الأربعاء 24 ابريل 2024

أحداث 11 سبتمبر والمستقبل

مقالات16-9-2021 | 11:42

أتذكر كنت أشاهد إحدى القنوات، وفجأة رأيت طائرة تضرب برج التجارة وأخرى تلحقها وبعدها تغير العالم وبدأت التأويلات التي لم تنتهِ حتى اليوم، ولكن كيف رأينا المستقبل وقت ذاك وكيف نرى الماضي اليوم؟.

الغزو الأمريكي للعراق صاحبه موجة طويلة من التأويلات ليس فقط من المتعصبين الدينيين والذين كانوا يتجاهلون وجود الأفكار التكفيرية التي صنعت الإرهاب بل أيضا من مفكرين غربيين مثلا في الولايات المتحدة ظهر كتاب -الفين توفلر-(الموجة الثالثة) الذي يرى فيه أن الإنفاق العسكري الأمريكي هو محرك التقدم التقني والاقتصادي الأمريكي وأن التقدم التقني الأوروبي خطر على الريادة الأمريكية.

 وهناك من رأى أن أمريكا اختارت الإرهاب عدوا جديدا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وكان أغرب التأويلات ما كتبه د. محمد حسنين هيكل أن من نفذ عميلة 11 سبتمبر هم الصرب (ذكرها في كتابه الإمبراطورية الأمريكية وغزو العراق)،  وكان يرى انهيار جدار برلين حدث أكثر أهمية وأن أوروبا هي القطب العالمي القادم، وذهب الكثير أن الولايات المتحدة لكي تحافظ على ريادتها عليها الحصول وامتلاك النفط العراقي والسيطرة قدر المستطاع على ينابيع البترول حول العالم.

بعد كل هذه السنوات اتضح أن كل هذا غير صحيح، أولا اتضح أن القطب المنافس هو الصين على كل المستويات تقنيا واقتصاديا، ثانيا أن زيادة الإنتاج النفطي الأمريكي داخل الأراضي الأمريكية في العشرين سنة الأخيرة يعادل ضعفين أقصى إنتاج وصل له العراق منذ سقوط صدام، ثالثا لو نقيس أثر الإنفاق العسكري الأمريكي على النمو الاقتصادي والتقدم التقني فلو نأخذ أسواق المال كمقياس لأعلى الشركات عوائد منذ أحداث سبتمبر فإن أعلى عشرين شركة لا تضم شركة واحدة ذات ارتباط بالصناعة العسكرية وحسب الترتيب كانت شركة NTES وكانت من رواد تقنية الإنترنت ثم شركة أبل التي نقلت فضاء الأجهزة الذكية من المكاتب إلى جيب كل شخص ثم أمازون رائدة التجارة الإلكترونية، جميع هذه الشركات وجدت ما هو أهم وأضخم من الإنفاق العسكري وهو حجم الاستهلاك في الاقتصاد الأمريكي الذي يصل إلى 80% من الحجم الاقتصادي أي ما يعادل الإنفاق الفدرالي الأمريكي أربع مرات قبل كمتوسط قبل الجائحة.

ارتفاع أسعار البترول في العقد الماضي هو ما حرك المستثمرين الأمريكيين لرفع الإنتاج الصخري من 400 ألف إلى 8 ملايين برميل، وكذلك الحجم الاستهلاكي الضخم دفع صناعة التقنية والاستثمارات الجريئة لتزدهر.

إنه السوق الذي يرسم المستقبل وليس صراخ قاعات الدراسات بين واشنطن والعواصم الأخرى.. انسحبت الولايات المتحدة من أفغانستان لكن شركاتها تغزو الأسواق.

Dr.Randa
Dr.Radwa