الخميس 25 ابريل 2024

ما بين الراحة والسكينة يولد التأمل

مقالات5-9-2021 | 22:36

اعتدت الانضمام لفئة الحالمات الباحثات عن الجمال وبواطن الرضا والسكينة في هذا العالم الفضفاض المسكون بالكائنات البشرية، والنعم المتعددة، والعديد من الأرواح الشريرة على ما أظن، فقد كنت شديدة الخجل منذ صغري إلى الدرجة التي جعلتني أرى في انطوائي وعزلتي السعادة والسلام، لم أنجرف إلى عالم هراءات طلبة المدارس وتجاوزاتهم، ولم أسمح لنفسي يوماً أن أخرج عن نطاق الحرم الجامعي خلال فترة دراستي الجامعية، كان الوازع الشخصي منبعه لذة إحساسي باختياراتي دون الانجراف خلف عنفوان بعض الأصدقاء من الباحثين والباحثات عن روح المغامرة والحرية الزائفة على إطلاقها، ذلك رغماً عن عشقي لمغامرات السفر مثلاً، أو شغفي بالأنشطة، أو حماسي المعتاد تجاه تفاصيلاً بعينها، لذا كنت دائماً ومازلت أحياناً هذا الكائن المنظور له بغرابة داخل كيان أي مجموعة، فقط لأنني اعتدت عدم الانسياق أو المشي في ركاب الآخرين.
ومن هذا المنطلق، بدأت في إجراء بعض عمليات التنقيح لدوائر المعارف والأصدقاء عملاً بمبدأ المرء على دين خليله، لأنه لا طاقة لي ولا أمل إلا إذا كنت نفسي كما أتمنى وأرغب، فصرت كما الباحث عن الحرية أو على الأقل القيد المشروط إن اضطرتني الظروف، كنت أبحث ومازلت عن أشباهي، أقراني من بني البشر من الشاعرين بالاختلاف الحميد الذي لا يُوَلّد غروراً، أو يعكس كِبراً لا سمح الله، لكنه يجعل من الشخص دائم التفكير والترحال بين جنبات عقله وروحه وجوارحه، فيظل متنقلاً بين الأفكار والخواطر وصدق الأفعال التي تعبر عنه، لا طامع في إثناء ولا طامح في مَنزِلَة.


فأجدني في محيطي الضيق ومعي بضعة أصدقاء يكاد عددهم لا يتخطى أصابع اليد الواحدة نحمل نفس الجين النفسي العجيب، من القابضين على عقلهم ولا أقل مبادئهم حتى لا تُمَرّر صيغة الاستعراض بدون قصد، لكني أقول عنها تلك القناعات التي تأبى إلا أن ترى العالم الأفلاطوني دون باقي التفاصيل المزعجة على مدار اليوم الواحد كتفاصيل المرور والعمل ودوائر المعارف والأصدقاء والمصالح الحكومية والأماكن العامة والمناسبات الاجتماعية.


فنتشارك أوجاعنا وأحلامنا، ونتكئ على أكتاف بعضنا البعض، نتبادل ونتشارك المنافع فيما بيننا لا أفضلية ولا سلطة لأحد على الآخر، فلنا أحلاماً مشروعة وبسيطة بساطة كائن العصفور، ودقيقة دقة عالم النحل، قوية نافعة يافعة لا تأمل إلا في الخروج من البؤر الظلامية والرمادية إلى الساحات العامرة بطاقات النور والعمل والأمل.


رسالة دعم أربت بها على الكتف وأمررها لنفسي ولكل من لا يسمع أنينه غير خالقه، لكل عامل في صمت، وناجح دونما تشجيع، ومقاوم بثبات، وعازم برغم الصعاب، لكل من لا يشكو حاله بل يشكو صدق حاله. 


احتفظ بحلمك في صدرك بين القلب وسائر الأعضاء الحية، اجعله حياً مثلهم، قم بشحنه كما تقوم بشحن عداد الكهرباء كلما أوشك على نفاذ رصيده، اصنع نورك ومنبرك وعَمِّر أشجارك، لا تشترك في جريمة انتحار نفسي دفعك إليها كل من خولت له نفسه الحصول على اللقب بجدارة كقاتل محترف، فأنت المخلوق الوحيد محل الاختبار الصعب في الدنيا التي هي من الدناءة أي أقل المنازل، دار الابتلاء والسعادة والترقب والعقاب والرضا والحزن والعوض، كل هذا الخليط العجيب هو لك، اقبله كما هو وأحسن التدبر قبل الإجابة.

 

Dr.Randa
Dr.Radwa