الثلاثاء 16 ابريل 2024

المواطنة فى مواجهة أزمة سد النهضة!

مقالات22-6-2021 | 17:29

مما لا شك فيه أن إعلاء قيم المواطنة، يشكل أحد الضمانات الأساسية لتحقيق وحدة المجتمع، وتماسكه، وتعزيز قدراته على مواجهة أى تحديات، أو أزمات، والعمل على إدارتها باقتدار، وإيجاد الحلول المناسبة لها، وتحويل هذه التحديات إلى فرص، قد يساعد استثمارها فى تحقيق الرؤية المبتغاة.

ولا ينبغى أن ننظر إلى المواطنة على أنها فقط مجموعة من الحقوق، كما نص على ذلك دستور 2014، ولكن ينبغى أن ننظر إليها على أساس أنها مسئولية، والتزام تجاه الوطن، وأن يشارك كل مواطن بفاعلية، وإيجابية، فى أى قضية تخص مصر، سواء كانت سياسية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو اقتصادية، أو غير ذلك.

فما بالنا، إذا كان الأمر يتعلق بالأمن القومى المصرى، حيث التهديد الذى يمكن أن يتعرض له الأمن المائى المصرى، والهوية المصرية، بسبب الإجراءات الأحادية التى يتخذها الجانب الإثيوبى بشأن سد النهضة، وهو ما يحتم على كل مواطن أن يؤدى دوره بكل إخلاص، وجدية، دفاعاً عن المصير المصرى.

ولعل ما فعلته القيادة السياسية فى السنوات الأخيرة، من دعم، وتعزيز للمواطنة، يجعل كل مواطن حريص على المشاركة، والإسهام برؤيته، فى كل القضايا التى تخص الوطن، فقد تعاملت القيادة السياسية مع قضية المواطنة ليس على أساس كونها مصطلح منصوص عليه نظرياَ فى الدستور، والتشريعات الأخرى، ولكن تبنت فكرة المواطنة على أرض الواقع، وتصدت لكل محاولات الإقصاء، والتمييز، التى تبنتها بعض الحركات، تنفيذا لأجندات خارجية، تحاول النيل من وحدة الشعب المصرى وتماسكه.

وهو ما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى كل المحافل المحلية، والدولية، حيث التأكيد دوما على أن أهل الشر قد اعتقدوا مراراً وتكراراً أن النيل من مصر، يكمن فى إصابتها فى وحدة شعبها، ولكن قد استوعبت الدولة هذا الأمر، وأكد الرئيس على أن مهمة الحفاظ على وحدة المجتمع المصرى، تتطلب مشاركة المواطن فى كل عمليات البناء الداخلى، ودحض كل محاولات هدم هذا البناء.

وقد أدرك الجميع أن الخطورة الحقيقية للخطوات الإثيوبية، ومشروعها السياسى وليس التنموى، قد بدأت شرارته فى مايو 2010، عندما تم إبرام اتفاقية عنتيبى بعيداً عن دولتى مصب نهر النيل مصر والسودان، حيث التخطيط التآمرى للسيطرة والهيمنة على منابع النيل، بعيداً كل البعد عن أى مشروع تنموى لصالح الشعب الإثيوبى، كما يدعى النظام الحاكم فى إثيوبيا.

وباعتبارى مواطن مصرى، داعم ومؤيد لفكرة المواطنة، وأدعو الجميع إلى إعلاء قيمها، لا أُنكر أيضا حق كل مواطن إثيوبى فى الدفاع عن حقوق شعبه، وتحقيق النهضة، والتنمية فى إثيوبيا، ولكن ليس مقبولاً، أن يكون ذلك على حساب شعوب أخرى، فالحق فى التنمية لا يمكن أن ينكره أحد، وتحقيق الحلم فى الحياة الكريمة، والعيش الآمن، والمستقر، هو غاية كل مواطن يؤمن بالآخر.

ولكن يجب على المواطن الإثيوبى، أن يدرك جيداَ اللُعبة السياسية التى يلعبها آبى أحمد وإدارته، بهدف التعتيم على الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان فى إقليم التيجراى، ضارباً بعرض الحائط كل القيم، والأعراف الدولية، وقد وصل به الأمر إلى استخدام أسلحة محظورة، تقضى على الأخضر واليابس فى هذا الإقليم، ويقتل دون تفرقة بين الشيوخ أو الشباب، ودون أدنى اعتبار لقواعد معاملة النساء، أو حماية براءة الأطفال، وهو ما أدى إلى دعوة البعض إلى سحب جائزة نوبل التى حصل عليها، لأنه فقد الاعتبار، ولا يستحق نيل شرف الاحتفاظ بهذه الجائزة.

وعلى المواطن الإثيوبى أن يُدرك أيضا، أن المواطن المصرى لا يرغب فى إجهاض حلمه فى التنمية، أو رغبته فى أن تكون دولته فى مصاف الدول المتقدمة، ولكن يرغب فقط فى الحفاظ على حقوقه التاريخية، ولا يقبل المساس بها، ويؤيد بكل قوة المسارات العادلة التى تتبناها الإدارة المصرية، بهدف الوصول إلى حل لأزمة سد النهضة، خاصة وأن المواطن المصرى يؤمن كل الإيمان بصدق قيادته السياسية فى دعم، ومساندة أى دولة، تحقيقاً لتنميتها، ونهضتها، وحماية حقوق شعبها.

وعلى المواطن الإثيوبى المخلص لوطنه، أن يتكاتف، ويضع يده فى يد المواطن المصرى، مستثمرين وحدة الشعوب، وتماسكها، بهدف الضغط على الحكومات، لإجبارها على التفاوض، وقبول الوساطة الدولية، واللجوء إلى القضاء الدولى حلاً لأى نزاع، واستبعاد الخيارات العسكرية التي يمكن أن تقضي على حلم الشعوب فى التنمية والاستقرار.

فإذا لم يستجيب المواطن الإثيوبى لدعوة المواطن المصرى والسودانى، بهدف الوصول إلى حل عادل لأزمة سد النهضة، فلا مفر من تماسك الشعبين المصرى والسودانى، لمواجهة هذا التعنت، والخداع، والتآمر من جانب الإدارة الإثيوبية، وأن نعمل مع كافة المنظمات، والهيئات، والمؤسسات، التى تستطيع وضع التصورات، والرؤى، والحلول، التى تحافظ على حقوق كل الشعوب، دون الإضرار بحقوق أى شعب آخر.

فالمواطنة هى السلاح الحقيقى الذى يمكن استخدامه لمواجهة أزمة سد النهضة، وعلى كل مواطن أن يقف خلف قيادته، تحقيقاً للإنصاف، والعدالة، وعدم الإضرار بالآخرين، وعلى كل مواطن أن يعلم جيداً، أن عدم الوقوف بجانب وطنه فى قضاياه التى تمس الأمن القومى، فإن ذلك قد يقضى على مبدأ المواطنة نفسه، لأن ضياع الأمن القومى، يعني ضياع الوطن والمواطن.