الجمعة 19 ابريل 2024

المشير طنطاوي.. وحكاية وطن

مقالات21-9-2021 | 22:43

تشاء الأقدار.. أن يوم وفاة المشير محمد حسين طنطاوى القائد العام وزير الدفاع والإنتاج الحربى الأسبق.. ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة  الذى تولى إدارة شئون البلاد.. فى وقت عصيب على مصر.. هو نفسه اليوم الذى يتم فيه افتتاح عدد من المشروعات القومية لتنمية سيناء. 

تذكرت المشير طنطاوى ونحن نعبر نفق الشهيد أحمد حمدى.. فهو أحد أبطال جيل أكتوبر العظيم.. وأحد قادة معاركها التى كبدت العدو خسائر فادحة.. سجل حافل وزاخر بالمواقف الوطنية الشريفة والمضيئة تستحق منا الإجلال والفخر بهذه الشخصية شديدة الوطنية.. وأحد رموز العسكرية المصرية  التى أضافت الكثير لمسيرة قواتنا المسلحة الباسلة..  لقد عبر المشير طنطاوى مرتين الأولى فى ملحمة أكتوبر 1973.. والثانية عندما عبر بمصر  إلى بر الأمان وأنقذها من السقوط فى مؤامرة يناير 2011.

من عرف المشير طنطاوى رحمة الله عليه  أو تعامل معه أو استمع إليه.. يدرك أنه شخصية شديدة الوطنية والاعتزاز بمصر.. امتلك الرؤية واستشراف المستقبل.. يؤمن بأن مصر وطن عظيم ومستهدف فهى بالنسبة لأعدائها  «قلب الخرشوفة» والجائزة الكبرى..  فكان يرى حتمية امتلاك القوة والقدرة..  ويؤمن بعظمة وصلابة الجيش المصرى  ويدرك خصوصية المقاتل المصرى كركيزة أساسية ومفتاح للنصر..  شديد الانضباط والاحترافية والثقافة الواسعة.

