السبت 20 ابريل 2024

المسرحي السوري «سعد الله ونوس».. المثقل بهموم الإنسان والمحكوم بالأمل

المسرحي سعد الله ونوس

ثقافة16-5-2021 | 08:59

همت مصطفى

الكاتب العربي والمؤلف المسرحي السوري " سعد الله ونوس"، هو أحد الملوك الذين نراهم يجلسون عاليا بعرش المسرح العربي، و أحد أبرز الأصوات العربية في المسرح في القرن العشرين ويستكمل رحلته معنا دومًا رغم الرحيل حيث مازالت تقدم نصوصه المسرحية كثيرًا بمختلف خشبات المسرح ببلادنا مصر والعالم العرب.

 

ظل " سعد الله ونوس" طوال رحلته بالحياة يكتب كصوت بارز وقوي للمقاومة والنضال بمختلف مؤلفاته وكل ما خطه قلمه الذي كان دوما معبرا ومثقلًا بقضايانا وهمومنا العربية والإنسانية .

https://back22.darelhilal.com/Media/News/2021/5/16/2021-637567409345846430-584.jpg

ولد المؤلف المسرحي السوري "سعد الله ونوس" في قرية "حصين البحر"، قرب مدينة طرطوس على الساحل السوري، في عام 1941،وكان أول كتاب اقتناه " سعد الله ونوس هو "دمعة وابتسامة" للأديب العربي المبدع جبران خليل جبران، وكان عمر" ونوس "حينذاك 12 سنة، ثم نمت مجموعة كتبه التي طالعها وتنوعت ما بين الأدباء العرب الكبار من بينهم طه حسين، عباس العقاد، ميخائيل نعيمة، نجيب محفوظ، يوسف السباعي، إحسان عبد القدوس وغيرهم .

https://back22.darelhilal.com/Media/News/2021/5/16/2021-637567412037468462-746.jpg

وحصل "نوس "على الشهادة الثانوية في عام 1959 في قريته ، ليسافر بعد ذلك  إلى مصر في نفس العام في منحة دراسية، ليدرس الصحافة في كلية الآداب ، جامعة القاهرة ،وفي عام 1961 أثناء دراسنه  شهد " عبد الله ونوس " حدث الانفصال الوحدة بين سوريا ومصر مما سبب له ألما وكان له كحدث عظيم سبب له صدمة شخصية كبيرة  فدفعه إلى أن يكتب أولى مسرحياته  بعنوان "الحياة أبداً" ،ومن ثم عاد  بعدها إلى دمشق وكان يعمل في مجلة المعرفة،وفي عام 1992 كتب " سعد الله ونوس "كتب مقالاًفي مجلة (الآداب) حول الوحدة والانفصال، ومقالات في جريدة (النصر) الدمشقية ، وفي عام 1963 حصل " ونوس " على الليسانس، وقدم دراسة نقدية طويلة عن رواية "السأم"و ألقى في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق سلسلة محاضرات تحت عنوان (في البحث عن مسرح عربي).

https://back22.darelhilal.com/Media/News/2021/5/16/2021-637567413347497698-749.jpg

وغادر" سعد الله ونوس " في عام 1966 إلى باريس ليدرس الأدب المسرحي في معهد الدراسات المسرحية التابع لجامعة السوربون. وعاد ثانيةً إلى دمشق ومنها إلى باريس ليسهم في الدفاع ،والتعريف بالقضية الفلسطينية، ليرجع إلى دمشق ويعمل مديرًا للتحرير في مجلة أسامة للأطفال.

عمل "ونوس" محررًا في صحيفة السفير اللبنانية في عام 1975، وبعد اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عاد إلى دمشق وأدار مسرح القباني وعمل مع المخرج المسرحي فواز الساجر وأسسا معًا المسرح التجريبي ، وتولى " سعد الله ونوس " في عام 1977 إدارة تحرير مجلة الحياة، المختصة بأمور المسرح حتى عام 1988.

https://back22.darelhilal.com/Media/News/2021/5/16/2021-637567406658420415-842.jpg

قدم " سعد الله ونوس العديد من مؤلفات  في القصة والروايات بينما اشتهر وعرف للعالم العربي والعالم كله بمؤلفاته للمسرح فقدم الكثير من النصوص المسرحية التي قدمها الكثير من المسرحيون بمختلف الدول وفي مقدمة هذه الدول " مصر ومن مسرحياته (فصد الدم 1964،و صدر أول مجموعة له من المسرحيات القصيرة عن وزارة الثقافة تحت عنوان (حكايا جوقة التماثيل) 1965، وقدم"عندما يلعب الرجال" 1968 ، حفلة سمر من أجل خمسة حزيران 1968 الفيل يا ملك الزمان1969 مغامرة رأس المملوك جابر 1971،وقدم  ترجمة كتاب (حول التقاليد المسرحية) 1976 ، الملك هو الملك 1977 رحلة حنظلة من الغفلة إلى اليقظة  1978.

