانية، فى إقليم التيجراى، يؤكد غباء إدارة آبى أحمد لملف هذا الإقليم، فإذا كان يدعي أن الشعب في التيجراى هو الذى أستنجد به لإنقاذه من قادة جبهة التحرير، وإنقاذه من سوء الأوضاع، فكان يتعين عليه أن يترك مسئولي الأمم المتحدة، ليتعرفوا على الأسباب الحقيقية للكوارث الإنسانية، التي تحدث فى الإقليم، وأن قادة الجبهة هم السبب في كل ما يحدث، وعليهم الالتزام بقواعد الفيدرالية، والحفاظ على وحدة إثيوبيا.

 ولكن الغباء المهيمن على عقلية آبى أحمد، أراد أن يوقعه في شر أعماله، لينكشف المستور، ويعلم العالم أجمع بسمات هذه العقلية، التي لا ترى إلا نفسها وتفكر في كافة القضايا بطريقة أحادية، وكأنها تعيش في جزر منعزلة، لا تعترف بوجود ما يسمى بالمجتمع الدولي، ولا تؤمن بحقوق الغير!

أ. د/ شحاتة غريب.. أستاذ القانون ونائب رئيس جامعة أسيوط