الخميس 25 ابريل 2024

الاستهلاك الإليكتروني والأزمة الاقتصادية

مقالات25-6-2021 | 13:47

مع ظهور الكوارث بأشكالها المختلفة أو انتشار أوبئة عادة ما يكون هناك وجهين للتأثير أحدهما إيجابي والأخر سلبي بالطبع، إذ لا بد أنه في مثل هذه الحالات أن نجد هناك فئات متضررة وأخرى مستفيدة من الأزمة وهو ما حدث بالفعل مع ظهور فيروس كورونا .

فعلى الصعيد الاقتصادي والتجاري مثلا كانت هناك فئات مستفيدة بشكل كبير وساعد ظهور وتفشي الوباء على ازدهار تجارتهم مثل أصحاب المتاجر الإلكترونية وكافة العاملين بالتجارة الإلكترونية وعلى النقيض فإننا نجد أن التجارة العادية غير الإلكترونية كأصحاب المتاجر والمحلات كانوا هم الفئات الأكثر تضرر نظرا للإجراءات والتدابير الاحترازية التي اتخذتها الدول والحكومات ومنظمة الصحة العالمية لمكافحة انتشار الوباء.

 وقد أدت تلك الإجراءات والتدابير للدول فى إغلاق المحلات والأسواق وفرض حظر التجوال لتقليل الاختلاط بين الأفراد وهو بدوره ما أدى إلى إحداث ركود كبير جدا في حركة البيع والشراء بالمحلات وإلحاق خسائر كبيرة بها وبذلك كانت المتاجر الإلكترونية ومواقع البيع عبر الإنترنت والمتعاملين بها هم الفئات الأقل تضرر بل أن تجارتهم قد شهدت رواج كبير خلال الأزمة فقد زاد الطلب على منتجات بعينها في مقابل انخفاض الطلب على منتجات أخرى كانت تحقق من قبل معدلات بيع عالية على المتاجر الإلكترونية والمحلات التقليدية.

فمقارنة منحنى الطلب أثناء أزمة كورونا وبمنحنى الطلب الطبيعي بدون كورونا يمكن رؤيته في مختلف دول العالم لأن السلوك البشري الاستهلاكي خلال الأزمات متشابه في هذه الحالة ولا يختلف سواء بدولة معينة أو بطبيعة شعب وقد يساعد فهم ذلك المنحنى الكثيرين من الشركات والموردين في فهم الحالية والمستقبلية عبر عدة مراحل يمر بها منحنى الطلب وقت كورونا.

 

فمع بدء انتشار الأزمة بدأت المرحلة الأولى والتي تتمثل في تغير كبير في سلوك المستهلكين حول العالم والتوجه لتخزين المؤن الغذائية والاحتياجات الأساسية بكميات كبيرة وتسمى هذه المرحلة بـشراء الفجعة لأنك اشتريت مخزونا أكبر بكثير من احتياجك الحقيقي ما أدى لحرمان الكثيرين من الحصول على مختلف السلع الأساسية .

 وهنا ندخل المرحلة الثانية من المنحنى فنجد أن تطبيق استراتيجية سقف الشراء خفضت استنزاف المنتجات الاستهلاكية في وقت قصير ليحصل أغلبية المستهلكين على احتياجهم الأدنى من هذه المنتجات فالهدف من تسطيح منحنى الطلب هو تمكين الشركات من إدارة سلاسل إمدادها بشكل أكثر مرونة.

 المرحلة الثالثة وفيها يتم التأقلم مع الوضع الجديد وزيادة استخدام المستهلكين لمختلف المنصات الإلكترونية والبرامج التابعة لها وبالتالي يعود الاستهلاك لطبيعته بسبب السياسات التي تم اتخاذها من الشركات وبسبب انحسار حالة الهلع لدى المستهلكين.

ولكى يتحقق ذلك يجب الموازنة بين العرض والطلب وبالتالي توافر شبكات لوجستية قوية وخدمة توصيل عالية وموثوق بها.

 المرحلة الرابعة وفيها يتم انخفاض مخزون السلع لدى المستهلكين خلال فترة طويلة وهذا سيؤدي لانخفاض كبير في الطلب على السلع الأساسية وبالتالي يصل الطلب لمستوى أقل بكثير من السعة الإنتاجية للمصانع.

 ويصعب التنبؤ بمدة هذه المرحلة لأن ذلك يعتمد على حجم المخزون فى البيوت والمدة المستغرقة لنفاذ السلع لدى المستهلك.

 المرحلة الخامسة  بانتهاء هذه الأزمة سنجد أن منحنى الطلب سيتوافق مع العرض.. وتلك المرحلة ستؤدى إلى تعديل أداء الشركات خلال الأزمة والتوجه لوضع خطط طوارئ وتصميم نموذج جديد لسلاسل إمداد قوية ومرنة وإلكترونية. لهذا يجب التفكير في مرحلة ما بعد كورونا وتحقيق الاكتفاء الذاتي لتقليل مخاطر الأزمات المستقبلية واستخدام التحول الرقمي في حل الأزمات.

تغيير سلوك المستهلكين الذى مر بعدة مراحل بدأ من تخوفهم الطبيعي من المستقبل وندرة السلع بالأسواق ونتيجة للعامل النفسي جعل المستهلكون بتأمين احتياجاتهم من السلع الأساسية والأدوية والأساليب الوقائية وحتى تغيير نمط معيشتهم وزيادة حرصهم على أمنهم وصحتهم ونظافتهم وتطبيق سياسة التباعد الاجتماعي والبدء في زيادة معدلات التسوق الإلكتروني واستخدام تطبيقات الشراء المختلفة التي تتيح سهولة توفير الاحتياجات عن بعد دون الحاجة للتجول.

 ومع تلك التغييرات المفاجئة وزيادة الطلب للمستهلكين وتغيير أنماط وطريقة الشراء نجد أن الشركات بل والدول حرصت على توفير البنية التحتية والبرامج التي تتيح تلبيه احتياجات السوق لعدم زيادة التخوف لدى المواطنين من عدم توفير السلع الأساسية واتبعت سياسات من شأنها تقليل الطلب على السلع الأساسية والأدوية والأساليب الوقائية وذلك بضخ الزيادة المطلوبة والمتوقعة بالأسواق وأيضا بتحديد الكمية المشتراه للحد من ظاهرة شراء الفجعة وذلك للحفاظ قدر المستطاع على منحنى الطلب بتلك السلع.

 أما عن توقع استمرار تغيير سلوك المستهلكين خلال الفترة المقبلة فيرى بعض المحللين استمرار ذلك التغيير في المستقبل القريب وتأثير الأنماط الاستهلاكية الجديدة على شبكة العرض والطلب بالأسواق ولكن يصعب تحديد مدة ذلك التغيير أو استمراره لفترات طويلة.

Dr.Randa
Dr.Radwa