الخميس 25 ابريل 2024

جمال سلامة المظلوم إعلاميا

مقالات24-5-2021 | 13:17

سؤال..

هل لقي الموسيقار جمال سلامة في حياته الاهتمام الإعلامي الذي يستحق؟ الإجابة المؤكدة لا.

لم يكن الاهتمام الإعلامي يوما على قدر عطاء الرجل وإبداعاته، حتى في زخم نجاحاته المذهلة وبصماته المبهرة في تغيير شكل وروح ونبض الأغنية، عاطفية كانت أم وطنية أم دينية، وفي أوج اعتراف كبار المتخصصين بأن الأغنية في تنويعاتها الثلاثة، كانت قبل جمال سلامة بشكل وعند جمال سلامة بشكل آخر وروح أخرى، منحتها وهجا جديدا وحسا جديدا لامس كل الأذواق وكل الأجيال من أواخر السبعينيات وحتى الآن؟ وأزال عنها كل إحساس بالقدم.

رغم أنه هام عشقا بالقديم من فلكلور شعبي وتراث مصري، اختزن منه الكثير منذ طفولته في الإسكندرية ومنذ وجده في موسيقى والده المايسترو حافظ سلامة وسيمفونياته، وخطفه ذلك الثراء الذي يضيفه التوزيع الأوركسترالي للألحان المصرية البسيطة، فقرر ألا يكتفي بما درسه على يد أساتذة مصريين وأجانب بمعهد الكونسيرفتوار بالقاهرة، وقرر السفر إلي روسيا، ليمنح موهبته في التأليف الموسيقي وفي التلحين ذاك الأفق العالمي دون أن يبتعد عن الروح الشرقية والهوية المصرية، وعاد ليلفت الأنظار بقذائف غنائية حركت الساحة وحظيت بسرعة الرواج وطول البقاء معا، وهو ما يندر حدوثه في معادلات تلك السوق التي حولت الغناء إلي سلعة معبأة في شريط كاسيت وما حول ألحان جمال سلامة إلي ورقة رابحة عند الشركات والمطربين معا حيث المكسب السريع بفن محترم.

ما جعل الكبار قبل الشباب يلجأون إليه آمنين مطمئنين، فكان تعاونه مع صباح وشادية ووردة وياسمين الخيام، جنبا إلي جنب مع هاني شاكر ومحمد ثروت وسميرة سعيد وماجدة الرومي، وكانت نجاحاته مع الجيلين مدوية فبالتوزاي مع أغنية مثل ( ساعات ساعات) للفنانة صباح التي انتشرت في العالم العربي وخارجه وترجمت لأكثر من لغة وأصبحت واحدة من أكثر الأغنيات طلبا بين الجاليات العربية في العالم، تأتي أغنية ( قال جاني بعد يومين ) التي صنعت اسم سميرة سعيد وأغنية ( أنا مهما خدتني المدن) أشهر أغاني عماد عبد الحليم وظلت نجاحاته تتوالي بين الجيلين، ثم جاء دخوله علي الأغنية الوطنية ومن بعدها الأغنية الدينية –بطزاجة- روحه وحسه فمنحهما نفس القدرة علي الرواج والبقاء في ذاكرة الوجدان المصري، وأستحق أن يستحوذ علي احتفالات أكتوبر لأكثر من عشرين عاما وكذلك الاحتفالات بالليلة المحمدية.

فكانت أغنيات مثل ( مصر اليوم في عيد ) لشادية و(المصريين أهمه ) لياسمين الخيام و( يللي عاش حبك يعلم) لسمير الإسكندراني و( إن كان ع الحب مافيش غيرك) لهاني شاكر ومحمد ثروت وغيرها، وأغنيات مثل ( وحياة رب المداين) و( محمد رسول الله ) و( لا إله إلا الله) وغيرها، وفي أغاني المناسبات كانت أغنية ( والله بعودة يارمضان) تاني أشهر أغاني رمضان بعد رمضان جانا وأغنية (أهلا بالعيد) تاني أشهر أغاني العيد بعد يا ليلة العيد، وإنتاج غزير في مجال الأغنية وصل لأكثر من ألف أغنية، وفي الموسيقي التصويرية كان له أكثر من مئتي فيلم منها ( أريد حلا، أفواه وأرانب، المذنبون، الكرنك، حبيبي دائما، لا تبكي يا حبيب العمر، النمر الأسود، حدوته مصرية، المهاجر) وغيرهم، بالإضافة لعدد مماثل من المسلسلات منها المسلسلات الدينية( الإمام محمد عبده، الإمام الطبري، الإمام الترمذي، ابن حزم) وغيرها.

كل ذلك وأكثر إلا أن كل هذا الزخم وتلك النجاحات ومعها التكريمات والشهادات التشجيعية والتقديرية لم يوازيها ظهورا إعلاميا يساوي نصف أو ربع قدر هذا الرجل، وكان قليلا بل نادرا ما نراه مستضافا في الفضائيات المصرية بينما تحتفي به فضائيات أخرى، ربما لأنه كان معنيا بفنه فقط ولم يعتني بما يلهث وراءه الإعلام من فضائح وإشاعات وزيجات من شهيرات وغير شهيرات، أو ربما لأنه لم يستعمل لغة الأنا ولم يدعي زعامات ولم يدخل في صراعات وصدامات، واختار أن يعش محتفظا بجمال قلبه وروحه وطزاجة حسه الذي صاغ به أغنيات عاشت وسوف تعيش لسنوات وسنوات.

Dr.Randa
Dr.Radwa