الجمعة 26 ابريل 2024

أفضل هدية ينتظرها الرجل فى «عيد الأب»

مقالات20-6-2021 | 22:25

لا أدري إن كنتُ أرى وحدي أم يُشاركني البعض، بأن موضة "عيد الأب" هذا العام نالت صيتاً غير معهود، في ظل حملات دعائية لعددٍ من الشركات التي أرادت استثمار هذا الحدث في الترويج لمنتجاتٍ بتخفيضاتٍ مغرية، أو عروض تقسيط مريحة، للدرجة التي جعلتني أشعر أن يوم 21 يونيو بات يقتربُ بينما لا حديث للجميع سوى عن تلك المناسبة، التي اعتادت أن تطل بخجل مقارنة بـ"عيد الأم" الذي يرتبط دوماً بصخبٍ غير عادي.           

ولا يكترثُ كثيرٌ من الرجال في الواقع بفكرة "عيد الأب"، ربما بمنطق من يرونه رفاهية لا تليق بمن كتب عليهم القدر السير في طريق الشقاء اليومي من أجل لقمة العيش، والعودة مُتعباً في المساء، لاقتناص ساعات من الراحة، قبل صباح عمل جديد، في الوقت الذي يعتبره البعض صرعة غربية لرد الجميل للرجل، ولا يمكن أن تجد تربة مناسبة للنمو في إطار ثقافة مجتمع يعتبر فيه الرجل نفسه مُجرد كارت ائتماني يُوفر لأسرته احتياجات الحياة في الوقت الذي ينسى أن يمنح لهم "الحياة" ذاتها، فإذا كانت فكرة "عيد الأب" لا تلقى صدى في نفوس الرجال أنفسهم، فلا لوم على الآخرين إن تجاهلوها.

وقبل أن تتسرع الأم وأبناؤها في شراء رابطة عنق، أو ساعة يد، أو حذاء جلدي أنيق، للأب في عيده السنوي، فلا بد من اقتناص وقتٍ كافٍ للتفكير في الإجابة عن سؤال: هل هذا ما يحتاجه الأب فعلاً؟، ذلك إذا كانت لديهم رغبة حقيقية في جعل هذه المناسبة المنسية واقعاً ملموساً، وتحويل هذا العيد إلى يوم يتيم يحقق فيه الأب ما ينشده من أمنيات مؤجلة طيلة العام دون أن يملك الجرأة على البوح بها، فربما بهذه الطريقة فقط يشعرُ الأب بأن لوجوده قيمة، وبأنه يستحق بالفعل أن يتم الاحتفاء به في عيدٍ يتكرر كل عام.             

وإجاباتُ الآباء عن السؤال السابق قد تكون صادمة لمن لا يستوعب بساطة احتياجات الرجال، فقد تجد من يطالب بهدايا مثيرة للدهشة في هذه المناسبة، مثل تأجيل عرض فواتير الكهرباء أو الغاز، أو إيصال تصليح المصعد، أو طلب استدعاء ولي أمر من جانب المدرسة، أو المطالبة بمصاريف إضافية، حتى يرتاح بعد عودته من العمل، ويتناول الطعام، وربما أن يجد وقتاً ليمارس فيه هواياته مهما بدت غريبة وغير مقبولة لدى الزوجات، مثل اقتناص ساعات على المقهى مع الأصدقاء ولعب البلايستيشن، أو الجلوس لاستكمال قراءة كتاب أو كتابة موضوع أو رسم لوحة، دون أن يزعجه صياح الأبناء وعراكهم اليومي غير المبرر، ولعل الأب يطالب في هذا اليوم بساعة ليلية يتناول فيها فنجان قهوة داخل الشرفة، دون أن تختار زوجته ذات التوقيت لتشاركه الساعة وهي تجمع الثياب من على المنشر وتشكو جارتها التي قابلتها على أمام المصعد بوجه غير مبتسم.

وفي "عيد الأب" قد يحتاج الرجل إلى تطبيق مقولة: "يانحلة.. لا تقرصيني ولا عايز عسلك"، حيث لا يطمع في أن يعود من العمل، لينير الضوء، فيفاجئه احتفال صاخب، أو هدايا مُغلفة، ولكن تكون الهدية الفعلية التي يحتاجها أن يتركونه في سلام، دون أن يكون عليه أن يُفكر أو يَحسِب أو يُلام، بل يخلع نعليه وينزع "الفيشة" وينام.

Dr.Randa
Dr.Radwa