الخميس 25 ابريل 2024

أكاديمية ناصر العسكرية العليا وبناء العقول

مقالات18-6-2021 | 22:10

 ما أجمل أن ينتقل الأستاذ من مقعده إلى مقعد الطالب ولو لفترة قصيرة، فمجرد التفكير في ذلك يخلق في النفس سعادة وهدوء ويعيد المرء الي أيام مضت ولن تعود، أيام جميلة خالية من المسؤولية، ويزداد هذا الإحساس ويمتزج بشرف أن يكون ذلك داخل أحد منابر العلم العسكرية؛ ألا وهي أكاديمية ناصر العسكرية العليا.

ولأنني ابنا وحيدا لوالدي رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته فقد حرمت من شرف آداء الخدمة العسكرية، لذا سعدت كثيرا عندما علمت بالمصادفة من خلال أحد الأصدقاء الأعزاء ممن يشغلون منصبا قضائيا رفيعا عن إتاحة أكاديمية ناصر العسكرية العليا الفرصة للمدنيين للحصول على دورات بكلية الدفاع الوطني، فقد حصل للتو من خلال جهة عمله على أولى هذه الدورات، وعرض علي أن نذهب سويا لأتقدم بأوراقي، وبالفعل وفي تمام الساعة العاشرة صباحا وفي ميدان الدقي التقينا وتوجهنا إلى شارع عبد الرحيم باشا صبري والذي يبعد خطوات عن مكان التلاقي، وبطريقة منظمة لا تخلو من الجدية تقدمت باوراقي وبعدها تم التواصل معي وإبلاغي بقبولي للالتحاق بأولى هذه الدورات وهي دورة الاستراتيجية والأمن القومي.

وفي اليوم المحدد توجهت مبكرا وسددت الرسوم وقدرها ٥٠٠ جنيه فقط وتم إعلامي بمواعيد المحاضرات والتي ستنعقد في الفترة المسائية، وفي تمام الساعة الرابعة من اليوم المحدد لبدء المحاضرات كنت في رحاب الأكاديمية العريقة وبنظرة متفحصة متعمقة وجدت أن الدورات المخصصة للمدنيين عبارة عن ثلاث دورات تبدأ بدورة الدراسات الإستراتيجية والأمن القومي، وفي حالة اجتياز الدارس هذه الدورة يحصل بعدها على دورة إدارة الأزمات والتفاوض، تليها دورة صناع القرار، وجميع هذه الدورات مدتها شهر لكل دورة بواقع أربعة أيام أسبوعيا في الفترة المسائية.

أما بالنسبة لأعضاء هيئة التدريس فيتم اختيارهم من نخبة متميزة من ضباط القوات المسلحة حيث يكون المحاضر خريج الأكاديمية من إحدى كلياتها بتقدير لا يقل عن جيد جداً، كما يجب أن يكون من الضباط النابهين في مجال تخصصهم ومن القادرين على الإسهام النشط في كافة الجوانب العملية التعليمية، كما يشترط أن تتوافر لديه الخبرة الميدانية نتيجة الاشتراك في العمليات الحربية وشغل الوظائف الرئيسية في سلاحه وفي هيئات القيادة على المستويين الاستراتيجي والعملياتي، كما أن هناك شرط أخير هام وهو أن يكون قد سبق له العمل مدرساً في كلية القادة والأركان أو أحد المعاهد العسكرية، ولأن قواتنا المسلحة الباسلة لا تنسي رجالها المخلصين من القادة المتقاعدين فأنه يتم الاستفادة من خبراتهم للعمل أعضاء بهيئة تدريس الأكاديمية العسكرية العريقة . وخلال تلك الفترة تعلمت في رحابها معني الوطنية الحقيقية بدون شعارات رنانة أو عبارات براقة وما معني الالتزام وما معني الحب المجرد للوطن، تعلمت على يد نخبة منتقاه من القادة في مقدمتهم اللواء صالح إبراهيم سلامة الأب والمعلم بكل ما تحمل الكلمة من معان، كذلك لن أنسى اللواء هشام السماحي الذي يتعلم منه الدارس العلم والأخلاق معا، أيضا اللواء مصطفى كامل محافظ بورسعيد الأسبق موسوعة عسكرية نادرة حيث اسمه وسمعته تسبقه أينما ذهب.

إن أكاديمية ناصر العسكرية العليا بصفة عامة وكلية الدفاع الوطني بصفة خاصة ستظل مدرسة الوطنية للمدنيين يتعلمون فيها كيف يكون لهم خطة وفكر للمستقبل، كذلك إدارة الأزمات التي قد تعصف بهم للتحكم في مسار حياتهم بحكمة وعقل لضمان الوصول إلي بر الأمان، كذلك كيفية إتخاذ القرار السليم في الوقت السليم بأقل قدر من الخسائر وأكبر قدر ممكن من المكاسب، أيضا تتعلم كيف يكون لك هدف ورؤية محددة ، وكيف تصل إليها، إن ما تعلمته داخل أكاديمية ناصر العسكرية العليا في هذه الشهور القليلة لا يقل أهمية عما تعلمته خارجها.

وبهذه المناسبة أتمنى ألا يعين أو يتولي أي قيادي في الدولة منصبه إلا بعد الحصول على الدورات الثلاث في الاستراتيجية والأمن القومي وإدارة الأزمات والتفاوض وصنع القرار حتي نضمن من جانب تجديد خطابه الوطني من جانب ، وكذلك ضمان ولاءه لوطنه وتقليل فرصة وصول أعضاء الجماعة الإرهابية وأعداء الوطن للمناصب العليا من جانب آخر، وفي النهاية أوجه تحية احترام وتقدير لكل من ساهم في هذا الصرح الوطني الكبير.

Dr.Randa
Dr.Radwa