قائد عظيم.. وشخصية وطنية فريدة.. وصاحب دور تاريخى فى إنقاذ مصر

المشير محمد حسين طنطاوى القائد العام وزير الدفاع والإنتاج الحربى الأسبق ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال الفترة الانتقالية عقب أحداث يناير 2011.. نموذج للشخصية الوطنية التى أعطت لمصر بسخاء ونقاء واستعداد دائم للتضحية.
ربما يفنى الجسد ويوارى الثرى.. لكن ستظل بطولات وتضحيات الرجال خالدة يسطرها التاريخ بحروف من نور.. فالمشير حسين طنطاوى أحد رموز العسكرية المصرية الشريفة خاض معارك الوطن منذ أن تخرج عام 1956 ثم حرب 1967.. وبعدها الاستنزاف.. ثم شارك فى ملحمة العبور فى أكتوبر 1973كأحد أبطال هذا الجيل العظيم.. وقاد الكتيبة 61 فى معركة «المزرعة الصينية».
عطاء المشير محمد حسين طنطاوى على مدار تاريخه الوطنى زاخر ومصدر للفخر والاعتزاز كان على استعداد دائم للتضحية والبذل من أجل تراب مصر.. فهو رجل المواقف والأوقات العصيبة فى تاريخ الوطن.. وصاحب البطولات التى سطرها التاريخ بحروف من نور.
تاريخ المشير محمد حسين طنطاوى - رحمه الله - فى القوات المسلحة حافل بالمواقف والرصيد المضئ.. فهو صاحب مدرسة عسكرية شديدة الخصوصية ترتكز على خبرات متراكمة وصلت به إلى درجة الاحترافية.. ليصبح أحد رموز العسكرية المصرية.. وأحد رموزها فى العالم.. كان شديد الانضباط والحسم المفعم بالإنسانية المتدفقة شديد الولاء والانتماء والاعتزاز بهذا الوطن.. يرى أن المقاتل المصرى قادر على تجاوز الصعاب والمستحيل وصنع الفارق.. ويعتبر مفتاح وركيزة النصر فى المعارك.. القائد العسكرى العظيم والفذ الذى صقلته الحروب والمعارك التى خاضها دفاعاً عن هذا الوطن جعلت منه «فيلسوفاً عسكرياً» صاحب رؤية عميقة ومدرسة شديدة الخصوصية.. يحرص فى كل نشاط تدريبى أو مشترك مع الدول الصديقة والشقيقة على التواصل والحديث مع القادة والضباط حول نقاط لا يلتقطها إلا قائد محترف.. وهو الأمر الذى انعكس على القوات المسلحة خلال توليه قيادة الجيش المصرى العظيم فى مستوى كفاءته وجاهزيته واستعداده القتالى.
يتمتع المشير حسين طنطاوى رحمة الله عليه بإيمان عميق بقيمة ومكانة مصر وحب شديد وغيرة على هذا الوطن. وشاءت الأقدار أن يوضع هذا القائد العظيم فى اختبار شديد التعقيد والصعوبة فعندما وقعت أحداث يناير 2011 «المؤامرة الشيطانية» التى حاكتها قوى كبرى دولية وإقليمية وأجهزة مخابرات معادية وجماعات إرهابية عميلة.. وقف الجيش المصرى بقيادة المشير حسين طنطاوى وقفة وطنية تاريخية جسدت عقيدة القوات المسلحة الشريفة فى الولاء والانتماء للوطن ومصالحه العليا وحماية الشعب.
وعندما تولت القوات المسلحة بقيادة المشير طنطاوى أمور البلاد بعد تنحى الرئيس محمد حسنى مبارك كانت المهمة شاقة.. وسط محاولات مستميتة وحملات ممنهجة.. ومؤامرات شيطانية لإسقاط مصر من قبل أعدائها.. وكان الهدف الأكبر هو السعى لإحداث الوقيعة بين الجيش والشعب فانطلقت الأكاذيب وحملات التشويه والتشكيك من حناجر وأفواه عفنة قبضت الثمن مقابل الخيانة والعمالة ضد مصر.. لكن عقيدة القوات المسلحة وشرفها وحكمة المشير طنطاوى كانت أكبر وأعظم من أى مؤامرة.
المشير محمد حسين طنطاوى كما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى كان كالقابض على الجمر يتألم من شدة اللهب.. ولكنه رفض أن يلقى الجمر ليشعل البلاد ويحرقها.. كان صبوراً حكيماً لديه بعد نظر ورؤية استشرافية إلى أبعد مدى..  آلمه وصول جماعة الإخوان الإرهابية إلى سدة الحكم وقيادة وطن عظيم فى حجم مصر إلا أنه كان يثق فى عظمة هذا الشعب وقدرته على الفرز واسترداد الوعى الحقيقى المرتكز على مخزون حضارى ووطنى شديد الارتباط والولاء والانتماء لمصر.. وهو ما حدث بالفعل فى٠٣ يونيو ٣١٠٢ فى ثورة عظيمة انتفض فيها المصريون لعزل نظام الإخوان الفاشى والإرهابى والخائن.