https://back22.darelhilal.com/Media/News/2021/5/16/2021-637567412883337611-333.jpg

وتوقف " عبد الله ونوس "عن الكتابة بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982، وعاد  ليكتب  العديد من المسرحيات  من جديد للمسرح  فقدم  مسرحية" "الاغتصاب" 1990 والتي تصور الصراع العربي الإسرائيلي، إلى جانب "منمنمات تاريخية"1994 و "طقوس الإشارات والتحولات"1994 و "أحلام شقية"1995، "يوم من زماننا" 1995 وأخيرًا "ملحمة السراب" 1996، و"بلاد أضيق من الحب" 1996، رحلة في مجاهل موت عابر 1996 الأيام المخمورة 1997.

https://back22.darelhilal.com/Media/News/2021/5/16/2021-637567412268294358-829.jpg

منح المسرحي" سعد الله ونوس" الجائزة على مجموع أعماله المسرحية، مع التنويه بمسرحياته الأربع التالية: حفلة سمر من أجل 5 حزيران، سهرة مع أبي خليل القباني، مغامرة رأس المملوك جابر، الملك هو الملك ، وذلك لما تحققه هذه الأعمال من تأصيل لصيغة مسرح عربي يفيد أولًا من تراث الأمة العربية تاريخًا، أو أسطورة، أو حكاية، ويفيد ثانيًا من التراث المسرحي الإنساني، قديمه وحديثه موظفًا بشكل خاص أساليب المسرح الملحمي، والمسرح داخل المسرح، في قالب بذل جهد كبيرا فيه حتى يتحدى الإيقاع الدرامي ضمن هدف خلق مسرح عربي جديد، ويتعامل مع الواقع العربي برؤية واضحة ومختلفة مغايرة من الناحيتين النظرية والعملية، واعية لدور المسرح في تعميق الإحساس الجماعي بالمصير التاريخي.

 

وتم تكريم "ونوس" في العديد من المهرجانات منها مهرجان القاهرة التجريبي 1989، مهرجان قرطاج المسرحي، كما نال العديد من الجوائز منها جائزة السلطان العويس الثقافية .

https://back22.darelhilal.com/Media/News/2021/5/16/2021-637567410172074787-207.jpg

وقبل رحيل المسرحي "سعد الله ونوس " بعام انتخب "ونوس " لكتابة كلمة يوم المسرح العالمي، وهذه الكلمة يكتبها كل عام أشهر مسرحيي العالم وختم ونوس كلمته بجملته الشهيرة التي بقيت على كل لسان ومازال يرددها المسرحيون في مختلف الدول العربية بمختلف الأجيال : "إننا محكومون بالأمل، وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ".

 

وكان " سعد الله ونوس في عام 1992 تبعا لتشخيص الأطباء ورمًا أصيب بسرطان البلعوم وقد توقعوا الأطباء مفارقته للحياة خلال ستة أشهر، لكنه ناضل وكافح المرض واستمر بالكتابة لخمس سنوات لاحقة، ووصف القوي المبدع " ونوس" أثر الواقع العربي والحروب وبالتحديد حرب الخليج على إصابته بالسرطان قائلًا: " أشك معها في أنها كانت السبب المباشر لإصابتي بمرض السرطان، وليس مصادفة أن يبدأ الشعور بالإصابة بالورم أثناء الحرب والقصف الوحشي الأمريكي على العراق".

 

ومن الجدير بالذكر أنه في عام 1997 طلبت اللجنة المنظمة لجائزة نوبل للآداب من إدارة اليونسكو للتربية والثقافة والعلوم إبلاغ المسرحي السوري المبدع " سعد الله ونوس" بنيله جائزة نوبل للآداب وذلك عن ترشيح المجمع العلمي بحلب في سورية ثم أجمعت على صحة الترشيح الأكاديميتان الفرنسية والسورية، لكن الموت غيّب ونوس قبل أيام قليلة من هذا الخبر فلم ينل الجائزة.

 

و رحل عن عالمنا رسول الأمل والمحكوم به "سعد الله ونوس" في 15 مايو 1997، لكنه بقى بكل ما خطه بقلمه ومخلفًا إرثًا كبيرًا من المسرحيات التي تقدم كثيرا ليومنا هذا على خشبات مسارحنا بمختلف الدول العربية، وقدم الروايات والقصص القصيرة التي ترجم الكثير منها إلى عدة لغات حول العالم .

https://back22.darelhilal.com/Media/News/2021/5/16/2021-637567426324355573-435.jpg