الجمعة 26 ابريل 2024

محكمة العدل الإلهي

مقالات18-5-2021 | 12:53

لا أدري لماذا أتذكر هذه السهرة التليفزيونية التي شاهدتها منذ قرابة الخمسة والعشرون عاما كلما وجدت القانون الوضعي عاجزا عن القصاص من الظالم واقتلاع حق المظلوم من بين أنيابه.

 تلك السهرة التي تحتوي على أروع صور عدالة السماء، فبطلها يعمل محام بارع (وأغلب المحامين أساتذة أفاضل ومحترمين) حيث استغل معرفته بالقانون في الحصول على ما لا يستحق واستثمر جهل الآخرين به حتى وإن كانوا على حق.

 فتارة يظلم جاره المسكين ويلفق له قضية بسبب مشاكل الجيرة التي تسببت فيها زوجته، وتارة أخرى يلقي بزوج شقيقته في غيابة السجون لخلافات أسرية بينهما، فهو كما يقولون لا يستعصي عليه شيء، فكل مشكلة لها عنده حل، شقيق صديقه تاجر المخدرات الذي امتهن هذه المهنة الحقيرة منذ سنوات دافع عنه وحصل له على البراءة على الرغم من قتله أبرياء بهذه السموم.

 ابنة عمه التي تسب زوجها وتعنفه أمام الناس دون خوف أو خشية أقام لها دعوى طلاق للضرر استنادا إلى وقائع غير صحيحة وملفقة، أي تعامل مع أبنائه من مدرسيهم لتقويمهم يقابله محضر في قسم الشرطة أو شكوى بوزارة التربية والتعليم، أما زوجته فأي مشكلة مع أحد الجيران تتحول بسببها حياة الجارة المسكينة إلي جحيم وربما فكرت جديا في ترك منزلها درءا لشر هذه الزوجة الشرسة .

 هذا العمل الفني رغم مدته القصيرة إلا أنه استطاع أن يجسد معنى هاما  في حياتنا المعاصرة وهو الاستناد إلى نصوص القانون للحصول على ما لا يستحق وظلم الآخرين

العاملون في الحقل القانوني يعلمون جيدا أن أسهل وسيلة للقضاء على شخص هو نص القانون، تستطيع التلاعب للخروج من جريمة قتل أو سرقة بسبب خطأ في إجراءات القبض أو التفتيش أو بطلان الإذن الصادر من النيابة العامة أو قاضي التحقيق.

من الممكن أن تفصل موظف أو تدين بريء أو تتسبب في إفشال شخص أو القضاء عليه بالقانون ، تستطيع دهس الغلبان وطمس أدلة أدانتك . 

سهولة الالتفاف على النصوص والقوانين هو سبب البلاء الحقيقي ، النص القوي لا يقبل الالتفاف لذا أغلب النصوص قابلة للالتفاف لضعفها . هل تعلمون لماذا ؟ لأن بعض المشرعين لا يفقهون جيدا عملهم.

كثيرون من نواب البرلمان أفاضل ووطنيون ولكن أتمنى أن يكون للتشريع احتراما أكثر من ذلك من خلال تشديد شروط الترشح ويا حبذا لو كان المؤهل العالي هو الشرط الأساسي للمرشح.

 لذا جاء الحكم علي بطل قصتنا ليقول فيه القدر كلمته بالإعدام البطيء بالمرض اللعين.. هل نفعه قانونه الوضعي؟! هل استفاد من إجراءاته وعباراته المطاطة؟! هذه القصة درس لكل ظالم وبارقة أمل لكل مظلوم بأن المنتقم الجبار هو محامية وقاضيه العادل.

 القاضي في الأرض قد يخطئ ولكن قاضي السماء لا يعرف الخطأ أو الظلم.. سبحانك ربي ما أعدلك.

Dr.Randa
Dr.Radwa