المشير طنطاوى كان بين اختيارين أحلاهما مر.. لكنه راهن على وعى المصريين.. فربح الرهان.. وعبر بمصر إلى بر الأمان واتقى شر السقوط.. إنها الحكمة والحنكة.. ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيراً كثيراً.
المشير محمد حسين طنطاوى القائد العظيم الذى حاولت أبواق التنظيم الإخوانى الإرهابى وقطعان الطابور الخامس والخونة تشويهه.. كان يخاطب على مدار الساعة أبطال ورجال الجيش المصرى العظيم ويطالبهم ويؤكد عليهم بالتحلى بالصبر والحكمة والقدرة على التحمل وعدم الرد على محاولات التشويه والإهانة.. كان يخاف على مصر أكثر من نفسه.. ولا يرى سواها.. ويشير أن مصر لو سقطت ستكون الكارثة.. لذلك كانت تعليماته وأوامره وتوجيهاته لقادته وضباطه.. مفيش رصاصة تطلق على مواطن مصرى لذلك كنا نرى على الأرض.. وفى المظاهرات الممنهجة والمتآمرة.. سباباً وقذفاً لأبطال شرفاء من أبناء الجيش المصرى.. لكنهم لا يردون ويختارون العمل من أجل الوطن فى صمت ويدركون أن هؤلاء ليسوا من الشعب المصرى الذين يفاخرون ويعتزون بجيشهم.
المشير محمد حسين طنطاوى القائد العظيم ورجاله الأوفياء فى أحداث 25 يناير تحملوا ما لا تطيقه الجبال من أجل مصر وشعبها.. والعبور بالوطن إلى بر الأمان فى الوقت الذى سقطت فيه دول وأنظمة وعاث فيها الخراب والدمار والفوضى والإرهاب وتحولت إلى أطلال.
المشير محمد حسين طنطاوى - رحمه الله - الذى تولى إدارة شئون البلاد فى وقت عصيب شهد تهديدات فى الداخل.. وأيضاً على جميع الحدود من مختلف الاتجاهات الاستراتيجية وقف شامخاً يواجه طوفان من التحديات والتهديدات.. ويأخذ مصر بين أحضانه يدافع عن وجودها وبقائها.. ويعمل جاهداً للحيلولة دون سقوطها.. وأحبط مؤامرات شيطانية.. ولم يشعر المصريون فى ظل توقف حركة الحياة والإنتاج والمظاهرات الفئوية بأى عجز فى أى سلعة.. وانتفضت القوات المسلحة ما بين حماية الداخل.. ومواجهة تهديدات الخارج والتصدى للإرهاب ومحاولات فصل سيناء عن الجسد المصرى.
فى اعتقادى أن ملحمة المشير طنطاوى - رحمه الله - وأبطال قواتنا المسلحة فى يناير 2011 وعبوره بمصر إلى بر الأمان وحمايتها من السقوط.. هى معركة خالدة لا تقل فى عظمتها عن ملحمة أكتوبر التى يعد المشير طنطاوى أحد أبطال جيل أكتوبر العظيم
كان المشير طنطاوى عنيداً غيوراً على وطنه مخلصاً لمصر إلى أبعد الحدود. قاد أخطر مرحلة فى تاريخ الوطن بحكمة وإخلاص وشرف واقتدار.. وأمانة شديدة فى وقت كانت فيه مصر عرضة للانهيار والحرب الأهلية.. أبطل مفعول أخطر مؤامرة وهى محاولة الوقيعة بين الجيش والشعب.. وكان سبباً حقيقياً فى حماية مصر من السقوط.
من أهم محاولات الوقيعة بين الجيش والشعب أحداث «محمد محمود».. و«ماسبيرو» وأحداث بورسعيد.. فى مؤامرة شيطانية.. لكن وكما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى بالأمس أن المشير طنطاوى برىء تماماً من هذه الأحداث.. وأعتقد أن ذلك ترسخ فى وجدان وعقول المصريين بعد أن كشفوا حقيقة تنظيم الإخوان الإرهابى وأنه وراء كل مظاهر الخراب والدمار والقتل وسفك دماء الأبرياء.. لكن الله سبحانه وتعالى لا يصلح «عمل المفسدين».. وسبحانه وتعالى أنصف المشير طنطاوى هذا القائد الشريف وجعل منه رمزاً وطنياً خالداً ترسخ فى عقول ووجدان المصريين وأصبح مصدر فخر لهذا الشعب.. وسجل اسمه بحروف من نور فى ذاكرة وتاريخ هذا الوطن.
ندين جميعاً بالفضل لله سبحانه وتعالى فى عبور مصر مؤامرة يناير 2011 ثم ندين بالفضل والدور العظيم والشريف للمشير حسين طنطاوى - رحمه الله - وجيش مصر العظيم فى إنقاذ مصر وحمايتها من السقوط والحيلولة دون انهيارها وحدوث حرب أهلية بين المصريين.
