(دور التسويق المستدام فى نجاح المؤسسات)

إن التطورات السريعة التى حدثت للبيئة فى العقود الماضية ترتب عليها استنزاف الموارد الطبيعية وزيادة حجم السكان وسواء الأحوال الاجتماعية، فمازال أكثر من 800 مليون شخص تحت خط الفقر، وواحد من كل تسعة أشخاص فى العالم مازال يعاني من الجوع، والكائنات الطبيعية فى البحار والمحيطات مهددة من التلوث، وأكثر من نصف الغابات فى الأرض مهددة بالدمار، مما زاد الوعى العالمى نحو إيجاد حلول للمشاكل البيئية والاجتماعية بجانب النمو الاقتصادى وبالتالى ظهر مفهوم المستهلك الأخضر فى جميع الأسواق العالمية.

المستهلك الأخضر هو المستهلك الذى يمتلك القدرة على فهم واستيعاب مفاهيم البيئة، ولديه وعى كافٍ بالمخاطر المتعلقة بالبيئة والأضرار التى قد تلحق بها من عدم اتباع الصناعة النظيفة والمستدامة الصديقة للبيئة. المستهلك الأخضر أيضا نستطيع تعريفه بأنه الشخص الذى يصر على استخدام المنتجات الصديقة المصنعة بطرق صديقة للبيئة، ولا يلجأ للتعامل أو استخدام منتجات الشركات التى لا تتحمل مسئوليتها البيئية والاجتماعية والإنسانية للحفاظ على البيئة الطبيعية التي نحيا بها.

تسعى أى منظمة إلى الاستمرارية والحفاظ على عملائها، فواحد من أهم أهداف التسويق هو العمل على خلق عملاء دائمين، فالاهتمامات الرئيسية لعلم التسويق هو المستهلك والسوق ويتحقق ذلك بطرق مختلفة من بينها وأهمها على الإطلاق فى هذا العصر الذى ظهر فيه المستهلك الأخضر هو "التسويق المستدام" الذى يسعى إلى استدامة العملاء واستدامة المنتجات، مع الأخذ فى الاعتبار الحفاظ على الموارد. وعليه فدور التسويق ضمن هذا المنظور هو إعادة تشخيص العرض من حيث العادات، الحاجات ومتطلبات الاستهلاك مع الأخذ بأولويات التنمية المستدامة، وذلك بتسويق منتجات تحرص على البعد البيئى والاجتماعى ثم يأتى دور الترويج لأهمية المنتجات التى تتوافق مع أبعاد التنمية المستدامة.

استدامة العملاء: تتبنى الشركات والمؤسسات المختلفة الكثير من الاستراتيجيات التسويقية أملاً فى الوصول إلى عملاء أوفياء، التسويق المستدام يعمل على خلق نوع من الموازنة بين القضايا (الاقتصادية، الاجتماعية، والبيئية ) حيث يعمل على خلق أكبر قدر من القيمة للعملاء ابتغاء كسب ولائهم، وضمان استهلاكهم للسلع والخدمات التى تنتجها وتقدمها الشركة التى توجهت نحو فلسفة الاستدامة.

استدامة المنتجات: استدامة المنتجات أن ضمان عدم ضررها بالبيئة يحقق الهدف الأول، فعملاء هذه الشركة سوف يداومون ويحرصون على شراء منتجات الشركة إذا علموا بأنها تحرص على سلامة البيئة والمحافظة عليها وبالتالى المحافظة على عملائها بما تقدمه من منتجات.

ومن هنا نجد أن التسويق المستدام يستند إلى العمل على تخفيف المشكلات الاجتماعية والبيئية وتوحيد هذه الأهداف مع هدف علم التسويق الرئيسى فى إشباع حاجات ورغبات العملاء، نلاحظ أن هذه الاستراتيجية التسويقية لا تنحاز لجهة على أخرى، فهى تراعى تحقيق الربح لأصحاب المنظمات والمؤسسات الاقتصادية وتعمل على رعاية المجتمع وتنميته وتسعى إلى الحفاظ على النظام البيئى بشكل عام وهى المبادئ المنشودة من التنمية المستدامة.