السبت 20 ابريل 2024

عيد الفطر.. رسائل ودلالات

مقالات8-5-2021 | 11:51

تحمل الأعياد الدينية أبعادا روحية ودلالات معنوية تعين الفرد على التعامل مع التحديات، إذ إنها تشبه استراحة مقاتل ما بعد خوض معركة تحد، فتأتي الأعياد لتدخل البهجة والفرحة إلى النفوس وتمنح الراحة والسكينة إلى الجسد.

والحقيقة أنه رغم فهم العديدون لهذه الدلالات وتلك الرسائل التي تحملها الأعياد كمناسبات دينية بل ووطنية أيضا، إلا أن الممارسات والسلوكيات لا تتسق مع هذا الفهم السليم، وهو ما يحتاج أن نسجل ثلاث ملاحظات تحمل رسائل ودلالات يأتي بها عيد الفطر كل عام، شأنه في ذلك شأن بقية الأعياد في مختلف الديانات، وهي:

الرسالة الأولى، أن ثمة تباين بين الاحتفال بعيد ديني وعيد وطني، صحيح أن الاثنين يحملان بعدا إيجابيا في إدخال البهجة والسعادة على المواطنين، إلا أن العيد الوطني يحتفل به بشأن ذكرى سابقة حقق فيها الوطن إنجازات ونجاحات على غرار الاحتفالات التي تقيمها كل الدول بمناسبة نصرها في حروب ومعارك خاضتها في لحظات تاريخية معينة.

 أما العيد الديني إنما يأتي عقب عمل شاق أو تكليف إلهي، فيأتي العيد ليعبر عن الراحة والسعادة فعلى سبيل المثال تأتي معظم الأعياد الدينية عادة بعد صيام لمدة زمنية معينة، وهذا الصوم إنما يمثل تكليف إلهي مذكور في مختلف الأديان والرسالات، بل يرى البعض أن كل مخلوق يصوم بنظام يتناسب مع طبيعته.. وإن كان هذا لا مجال للنقاش بشأنه.

الرسالة الثانية، طالما أن العيد الديني يأتي بعد تكليف إلهى يتحمل الإنسان فيها مسئولية كبيرة في أداء التكليفات على الوجه الأكمل، فيستحق أن يسعد بهذا العيد، شريطة أن يكون مخلصا في أداء التكليف بل وحريصا على أداءه على النحو الواجب، أما أن يأتي العيد ولم يقم الفرد بمسئوليته في أداء التكليفات، لن يكن للعيد أهمية تذكر عن هذا الفرد، إذ ينظر إليه شأنه شأن بقية أيام العام.

 ويعطينا ذلك رسالة مهمة أن التكليف سواء أكان إلهيا أو بشريا لأداء مهمة معينة يجب أن يراعى مدى ملاءمته لقدرات المكلفين دون أعباء زيادة حتى يتمكن الفرد من أن يأتي بالتكليف على الوجه الأكمل والأكفأ.

الرسالة الثالثة، تتعلق بمردودات الأعياد على المجتمعات كما أن لها مردودات على الأفراد، إذ تسهم مثل هذه الأعياد في تعزيز التقارب المجتمعي وتعميق اللحمة الوطنية بين أبناء المجتمع الواحد.. صحيح أن الاحتفال بالعيد هذا العام والعام السابق جاء في ظل ظروف عالمية تفرض المزيد من التباعد واتخاذ الإجراءات الاحترازية إلا أن التطور التكنولوجي أوجد بدائل للتواصل المجتمعي تعوض ما يواجهه المجتمع من تحديات.

نهاية القول إن عيد الفطر هذا العام كما هو العام الماضي شأنه شأن أعياد شركاء الوطن من المسيحيين، جاء في ظل استمرار تفشى جائحة كوفيد 19 بما قد يقلل من مظاهر الاحتفالات التي تشهدها مثل هذه الأيام، إلا أنه يظل مناسبة دينية ترسخ المزيد من التعاضد المجتمعي والتماسك الأهلي في مواجهة التحديات سواء أكانت طبيعية (الجائحة نموذجا) أو بشرية (الإرهاب نموذجا).