قاد المشير طنطاوى المرحلة الانتقالية بحكمة وبأقل الخسائر.. وتحمل ضغوطاً رهيبة لكنه لم ينحن إلا لله.. ولم ير إلا مصلحة مصر وشعبها.. واحتفظ بالثبات النفسى ورباطة الجأش والنبل والفروسية وأحاط الوطن بسياج قوى وصلب من الحماية حتى لا يلقى مصير الدول التى تعرضت للسقوط والخراب والدمار.. وهو الجميل والدور العظيم الذى يحفظه له المصريون بل كل شعوب الأمة العربية لأن مصر هى عمود الخيمة فى هذه الأمة.. وسقوطها كان يعنى سقوط الأمة بأثرها.
المشير طنطاوى الذى أعرفه واقتربت منه قائداً فذاً ونبيلاً وشريفاً.. وإنساناً خلوقاً.. متواضعاً.. قديراً فى قيادته.. محترفاً فى عمله.. طموحاً فى رؤيته.. خبيراً فى العسكرية.. يؤمن إيماناً عميقاً بقيمة مصر وأنها على مدار التاريخ مطمعاً وهدفاً لأعدائها الذين يعتبرونها «قلب الخرشوفة» والجائزة الكبرى.. وكان يرى حتمية امتلاك القوة والقدرة لحمايتها ضد المخاطر والمؤامرات والأطماع.. شديد الولع بالثقافة والقراءة.
المشير طنطاوى نبت صالح من أرض مصر الطيبة كان على استعداد دائم أن يروى رمالها بدمائه.. وكما قال الرئيس السيسى كان المشير طنطاوى محباً ومخلصاً لمصر وشعبها ومعلماً وإنساناً غيوراً على وطنه قدوة فى التفانى لخدمة هذا الوطن.
بالأمس وأنا أعبر نفق الشهيد أحمد حمدى متجهاً صوب منطقة الاحتفال بافتتاح عدد من المشروعات القومية العملاقة من مستشفيات ومراكز أسرة وطرق وأيضاً نفق الشهيد أحمد حمدى الشمالى أو رقم 2.. وقد علمت بخبر وفاة المشير طنطاوى.. تذكرت هذا القائد العظيم الذى عاصرته كمحرر عسكرى على مدار 20 عاماً.. واقتربت منه فى أنشطة وتدريبات القوات المسلحة.. وكيف كان شديد الاعتزاز والفخر بجيل أكتوبر العظيم.. وتشعر منه بسعادة وهو يروى قصص المعارك والاستفادة منها خلال تعليقه على سير المناورات والتدريبات ويعلم الضباط والقادة من خلال العديد من الملاحظات والدروس المستفادة من معركة العبور العظيم.. كم كان شديد الاعتزاز والفخر بالقوات المسلحة ورجالها وأبطالها.. والحريص على صورتها ومظهرها لدى المصريين وأن يكون ضباط وجنود القوات المسلحة دائماً القدوة والمثل للاحترام والانضباط والرقى فى التعامل مع الشعب.
توفى المشير محمد حسين طنطاوى ونحن على أبواب الاحتفال بالذكرى الـ 48 لنصر أكتوبر وأيضاً تخريج دفعات جديدة من الكليات والمعاهد العسكرية.. لذلك لابد أن يكون اسم هذا القائد الوطنى العظيم هو «أيقونة» احتفالاتنا بذكرى نصر أكتوبر العظيم لتروى سيرته العطرة التى تفوح منها روائح الوطنية الخالصة.. والبطولات الخالدة.. والمواقف المضيئة.. إنه رجل يستحق منا كل التحية والتقدير.
إطلاق اسم المشير طنطاوى - رحمه الله - على قاعدة «الهايكستب العسكرية» هو تجسيد للوفاء لهذا القائد العظيم الذى أعطى بلا حدود وأتمنى أن يكون اسم المشير طنطاوى هو موضوع احتفالنا بالذكرى الـ ٨٤ لملحمة أكتوبر فهو أحد أبطال جيل أكتوبر العظيم.. وأيضاً أن يكون «عنواناً» عظيماً أمام الضباط الجدد الذين سيتخرجون خلال أيام ليكون لهم قدوة فى الوفاء والبطولات والتضحية والمواقف النبيلة والوطنية المضيئة.. وأيضاً كرمز عظيم من رموز العسكرية المصرية.
ونحن أيضاً على أبواب العام الدراسى الجديد لماذا لا يكون موضوع الحصة الأولى هو المشير محمد حسين طنطاوى لنعلم أولادنا المعنى الحقيقى للتفاني والغيرة الوطنية والعطاء والوطنية والبطولة والتاريخ المشرف ولماذا لا يكون اسم المشير محمد حسين طنطاوى موضوعاً للندوات فى الجامعات.. فهل هناك شخصيات وطنية شريفة فى حجم ووفاء وعطاء المشير طنطاوى يمكن أن نقدمها لهذا الجيل وهو يمثل المؤسسة العسكرية الشريفة التى تشكل عمود الخيمة للوطن والدرع والسند والحصن والملاذ؟.
لماذا أيضاً لا يكون المشير محمد حسين طنطاوى بطلاً لرحلة كفاح ونضال وشرف وعطاء فى عمل درامى أو فيلم سينمائى نحكى قصته ومسيرته لأبنائنا ليتعلموا المعنى الحقيقى للولاء والانتماء والوطنية والشرف والبطولات والتضحية.

تحيا مصر