الجمعة 19 ابريل 2024

تحالفات قذرة

مقالات17-6-2021 | 17:45

  ‏التاريخ أحداث يصنعها العظماء بما يتضمنه من مواقف وعبر، فهو شعاع الماضى الذى ينير الحاضر والمستقبل، ويكمن عظمة من يصنعون أحداثه فى قدراتهم على استيعاب حركة التاريخ والوعى بأحداثه بعين ثاقبة واجتناب الوقوع فى أخطاء الماضي.

أما الأغبياء فقط الذين لا يقرأون التاريخ ولا يدركون حكمته هم فقط من يقعون فى أخطاء الماضى ولا يضعون فى الاعتبار بأن للتاريخ أنياب وأظافر.

 

من هذا الصنف آبى أحمد، رئيس وزراء أثيوبيا، فهو رجل لم يقرأ التاريخ ولا يعى أحداثه، وما هو سوى دمية فى يد من يحركونه ‏ولا يتعدى دوره مجرد كومبارس فى مسرحية هزلية رديئة، وفى الحقيقة أن سد النهضة ما هو إلا ساتر لمخططات جهّز لها من قبل بين الجانب الأثيوبى والجانب الصهيوني. وكان يعد لها العدة منذ فترة بعيدة، ‏وقد بدأت ملامحها بداية من هجرة يهود الفلاشة إلى إسرائيل مرورًا بالاتفاق المعلن بين أثيوبيا والموساد وما تمخض عنه جعل أثيوبيا مركزًا للتدريب من قبل جهاز الموساد، بالإضافة إلى التعاون العسكرى بينهم، وهو ما جعل أثيوبيا فى مقدمة الدول التى تستورد أسلحة من إسرائيل، بل لم يكن من سبيل المصادفة أن ترعى العناصر الإرهابية التى حاولت اغتيال الرئيس الراحل حسنى مبارك.

فالعداء ليس وليد اليوم وإنما له جذور بعيدة وهو ما أكده الجنرال الإسرائيلى السابق "بنيامين بيت هلاهمى" فى كتابه "تحالفات قذرة" أنه من أهم أهداف إسرائيل الثمانية من تحالفها مع إثيوبيًا هو خلق مصر ثانية فى القارة الإفريقية، أى بتحويل القوة العسكرية والاقتصادية الأثيوبية إلى قوة مضادة لمصر، وفى الحقيقة أن غباء الإدارة الأثيوبية تغافلت عن قاعدة راسخة بأن الماء البعيد لن يطفئ الحريق القريب. ويشهد التاريخ بأن الأغبياء هم فقط من يدركون الحكمة من هذه القاعدة ولكن بعد فوات الأوان.

 

ومن هنا تكمن عظمة وذكاء القيادة المصرية ممثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى استطاع بوعيه بحركة التاريخ وقراءة المشهد والنظر بعين الاعتبار لما هو قادم والإحاطة بكل ما يحاك فى جنح الظلام والتعامل بحرفية وهدوء وحكمة وقوة مع الأخذ فى الاعتبار التنامى بشكل متوازي للقوى العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية من إجهاض هذه المخططات، وهو ما جعل الجانب الصهيونى يعى فشل هذه المسرحية الهزلية ويعى مع مَن يتعامل.. بل ويدرك جيدًا أن القوه تمنح جناحيها لمن يستحقها، وأن الضعف يرفرف بجناحيه على الجبناء.