السبت 20 ابريل 2024

إنصاف المشير طنطاوى

مقالات23-9-2021 | 11:21

هو رجل ممن سيقف التاريخ كثيراً امام سيرتهم، ووصف دورهم فى هذه الحياة، بل وتحديداً دوره فى قيادة واحدة من أهم دول المنطقة العربية والعالم أيضاً وهى مصر. محمد حسين طنطاوى ابن النوبة الأصيل، وابن مصر والعسكرية المصرية البار، والذى اكتست قسمات وجهه بلون طمى نيلها المبارك، طنطاوى لم يكن مجرد قائد عسكرى رفيع الشأن، ولا حتى محارب خاض كل الحروب العامة المعاصرة دفاعاً عن تراب هذا الوطن العظيم بدء من ٥٦ وحتى نصر أكتوبر العظيم، ودوره التاريخى فى قيادة رجاله من صناع هذا الانتصار الخالد، طنطاوى كان رمزاً للعسكرية المصرية وما تحمله من قيم الشرف والأخلاق والفداء والتضحية والبذل فى سبيل بقاء هذا الوطن، طنطاوى تحمّل الأمانة بكل قوة فى فترة هى الأحلك والأكثر خطورة فى عمر هذا الوطن، ثورة شعبية نتفق أو نختلف مع أسبابها كيف قامت وتحركت، أو ماهى أغراضها الخفية أو المعلنة، الرجل تحمل المسئولية بكل قوة، نزل برجال الجيش إلى الشوارع ليزود عن المواطنين ضد ميليشيات الإخوان المجرمة والتى أرادت السيطرة على الأرض لتؤسس لدولة الإخوان الباغية، والتى لا صوت فيها يعلو على صوت الهمجية والعنف، تحمّل الرجل الكثير والكثير فى تلك الحقبة بالغة الخصوصية والخطورة أيضاً.

 

طعن فيه الإخوان كثيراً والصقوا به ورجاله الكثير من جرائمهم المدبرة بخبث شديد، ولكن كل هذا لم ينل للحظة من رصيد حب الرجل فى قلوب المصريين، وبقى طنطاوى حتى وبعد ترك موقع قيادة الجيش رمزاً وطنياً كبيراً ينظر إليه كل مصرى بحب وتقدير.

 

ودارت الأيام دورتها وجاءت 30 يونيه لتصحح المسار وتزيل الإخوان إلى غير رجعة عن سدة الحكم فى هذ البلد الآمن، وتكشفت الحقائق الواحدة تلو الأخرى، وكشفت العمليات النوعية لأجهزة المعلومات بالدولة عن مخططات الشر ومدبريها ومموليها، وتصدت لجرائمهم وبذلوا من دماء رجال الجيش والشرطة الكثير ومازالوا، وتكشفت الحقائق لتؤكد أن نظرة المصريين لطنطاوى ما كنت لتخطئ قط، وأن حب المصريين للرجل لم يكن من فراغ، بل كان نتاج تاريخ طويل من الثقة والحب والذى برهن عليه الرجل طوال تاريخة العسكرى المشرف، والذى كان شاهداً له فى عقل وقلب أبناء مصر الأوفياء.

 

واليوم يرحل عنا طنطاوى جسداً فقط، ولكن تبقى سيرته العطرة مسطرة بحروف من نور فى سجل الواجب الوطنى تتناقلها الأجيال وتحكى قصة رجل أحب مصر فأحبه كل المصريين، تبقى سيرة طنطاوى عطرة دوما بمواقفه الوطنية التاريخية التى كانت ومازالت شاهدة على عظمة وتميز أبناء جيش مصر البواسل، وعلى تضحياتهم فى سبيل بقاء ورفعه هذا الوطن الآبي.

 

ولا يخفى على أحد مدى التأثر الذى ظهر على الرئيس السيسى وهو يتحدث عن الفقيد الكبير، وما سطرة ناعياً اياه على صفحات التواصل حينما قال (فقدت أباً) هكذا كان الفقيد لابناء ورجال جيش مصر، كان أباً باراً وقائداً حكيماً يحظى بحب كل من خالطه فى خدمة الوطن، وهاهو السيسى يشيد بفقيد الوطن أثناء افتتاح نفق أحمد حمدى ٢، ويتحدث عن دور الفقيد فى إنقاذ هذا الوطن من السقوط فى مخططات الفوضى الخلاقة، ويبرئ ساحة الرجل من أى اتهام وجه إليه من أذناب جماعة الشر الإخوانية، وكيف انحاز الرجل إلى الإرادة الشعبية، بل وزاد عنها ودفع فى سبيل هذا الكثير والكثير فى سبيل العبور بهذا الوطن إلى شط الأمن والأمان والاستقرار، الرجل تحمل كثيراً ورفض كل إغراءات السلطة والتى كانت دانية بين يديه، تعامل مع الموقف المعقد بشرف ونزاهة رغم صعوبة الوضع وقوة المغريات.

 

طنطاوى كان ومازال وسيظل بإذن الله نقطة مضيئة فى تاريخ هذا الوطن، وقائد عظيم فى سجل العسكرية المصرية، ومثال يحتذى به فى الوطنية والشرف والإخلاص للقسم العسكري، رحم الله المشير محمد حسين طنطاوى ابن مصر البار، واسكنه فسيح جناته، وجعله هو ومثله من كل محبى الوطن منارة لنا نهتدى بأنوارها وقت الظلام الحالك ووقت المحن، وحفظ الله مصر شعباً وجيشاً وقيادة وبارك فى نبت جيشها وشرطتها أبناء مصر الأوفياء.