الخميس 25 ابريل 2024

مصر واقتصاديات نهر النيل

مقالات1-6-2021 | 13:53

يرى الكثير من الاقتصاديين أن هناك ألوان ترمز للفروع المختلفة من الأنشطة الاقتصادية فهناك على سبيل المثال الاقتصاد الأخضر والذي يرمز للاقتصاد الذي يراعي البعد البيئي والتنمية المستدامة، وهناك الاقتصاد الأزرق والذي يمكن تبسيط مفهومه على انه الاستخدام المستدام والأمثل للموارد المائية للدولة سواء كانت أنهار أو محيطات أو بحار أو بحيرات أو غير ذلك من أشكال وصور المياه واستغلال هذه الموارد من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية مع الحفاظ على النظام البيئي .

مصر تتميز بموقع جغرافي فريد حيث الإطلالة على البحر الأحمر الفريد من نوعه في ثرواته السمكية والشعب المرجانية والبحر المتوسط وهو البحر الفاصل بين قارة أفريقيا وأوروبا وقناة السويس والتي تعتبر من أهم الممرات المائية التجارية فى العالم ونهر النيل وبعض البحيرات والمياه الجوفية .

إذا كان الاقتصاد الأزرق شكل من أشكال الاقتصاد فإن نهر النيل يشكل الحياة في مصر يبلغ إجمالي طول النهر 6650 كم (4132 ميل).

 ويغطي حوض النيل مساحة 3.4 مليون كم²، يبلغ طول نهر النيل في مصر حوالي 1500 كليو متر تقريباً وتتعدد أهمية نهر النيل في مصر ليس فقط لأنه مصدر المياه والزراعة الرئيسي ولكونه رمزاً تاريخياً للحضارة المصرية القديمة، بل لكونه مرتبط بأهمية كبرى في النشاط الاقتصادي حيث يقدر إجمالي المساحات المزروعة في مصر ما بين 8 إلى 10 ملايين فدان تقريباً وتوفر الزراعة ملايين فرص العمل المباشرة وغير المباشرة بخلاف أن الزراعة تؤمن احتياجات السوق المحلية فإنها تساهم بشكل فعال في صادرات مصر فقد بلغت صادرات مصر الزراعية حوالي 2.2مليار دولار تقريباً عام 2019 .

 كما أن هناك صناعات غذائية لابد من توافر مياه نقية لدخولها بشكل مباشر في الإنتاج وقد بلغت صادرات مصر من المنتجات الغذائية عام 2019 حوالي 3.4 مليار دولار، بالإضافة إلى مساهمة نهر النيل في الثروة السمكية حيث إنه وفقاً للإحصائيات الرسمية الصادرة من هيئة الثروة السمكية فقد بلغت إنتاجية مصر ككل 1.9 مليون طن تقريباً في عام 2020 وهذه الثروة تساهم بشكل  إيجابي في الاقتصاد المصري، هذا بالإضافة إلأى توليد الكهرباء من السد العالي كما يعد نهر النيل من عوامل الجذب في السياحة والسفر وخصوصاً في الأقصر وأسوان .

تبلغ حصة مصر من مياه نهر النيل 55.5 مليار متر مكعب سنوياً منذ سنوات كثيرة وهي نفس الحصة الحالية بعد وصول عدد سكان مصر الي أكثر من100 مليون نسمة ودخول مصر مرحلة الفقر المائي، وبالتالي اتجهت الدولة الي التفكير في حلول بديلة وغير تقليدية تحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف وتطبين الترع  وبالفعل تم التوجه بتأهيل 7 آلاف كم يتم الانتهاء منهم عام 2022، وسيجرى الانتهاء من تبطين أكثر من 20 ألف كم بحلول 2024، المشروع يعمل علي تطوير نظم الري مما قد يؤدي إلى رفع إنتاجية الفدان في العديد من القري المصرية كما انه يوفر هدر يقترب من 5مليار متر مكعب من المياه .

وفقاً للأرقام الرسمية فقد بلغ إجمالي التعديات على نهر النيل 58 ألف حالة تقريباً من عام 2015 وحتي مطلع عام 2021 وهو رقم كبير جداً، ومن هنا يجب القول أن لابد من تحسين التوعية المجتمعية في التعامل بما يتعلق بنهر النيل وحسن استغلال موارده .

كان من الممكن أن يكون هناك تعاون استراتيجي بين مصر وإثيوبيا لتعظيم القدرات وتبادل الخبرات وبحث سبل زيادة الموارد المائية لجميع الأطراف، ولكن التمادي الأثيوبي في التحدي لمصر سيؤدي إلى نتائج كارثية على إثيوبيا .

مصر دولة صناعة سلام ولكنها تبحث عن مصالحها وحقها في الحياة والبقاء كما أن هناك حقوق للأجيال القادمة في نهر النيل  ومصر تملك من القوة ما يكفل للحفاظ على مصالحها وأمنها المائي والإشارات المصرية واضحة وحاسمة في هذا الإطار لا سبيل لمصر سوى الحفاظ على موارد نهر النيل مهما كان الثمن.

Dr.Randa
Dr.Radwa