الجمعة 19 ابريل 2024

مصريون شاركوا فى البناء الأخير للكعبة المشرفة

مقالات9-7-2021 | 12:59

البيت الحرام (الكعبة المشرفة) بناء شامخ فى قلب الحرم المكى الشريف، تهفو إليها قلوب المسلمين، بدعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام، فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم.  

والبيت الحرام هو أول بيت وضع فى الأرض لعبادة الله وحده لا شريك له، كما قال تعالى {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ} 96. ال عمران.

 

وسميت الكعبة بهذا الاسم، لتكعيبها؛ يعنى تربيعها، قال الإمام النووى "سميت بذلك لاستدارتها وعلوها وقيل تربيعها فى الأصل"، وأرشد الله إبراهيم عليه السلام إلى مكان الكعبة المشرفة، وأمره ببنائها، فبناها، ودعا مرة أخرى، فقال: {رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا}، 126 البقرة.

ثم دعا فى الثالثة بقوله: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}، 37 إبراهيم.

 

وسكن فى مكة أقوام مختلفة، وتعاقبت على ولاية الكعبة المشرفة  العمالقة وقبيلة جرهم وقبيلة خزاعة، وقبيلة قريش وغيرهم.

وكانت الكعبة موضع تعظيم وإجلال الناس فى مكة، يعمرونها ويجددون بنيانها عند الحاجة، ويكسونها، ويعدون ذلك فخرا وتشريفا لهم، حتى جاء الإسلام فزاد فى تشريفها وتعظيمها وجعله قبلة المسلمين.

 

وكان النبى صلى الله عليه وسلم يحرص على كسوتها والاعتناء بها وتعظيمها، وهو الذى قال: اللهم زد هذا البيت تشريفاً وتعظيماً ومهابةً وبراً وزد من عظمه تعظيماً وتشريفاً ومهابةً وبرا، وكذلك فعل الصحابة رضوان الله عليهم من بعده.

ولقد شهدت الكعبة إحلالاً وتجديداً عدة مرات من رفع سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل القواعد من البيت وحتى اليوم، وكثير من الناس يعتقد أن البناء القائم للكعبة هو بناء الحجاج بن يوسف! وهذا غير صحيح.

 

وبناء على عدة مصادر تاريخية منها:

  1. منائح الكرم للسنجارى ج3 ص184-185
  2. أخبار الكرام بأخبار المسجد الحرام للأسدى مكتبة الأسدي، الطبعة الأولى 2004، ص126
  3. كتاب التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم للكردى ج3 ص 144, دار خضر، الطبعة الأولى 2000
  4. أخبار مكة و ما جاء فيها من آثار، الأزرقي. مكتبة الأسدي، الطبعة الأولى 2003، ص370-3

يتبين الآتى:

1- أن الكعبة تهدمت جدرانها عقب أمطار غزيرة شهدتها مكة المكرمة يوم الأربعاء 19 شعبان 1039 هـ الموافق أبريل 1630م، وتحول هذا المطر إلى سيل عظيم، داخل المسجد الحرام والكعبة، وبلغ منتصفها من الداخل وحمل جميع ما فى المسجد من خزائن الكتب والقناديل والبسط وغيرها، وخرب الدور واستخرج الأثاث منها، ومات بسببه خلق كثير.

وسقط جدارها الشامى وجزء من الجدارين الشرقى والغربي، وسقطت درجة السطح، فأمر السلطان العثمانى مراد الرابع بتجديدها على أيدى "مهندسين مصريين" فى سنة 1040 هـ/1630مـ، وهو البناء الأخير والحالى للكعبة، حيث تم إصلاح وترميم المسجد بأكمله وفرشت أرضه بالحصى ، وبدأ العمل فى عمارتها يوم الأحد 23 جمادى الآخرة سنة 1040 هـ/1630م، وتم الانتهاء من البناء فى غرة شهر رمضان من السنة نفسها.

وهذا هو البناء الحالى الماثل أمامنا وكل ما حدث بعد ذلك كان عبارة عن ترميمات وإصلاح فقط.

 

 

2- وفى عهد الملك خالد بن عبد العزيز، تم صناعة باب جديد للكعبة المشرفة، صممه المهندس المصرى منير الجندى، وصُنع الباب من الذهب الخالص بوزن إجمالى بلغ 280 كجم تقريباً عيار 99.99.

وفى عهد الملك فهد بن عبد العزيز، تم استبدال أعمدة الكعبة الخشبية التى يعود تاريخها لأكثر من 1200 عام بأخرى جديدة من خشب "التيك" الصلب جلبت من بورما (ميانمار)، ويتميز هذا النوع من الأخشاب بثبات شكله بعد الاستخدام ومقاومته الشديدة للعوامل الجوية مثل الحرارة والرطوبة والماء، وذلك ضمن عملية ترميم شاملة أزيل خلالها سقف الكعبة وأعيد بناؤه ورممت الأحجار المتآكلة ودعمت الأرضية بالرخام.

 

ثم توالت التجديدات على أيدى خُدام الحرمين الشريفين بإمكانيات ضخمة وعلى أحدث طراز وصلت إليه الحضارة البشرية حتى بدت الكعبة فى ضعها المبهر  للعالم كله إجلالاً وتعظيماً.

وللحديث بقية.